logo
الاقتصاد الأخضر

بالصواريخ و«الدرونز».. هكذا تستفيد إيران من سوق بمليارات الدولارات

بالصواريخ و«الدرونز».. هكذا تستفيد إيران من سوق بمليارات الدولارات
طائرات إيرانية بدون طيار من طراز «شاهد – 136» أثناء عرض عسكري في طهران يوم 21 سبتمبر 2024المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:3 أكتوبر 2024, 12:19 م

منذ أن بدأت المواجهة العسكرية المباشرة بين إيران وإسرائيل، أولاً بهجوم إيراني بالصواريخ والمسيرات في أبريل، ومن ثم هجوم يوم الثلاثاء بنحو 200 صاروخ، لفتت القدرات العسكرية الإيرانية أنظار الكثيرين، وسط حديث عن سعي طهران للظفر بحصة في سوق الأسلحة منخفضة التكلفة التي تشهد طلباً كبيراً، ونقصاً في ظل انشغال روسيا بحربها مع أوكرانيا.

في صيف 2023، عرضت إيران أول صاروخ باليستي فرط صوتي محلي الصنع، واصفة الحدث بـ«القفزة العظيمة في مجال الصواريخ». وتزعم طهران أنها تمتلك صناعة دفاعية ناجحة تنخرط فيها آلاف الشركات، على الرغم من عقود من العقوبات الاقتصادية.

وكانت أكدت في مارس الماضي، أنها باتت تتمتع بالاكتفاء الذاتي في إنتاج محركات الطائرات بدون طيار (درونز)، وأن صادراتها من الأسلحة تضاعفت 5 مرات في العامين الماضيين.

أخبار ذات صلة

كيف تتفاعل الأسواق العالمية مع الصورايخ الإيرانية على إسرائيل؟

كيف تتفاعل الأسواق العالمية مع الصورايخ الإيرانية على إسرائيل؟

 ورغم أن إيران استطاعت تعزيز صناعاتها الدفاعية، فإن عدداً كبيراً من المحللين العسكريين الغربيين يعتقدون أنها «تبالغ أحياناً في قدراتها الصاروخية»، مع العلم أن إيران تحيط برامجها العسكرية بشكل عام، بسرية تامة.

سلاح رخيص دون قيود

لم تكن التقارير الإعلامية بشأن بيع الطائرات الإيرانية بدون طيار من طراز «مهاجر – 6» (Mohajer-6) إلى القوات المسلحة السودانية، أو «شاهد – 136» (Shahed-136) إلى روسيا، مفاجِئة بالنسبة إلى أولئك الذين يتابعون مبيعات الأسلحة الإيرانية عن كثب. ففي السنوات الأخيرة، زادت إيران وتيرة مبيعاتها ونقلها للطائرات بدون طيار إلى أجزاء مختلفة من العالم، بما في ذلك إثيوبيا وبوليفيا وفنزويلا. كما أنها في طريقها لأن تصبح مصدّراً هاماً للأسلحة على مستوى العالم، وفق ما ذهب إليه تحليل لـ«المجلس الأطلسي» (Atlantic Council)، المؤسسة البحثية الأميركية ومقرها واشنطن، خصوصاً أن دولاً إضافية «مهتمة بشراء هذه القدرات»، بحسب تصريحات المسؤولين الإيرانيين.

ثمة عوائد اقتصادية تجنيها إيران في هذا الصدد، إذ تشير التقديرات إلى أن تكلفة طائرة «شاهد – 136»، تتراوح بين 20 ألف دولار و40 ألفاً. لكن وثائق مسربة كشفت في فبراير الماضي، أن روسيا تدفع أكثر من ذلك بكثير.

تتمتع أسلحة إيران بميزة تنافسية مقارنة بأسلحة المصنّعين التقليديين. فالطائرات الإيرانية بدون طيار، والقدرات العسكرية الأخرى، تعدّ أرخص من أسلحة الغرب. علاوة على ذلك، لا توجد لدى إيران قيود سياسية أو قانونية تمنعها من بيع الأسلحة في جميع أنحاء العالم، وقد سمح لها هذا الوضع بزيادة مبيعاتها بشكل كبير، ولا سيما إلى البلدان التي تواجه صعوبة في الحصول على الأسلحة الغربية، مثل تلك المتورطة في صراعات عسكرية أو حروب أهلية.

أخبار ذات صلة

روسيا: اتفاق تعاون شامل مع إيران "قريباً جداً"

روسيا: اتفاق تعاون شامل مع إيران "قريباً جداً"

 كما أن أسلحة إيران تُختبر في ساحات المعارك، سواء من خلال استخدام روسيا لها في الحرب ضد أوكرانيا، أو من خلال الاعتماد عليها من قبل الميليشيات المدعومة من طهران، مثل «حزب الله» اللبناني، وجماعة الحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق.

هناك عامل آخر، يتمثل في الفراغ الذي خلّفته روسيا في سوق السلاح العالمية، والتي تشير تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن قيمتها الإجمالية بلغت 127 مليار دولار على الأقل في عام 2021، وذلك جرّاء الصعوبات التي أفرزتها الحرب في أوكرانيا، ما عزّز من جاذبية الأسلحة الإيرانية للبلدان التي كانت تعتمد في السابق على الإمدادات الروسية.

«درونز» وصواريخ متقدّمة

لدى إيران ركيزتان أساسيتان في استراتيجية استعراض القدرات العسكرية. فإلى جانب الطائرات بدون طيار، تبرز الصواريخ كأحد تخصصات صناعة الأسلحة الإيرانية، حيث تمتلك طهران عدداً كبيراً من النماذج المختلفة، أظهرت القدرة على الوصول إلى مناطق بعيدة عنها جغرافياً، مثل إسرائيل.

الفئة الأكثر تقدماً هي تلك المكونة من صواريخ «فاتح» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، إلى جانب صواريخ «خيبر» التي يصل مداها إلى 2000 كيلومتر، وصواريخ «شهاب» الأقدم ضمن الصواريخ الإيرانية.

وبحسب البيانات الرسمية، فإن الصاروخ الفرط صوتي «فاتح»، يصل مداه إلى 1400 كيلومتر، وهو «قادر على اختراق الأنظمة المضادة للصواريخ الباليستية الأكثر تقدماً»، بما في ذلك «القبة الحديدية» الإسرائيلية الشهيرة. أما بالنسبة إلى السرعة، فيُقدر الحد الأقصى بـ14 ماخ (15 ألف كيلومتر في الساعة)، وهو ما يكفي لبلوغ إسرائيل في دقائق معدودة.

يستفيد برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني من دعم النخب العليا في البلاد. وقد تم إطلاق البرنامج من قبل الحرس الثوري، الذي يشكل الذراع الأيديولوجية للقوات المسلحة الإيرانية. ويتم تمويل البرنامج من قبل شريحة واسعة من المقاولين في مجال الدفاع المرتبطين بالحكومة، ما يتيح شراء وإنتاج ونشر أنظمة الصواريخ والتكنولوجيا ذات الصلة.

عقوبات غربية جديدة

تعد منظمة الصناعات الدفاعية الإيرانية (DIO)، الجهة المسؤولة عن ضمان الاستقلال التشغيلي لإيران، من توريد رصاصة (طلقة) بسيطة إلى إنتاج أسلحة متطورة. ويُرجح وجود 200 إلى 240 موقع إنتاج مخصصاً لهذه المهمة في إيران وفي دول أخرى، كسوريا وطاجيكستان وفنزويلا، تستخدم مكونات مصنوعة في إيران وأخرى أجنبية، بحسب موقع «جي آي إس» (GIS) المتخصص في الدراسات الجيوسياسية.

في أبريل الماضي، ورداً على هجوم استهدف إسرائيل، أطلقت الولايات المتحدة في جهد منسق مع بريطانيا وكندا، موجة جديدة من العقوبات تستهدف صناعة الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية. طالت العقوبات أكثر من 12 كياناً وأفراداً وسفناً لها صلة بدعم تصنيع وبيع الطائرات الهجومية الإيرانية بدون طيار، فضلاً عن الناقلات المستخدمة لنقل النفط الإيراني إلى الصين وأماكن أخرى لتمويل جهود الصناعات الحربية.

في قلب العقوبات المعلنة، كانت ثمة شركة واحدة، تملك وفقاً لمسؤولين أميركيين، شبكة معقدة من الشركات تدعم صناعة الطائرات الإيرانية بدون طيار. الشركة التي تدعى «صحرا ثاندر» (Sahara Thunder)، قالت الولايات المتحدة إنها «تلعب دوراً رئيساً في تطوير وتصنيع وبيع آلاف الطائرات الإيرانية بدون طيار». ويُعتقد أن الشركة تلقت عقداً بقيمة 1.75 مليار دولار لتوريد آلاف الطائرات بدون طيار إلى روسيا، للاستخدام في حربها مع أوكرانيا.

من الحرب الإيرانية-العراقية إلى الإنترنت المظلم

برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني هو نتاج تجارب طهران خلال الحرب الإيرانية-العراقية، والتي أجبرت النظام الناشئ آنذاك، على ضرورة الردع والاعتماد على الذات.

في عام 1979، وبعد اندلاع الثورة في إيران، تم استثناء العلماء الإيرانيين من برامج البحث الدولية، وكان الوصول إلى المؤتمرات والتبادل العلمي محدوداً جداً. فتم ملء الفجوة في مختبرات البحث والتطوير، عبر الاستعانة بعلماء أجانب، كان أشهرهم عبد القدير خان، مهندس البرنامج النووي الباكستاني، الذي ساعد إيران في إطلاق برنامجها النووي الخاص. كما وظّفت طهران مهندسين من دول حلف وارسو سابقاً.

أما الآن، فقد حرّر الإنترنت و«الويب المظلم»، المهندسين الإيرانيين من قيود التنقل الجغرافي، وباتوا يجمعون المعلومات من مكاتبهم في طهران.

المعلومات الأكثر قيمة، تتأتى في ساحات القتال الشرق-أوسطية التي انخرطت فيها القوات الإيرانية منذ أحداث ما سُمي بـ«الربيع العربي» عام 2011. إذ يقوم ضباط جهاز الاستخبارات الإيراني بتمشيط مناطق الصراع، بحثاً عن معدات عسكرية، حتى لو كانت مدمرة جزئياً.

هذه المصادر غير الخاضعة للرقابة، مكّنت الإيرانيين من جمع بقايا طائرات بدون طيار إسرائيلية وأميركية أُسقطت في سوريا، لتُشكّل مصدراً رئيساً للمعلومات بالنسبة إلى المهندسين الإيرانيين. وفي أفغانستان، منحت طالبان طهران الإذن باستخدام المعدات الأميركية، وفق معلومات نشرها موقع «جي آي إس»، الذي كشف أن جميع البيانات الفنية تتم معالجتها من قبل وزارة الدفاع الإيرانية، حيث يتم تفكيك الهياكل ووضع الخطط لنسخ أكثر الابتكارات التقنية قيمة. فمثلاً، تتطابق طائرة الاستطلاع بدون طيار «شاهد – 171» التي عرضتها إيران في عام 2014، تقريباً، مع طائرة «لوكهيد مارتن آر كيو-170» (Lockheed Martin RQ-170) الأميركية.

تقليد وتعديل التكنولوجيا الغربية

كما عبّر مسؤولون غربيون عن قلقهم من أن روسيا قد تشارك الإيرانيين الأسلحة والمعدات غربية الصنع التي تم الاستيلاء عليها في ساحة المعركة الأوكرانية. وقد أثبتت «منظمة أبحاث التسلح في الصراعات» (CAR)، ومقرها المملكة المتحدة، أن طائرات «شاهد – 136» بدون طيار التي باعتها إيران إلى روسيا، تعمل بمحرك يعتمد على التكنولوجيا الألمانية، وذلك من خلال الفحص التفصيلي للمكونات التي عُثر عليها في أوكرانيا. ويؤكد ما تم التوصل إليه، قدرة إيران على تقليد وتعديل التكنولوجيا العسكرية.

ثغرات تكبّل إيران

وفقاً لتقرير صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأميركية حول القوة العسكرية الإيرانية، فإن إيران «تستمر في الاعتماد على المورّدين الأجانب للحصول على مكونات وتقنيات صاروخية حاسمة». كما أن سرعة تطوير برنامج إيران الصاروخي لم تكن ممكنة، لولا المساعدات الأجنبية واسعة النطاق، ولا سيما من كوريا الشمالية وروسيا والصين.

وبحسب تحليل لموقع «إيران ووتش» (Iran Watch)، تعتمد معظم محركات الصواريخ الباليستية متوسطة المدى ومركبات الإطلاق الفضائي الإيرانية، على التصميمات الكورية الشمالية المشتقة هي نفسها من التكنولوجيا السوفياتية، في حين أن صواريخ «كروز» الإيرانية المضادة للسفن، مستوحاة من النماذج الصينية. كما تعتمد إيران على الدعم الأجنبي لتحسين توجيه الصواريخ، من خلال تقنيات مثل الليزر.

من ناحية أخرى، تفتقر إيران إلى القدرة على إنتاج مواد هامة محلياً، مثل ألياف الكربون الضرورية لصناعة الصواريخ. وتواجه طهران قيوداً في تصنيع المكونات المعقدة، مثل المحركات التوربينية الصغيرة لتشغيل صواريخ «كروز» عالية الجودة.

وفيما قد تمنع قيود التصدير إيران من سدّ هذه الثغرات في قدراتها الصاروخية، من غير الواضح ما إذا كانت قادرة على اتخاذ خطوات تكنولوجية كبيرة، مثل تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC