مع اقتراب انتهاء عقد عبور الغاز بين أوكرانيا وشركة «غازبروم» الروسية في 31 ديسمبر، تستمر بعض الدول الأوروبية في الاعتماد على الغاز الروسي؛ ويرجع ذلك جزئياً إلى أسعاره التنافسية مقارنة بالغاز الطبيعي المسال القادم من الولايات المتحدة.
على الرغم من الجهود الأوروبية لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، شهد عام 2024 زيادة في الواردات مقارنة بالعام السابق. ارتفعت حصة الغاز الروسي في إجمالي الواردات الأوروبية إلى 18%، مقارنة بـ14% في عام 2023، ووصلت في بعض الأشهر إلى قرابة 20%.
هذا التناقض الواضح في السياسة الأوروبية ينبع من استمرار بعض الدول في شراء الغاز الروسي؛ بسبب تكلفته المنخفضة مقارنة بالبدائل. نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، صرّح مؤخراً بأن «الغاز الروسي أكثر جاذبية من حيث السعر واللوجستيات».
أظهر العام الحالي تحولاً في إستراتيجية أوروبا، إذ زادت وارداتها من الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب بنسبة 19% خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024، وفقاً لمعهد «بروغل». كما شهدت واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي ارتفاعاً قياسياً، حيث بلغت أكثر من 17 مليون طن هذا العام مقارنة بـ15.2 مليون طن في 2023.
تُعقد هذه الديناميكية السياسية والاقتصادية بفضل العلاقات الوثيقة لبعض الحكومات الأوروبية مع موسكو، مثل هنغاريا وسلوفاكيا، التي تعرقل الجهود المشتركة للتخلي عن الغاز الروسي.
يمثل انتهاء عقد العبور بين أوكرانيا و«غازبروم» تحدياً جديداً، إذ يمثل هذا الخط 5% من إمدادات الغاز الأوروبية في 2024، بعد أن كان 11% في 2021. ومع ذلك، فإن الغاز الذي يعبر أوكرانيا يخدم بشكل رئيسي سلوفاكيا، بينما تستورد هنغاريا الغاز الروسي عبر خط «تورك ستريم»، وتلجأ بولندا إلى الغاز الطبيعي المسال.
في حين تعتزم كييف إنهاء العقد بحلول العام الجديد، فإنها فتحت باب التمديد بشرط تأجيل المدفوعات لروسيا حتى انتهاء الحرب.
تواجه أوروبا خيارين للتعامل مع الموقف: إما العثور على مشترين جدد للغاز الروسي أو تعويض الخسائر بالاعتماد على الغاز الطبيعي المسال، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة.
وفقًا لمعهد «بروغل»، فإن تأثير توقف الغاز عبر أوكرانيا قد يكون محدوداً، بفضل مخزونات الغاز الممتلئة في أوروبا وقدرة بعض الدول، مثل جمهورية التشيك، على إعادة تصدير الغاز إلى دول الجوار.
من جانبه، تعهد المفوض الأوروبي الجديد للطاقة، دان يورغنسن، بالكشف عن خطة في العام المقبل تهدف إلى إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي. ولكن حتى ذلك الحين، يبدو أن الغاز الروسي سيظل جزءاً من المعادلة الأوروبية، سواء عبر أوكرانيا أو بطرق بديلة.
يبقى احتمال ارتفاع الأسعار قائماً، خاصة مع زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن مشاريع الطاقة الجديدة في الولايات المتحدة وقطر وأفريقيا قد توفر بدائل بحلول عام 2027، ما يعيد التوازن إلى سوق الطاقة في أوروبا.