من المتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي، هذا الخميس، أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة، ليصل سعر الفائدة على الودائع إلى 2.5%. هذا القرار يبدو شبه مؤكد، ويُعزى إلى استمرار انخفاض التضخم، وتباطؤ نمو تكاليف الأجور، والظروف التمويلية الصعبة التي تحد من انتعاش قروض البنوك. ووفقًا لما قاله إريك دور، مدير الدراسات الاقتصادية في «إي سي إي إس إي جي»، من المرجح أن يُؤَيد هذا القرار التوجه المستمر نحو انخفاض التضخم.
وتراجع التضخم في منطقة اليورو الشهر الماضي إلى 2.4% على أساس سنوي مقارنةً بـ 2.5% في يناير. وتبعت نفس الاتجاه الأسعار في قطاع الخدمات، وكذلك التضخم الأساسي الذي يُستثنى منه أسعار الطاقة والغذاء المتقلبة. وهذا من شأنه أن يطمئن المسؤولين في البنك المركزي الذين كانوا يخشون من ارتفاع جديد للتضخم.
ومع ذلك، من المتوقع أن تكون المناقشات داخل مجلس المحافظين حادة. حيث ستتمحور المناقشات حول كيفية استمرار دورة التيسير النقدي. والسؤال الرئيس سيكون: متى تتوقف سياسة البنك المركزي عن كونها محايدة؟ بمعنى آخر، عند أي مستوى من أسعار الفائدة يبدأ البنك المركزي في دعم الاقتصاد؟
حتى الآن، كان يُعتبر مستوى أسعار الفائدة الحالي تقييديًا. وكانت تكاليف التمويل بالنسبة للاقتصاد مرتفعة للغاية لتحفيز الشركات والأسر على الاستهلاك أو الاستثمار بما يكفي لدعم النمو الطبيعي في أوروبا. لكن مع انخفاض الفائدة إلى 2.5%، يدخل البنك المركزي الأوروبي في منطقة رمادية.
وبالنسبة لأشد المدافعين عن السياسة النقدية التقليدية، مثل العضو في مجلس إدارة البنك، إيزابيل شنابل، قد يُعتبر هذا هو السعر المحايد. وعليه، فإن خفض الفائدة إلى أقل من ذلك سيهدف إلى تسريع الاقتصاد، مع خطر إعادة ارتفاع التضخم. وقد صرحت شنابل مؤخرًا بأنها غير متأكدة من أن السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي لا تزال تقييدية، وأبدت قلقها من استمرار خفض الفائدة.
أما رئيس البنك المركزي الألماني، يواكيم ناجل، فقد انضم إليها في نفس الرأي، مؤكدًا أنه من الأفضل عدم التسرع في تخفيض الفائدة في المستقبل. في حين حذر نظيره البلجيكي، بيير ونش، من أن الانخفاض إلى 2% يجب ألا يتم بعينين مغمضتين.
في المقابل، يُنبه العديد من الاقتصاديين إلى خطر التوقف عن خفض الفائدة مبكرًا، خاصة في ظل الوضع الذي تشهده أوروبا من إعادة تسليح كبيرة لمواجهة تهديد تراجع الالتزام الأميركي في الدفاع عن القارة. هذا الأمر سيتطلب استثمارات ضخمة من قبل الدول، وبالتالي مزيدًا من الاقتراض.
زيادة الديون قد تؤدي إلى ارتفاع العوائد على سندات الدين الحكومية، ومع كون هذه السندات مرجعًا لتحديد تكلفة تمويل الشركات والأسر، فإن ذلك قد يُبطئ الاقتصاد. ومن هنا، سيكون من الضروري أن يواصل البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة لتجنب زيادة تكلفة الائتمان.
ومن المتوقع أن تثير كل خطوة لتخفيف السياسة النقدية معارضة متزايدة، وربما سيكون من الضروري التوقف عن خفض الفائدة بعد شهر أبريل.