وفي نهاية العام الماضي 2023 توقعت الأسواق أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في اجتماع مارس 2024، ليتم تعديل التوقعات إلى مايو ومنه إلى يونيو أو يوليو ومن ثم إلى سبتمبر 2024، حتى وصلت الآن إلى نوفمبر أو ديسمبر من العام الجاري 2024.
وتتجسد المعضلة التي سقط فيها مسؤولو الفيدرالي الأميركي في سعيهم الدؤوب لتحقيق الهبوط السلس أو الناعم كم يسميه البعض، إذ جاءت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأخيرة ومديري المشتريات سلبية، في إشارة إلى تضرر الاقتصاد من الفائدة المرتفعة.
وفي المقابل تقف بيانات التضخم ومؤشر نفقات أسعار المستهلكين والتي ارتفعت في الأشهر الثلاثة الماضية لتكشف أن التضخم الأميركي بات أكثر رسوخا وثباتا، وهنا يبرز السؤال الأهم.
هل ينصاع الفيدرالي لمعدلات التضخم أم يتراجع خطوة للوراء لإنقاذ الاقتصاد من السقوط في براثن الهبوط الخشن والركود العنيف؟
موعد بدء خفض الفائدة الأميركية لا يزال غير مؤكد بعد في ظل تدفق البيانات المتضاربةبنك إتش إس بي سي
وفي غضون ذلك عدل بنك إتش إس بي سي HSBC، في مذكرة بحثية صادرة مؤخرا، توقعاته حول مسار السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خلال عامي 2024 و2025.
وأوضح محللو بنك إتش إس بي سي أن موعد بدء خفض الفائدة الأميركية لا يزال غير مؤكد بعد في ظل تدفق البيانات المتضاربة.
وتوقع محللو بنك إتش إس بي سي أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد يخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس هذا العام، وبمقدار 75 نقطة أساس خلال العام المقبل، ومن المرجح أن تستمر قوة الدولار الأميركي خلال هذه الفترة.
الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد يخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس هذا العام، وبمقدار 75 نقطة أساس خلال العام المقبلبنك إتش إس بي سي
وقال محللو بنك إتش إس بي سي: "إن قوة الاقتصاد الأميركي وثبات التضخم ومقاومته للانخفاض تجعل من الصعب على الاحتياطي الفيدرالي الأميركي البدء في خفض سعر الفائدة".
ولفت محللو البنك إلى أن المستثمرين قلصوا رهاناتهم على التخفيضات الوشيكة في أسعار الفائدة من البنك الاحتياطي الفيدرالي، بعد أن أظهرت البيانات أن التضخم في مارس الماضي تجاوز التوقعات وارتفع إلى 3.5% على أساس سنوي.
وقال محللو إتش إس بي سي: "يعد تقرير التضخم انتكاسة للرئيس جو بايدن، الذي كان يعتمد على تهدئته لرفع احتمالات إعادة انتخابه، كما يعد دليلاً على أن أسعار الفائدة قد تترك من دون تغيير لأشهر أطول من المتوقع".
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني تكاليف الغذاء والطاقة، 0.4% في مارس مقارنة بفبراير، ومقارنة بالعام الماضي، ارتفع بنسبة 3.8% من دون تغيير عن الشهر السابق.
وفي المقابل قال خبراء بنك غولدمان ساكس إنهم ما زالوا يتوقعون تخفيضين في أسعار الفائدة هذا العام بعد اجتماع هادئ في الغالب ولكنه مسالم للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC).
وقال الاقتصاديون في غولدمان ساكس بقيادة جان هاتزيوس في مذكرة إنه: "في حين أضافت اللجنة اعترافا متشددا بعدم إحراز المزيد من التقدم بشأن التضخم حتى الآن هذا العام، قدم الرئيس باول رسالة متشائمة في مؤتمره الصحفي".
وأضاف خبراء بنك غولدمان ساكس: "لقد تركنا توقعاتنا دون تغيير وما زلنا نتوقع خفضين في أسعار الفائدة هذا العام في شهري يوليو ونوفمبر".
لا نزال نتوقع تخفيضين في أسعار الفائدة هذا العام بعد اجتماع هادئ في الغالب، ولكنه مسالم للجنة الفيدرالية للسوقغولدمان ساكس
ولفت خبراء بنك غولدمان ساكس إلى أن الجانب الأجدر بالملاحظة في خطاب رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول هو رفضه القوي لفكرة رفع أسعار الفائدة.
وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي: "إن الزيادة في أسعار الفائدة تبدو غير مرجحة"، وخلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع الفيدرالي في الأسبوع الماضي أكد باول ثقته في أن إعدادات السياسة الحالية مقيدة بما فيه الكفاية.
وأشار باول إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج إلى دليل مقنع على عدم كفاية التقييد للنظر في رفع أسعار الفائدة، وهو دليل غير موجود حاليا.
وأوضح المحللون في غولدمان أنه في حال توقف تقدم التضخم، فقد أشار باول إلى أن استجابة اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ستكون على الأرجح تأخير أي تخفيضات مخططة في أسعار الفائدة بدلا من زيادة أسعار الفائدة، مما يضع حدا مرتفعا لأي ارتفاعات محتملة.
الجانب الأكثر جدارة بالملاحظة في خطاب رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول هو رفضه القوي لفكرة رفع أسعار الفائدةغولدمان ساكس
وقال خبراء بنك غولدمان ساكس: "لم يقدم باول أي دلائل رئيسة حول توقيت خفض أسعار الفائدة، ولكنه أظهر نبرة متشائمة باستمرار بشأن التضخم".
وكتب محللو غولدمان ساكس: "قال باول إن توقعاته تشير إلى أن التضخم الإجمالي سيعود إلى الانخفاض هذا العام، على الرغم من اعترافه بأن ثقته كانت أقل مما كانت عليه من قبل بسبب المفاجأة التصاعدية التي حدثت في الأشهر الأخيرة".
وقال محللو غولدمان ساكس ردا على سؤال حول كيفية تأثير انتخابات نوفمبر على قدرة الاحتياطي الفيدرالي على الخفض في الاجتماعات المقبلة: "كان باول مصرا على أن الانتخابات لن تؤثر على قرارات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة".
موعد بدء دورة خفض أسعار الفائدة الأميركية باجتماع ديسمبربنك أوف أميركا
وفي غضون ذلك تمسك محللو بنك أوف أميركا بتوقعاتهم السابقة حول موعد بدء دورة خفض أسعار الفائدة الأميركية باجتماع ديسمبر، استنادا إلى احتمالية أن يستغرق معدل التضخم وقتا أطول كي ينخفض، مع تلاشي مقاومته للتراجع بذلك الحين.
وحول اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قال محللو بنك أوف أميركا: "بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي كان على دراية بتطورات بيانات التضخم الأخيرة، وقد أخذها في الحسبان".
ويرى محللو بنك أوف أميركا أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يتبع نهجا أكثر حذرا لتقليل مخاطر اشتعال تقلبات واضطرابات بأسواق المال.
وقال محللو بنك أوف أميركا: "إن الفيدرالي الأميركي قد انتقل إلى سياسة الانتظار ومراقبة التطورات الاقتصادية خصوصا فيما يتعلق بمعدل التضخم في الوقت الحالي".