الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يسعى إلى زيادة الضغط على إيران عبر فرض عقوبات مشددة تهدف إلى تقليص إيرادات النفط الإيراني، لكن مجموعة من ناقلات النفط القديمة التي تجمعت شرق ماليزيا، لنقل مليارات الدولارات من النفط الخام الإيراني الخاضع للعقوبات إلى الصين، تبرز حقيقة أن هذه المهمة أصعب بكثير من أن تكون مجرد تصريحات.
وحللت وكالة «بلومبرغ» صور الأقمار الصناعية وبيانات تتبع السفن على مدى خمسة أعوام، وأجرت مقابلات مع خبراء في مجال الأمن البحري والنفط، ثم أبحرت إلى بحر الصين الجنوبي لرسم صورة دقيقة لما بات يُعد اليوم أكبر تجمع لناقلات النفط المظلمة في العالم.
وكشفت التحقيقات أن نحو 350 مليون برميل من النفط نُقِلَت عبر هذه المنطقة في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، وكان معظمها من النفط الإيراني، وعلى الرغم من أن هذا التبادل التجاري ليس غير قانوني، نظراً لعدم اعتراف بعض الدول في المنطقة بالعقوبات الأميركية، فإن هذه التجارة تهدد بشكل غير مباشر الاقتصادات الساحلية وسبل العيش، وقد وقعت حوادث بالفعل.
يخشى مالكو السفن الشرعية من المخاطر التي تهدد أسطولهم نتيجة الأعداد الكبيرة من السفن غير المؤمن عليها التي تمر عبر الممرات المائية المزدحمة مثل هذه المنطقة، الواقعة بالقرب من مضيق ملقا، إذ غالباً ما يتم إيقاف أجهزة الإرسال.
لكن لماذا تنقل هذه السفن النفط الخاضع للعقوبات بشكل علني رغم هذه المخاطر؟ السبب جزئياً هو اقتصادي ببساطة، إيران بحاجة إلى المشترين، والمصافي الخاصة في الصين تحتاج إلى النفط الرخيص، كما أن الموقع الجغرافي لهذه المنطقة يتيح لها الاستفادة من المياه الهادئة طوال العام، فضلاً عن وجودها على بعد مسافة صغيرة من المياه الإقليمية، ما يجعل تطبيق القوانين البحرية أمراً صعباً.
أما في الجانب الجيوسياسي، فإن الصين لا تعترف بالعقوبات الأميركية على إيران، ودول جنوب شرق آسيا تفخر بقدرتها على التوازن بين المصالح الصينية والغربية، ومع ذلك تتمثل النقطة الأساسية في أن هذه التجارة تظل مرنة للغاية، إذ تعتمد على الوسطاء والشركات الوهمية المتلاشية بسرعة، وفي نهاية المطاف على العديد من المصافي الصغيرة الخاصة في الصين.
إدارة ترامب القادمة يمكنها أن تواصل الضغط على الدول الساحلية والصين، وقد تشدد من الإجراءات، لكن العوامل الاقتصادية والجغرافية والجيوسياسية التي تحافظ على استمرار هذه الأساطيل البحرية المظلمة لن تتغير في المستقبل القريب.