logo
مقالات الرأي

بين الآلات والعقول.. الخليج يستثمر في مهارات البشر لتعزيز الأتمتة

بين الآلات والعقول.. الخليج يستثمر في مهارات البشر لتعزيز الأتمتة
دعوة لإعادة التفكير في مستقبل العمل في ظل الأتمتة المتزايدةالمصدر: داو جونز
تاريخ النشر:11 مارس 2025, 06:01 م

عادةً ما يركز السرد حول أتمتة اللوجستيات والمستودعات على الروبوتات المتطورة والعمليات المبسطة وتحقيق الكفاءة طوال الوقت، ولكنه كثيراً ما يغفل عنصراً حاسماً وهو الأشخاص.

هذا العنصر ذو صلة وثيقة تحديداً في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تعمل الحكومات بنشاط على تجهيز أنظمتها الاقتصادية لتحقيق التنوع. فهناك مبادرات مثل رؤية السعودية 2030 ومئوية الإمارات 2071 تهدف إلى بناء قوى عاملة تمتلك مهارات عالية يمكنها تحقيق الازدهار والنجاح في نظام اقتصادي مدعوم بالذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة والأتمتة.

ومع التوقعات بنمو سوق أتمتة اللوجستيات العالمية من 35.14 مليار دولار في عام 2024 إلى 52.53 مليار دولار بحلول عام 2029، فإن الطلب على اللوجستيات والمستودعات المتطورة آخذ في التزايد، ولكن لا يعنى هذا التحول فقط بالاعتماد على التكنولوجيا، بل يعنى بتزويد العاملين بالمهارات اللازمة للتشغيل والإدارة والابتكار ضمن هذه النظم المتطورة.

أخبار ذات صلة

أسواق الخليج قاطرة نمو قطاع اللوجستيات في الشرق الأوسط

أسواق الخليج قاطرة نمو قطاع اللوجستيات في الشرق الأوسط

الأتمتة كعامل محفز لتطوير القوى العاملة

هناك اعتقاد خاطئ بأن الأتمتة ستحل محل العاملين من البشر، ولكنها في الواقع تسهم في تغيير الأدوار الوظيفية وتوفير فرص جديدة، تحديداً في إدارة اللوجستيات والمستودعات. ومن خلال قيام الشركات بدمج الحلول الآلية ينتقل الموظفون من تولي المهام اليدوية المتكررة إلى تولي أدوار ذات قيمة أعلى تتطلب امتلاك خبرة فنية ومهارات حل المشكلات والإشراف على النظام.

تدعم البيانات الخاصة بالمجال هذا التحول، فوفقاً لاستبيان أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي، تبيّن أن الوظائف الثلاث الأسرع نمواً بالنسبة المئوية هي أخصائي البيانات الضخمة ومهندس التكنولوجيا المالية وأخصائي التعلم بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. وتتوقع نسبة كبيرة من المستجيبين المشاركين في الاستبيان تبلغ 86% نجاح تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة المعلومات في إحداث طفرة في أعمالهم بحلول عام 2030.

أما في قطاع المستودعات، فهناك تطور مستمر في المناصب لتشمل أخصائي الأتمتة وأخصائي دمج النظم ومحللي البيانات ومهندسي الصيانة، وهي وظائف تتطلب الجمع بين المهارات الفنية والمعرفة التشغيلية.

النهج المتبع في دول مجلس التعاون الخليجي

تدرك الحكومات في دول الخليج ضرورة تطوير المهارات للحفاظ على قدرة المنافسة على المستوى العالمي. وقد أطلقت المملكة العربية السعودية برامج موسعة لتطوير القوى العاملة ضمن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية الخاص بها؛ بهدف توفير آلاف الوظائف المهارية في مجال الأتمتة واللوجستيات الذكية. كما تُخصص دولة الإمارات العربية المتحدة استثمارات ضخمة في التعليم في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات لضمان تجهيز القوى العاملة لديها لمستقبل اللوجستيات.

وبخلاف المبادرات التي تطلقها الحكومات، فإن الأعمال التجارية أيضاً تتخذ خطوات حثيثة لتزويد نفسها بالمهارات اللازمة لتوفير بيئة آلية. وتتعاون الشركات الاستشرافية مع خبراء تزويد حلول الأتمتة، ومن بينهم سويس لوج، التي لا يقتصر دورها على تقديم خدمات الأتمتة المتطورة بل تقوم أيضاً بتقديم الخبرة اللازمة لتعظيم تأثير هذه الخدمات.

تقليل المهام المتكررة وزيادة القيمة

من أسرع المزايا التي تحققها الأتمتة في مجال اللوجستيات والمستودعات هو تقليل المهام المتكررة التي تتطلب مجهوداً جسمانياً كبيراً. وعادةً ما تشمل الوظائف التقليدية بالمستودعات الكثير من الأعمال اليدوية، بما في ذلك رفع أغراض ثقيلة والفرز وقضاء ساعات طويلة في القيام بحركات متكررة. وتتولى الأتمتة تنفيذ هذه الأنشطة الشاقة، لتسهم في تحسين السلامة في مكان العمل ومساعدة الموظفين في التركيز على أعمال أكثر جدوى تتطلب قدراً أكبر من المجهود الفكري.

وتنتشر حالياً التقنيات الأساسية مثل البرمجيات المتطورة لإدارة المستودعات، ويمكن أن تواجه الشركات التي لم تستثمر في هذه النظم خطر التراجع في المستوى عن منافسيها. وفي الوقت نفسه تعمل الأتمتة في مجال اللوجستيات على تحسين الرضا عن الوظائف عن طريق تحويل الموظفين إلى أدوار تتطلب امتلاك مهارات اتخاذ القرار والإبداع والتعاون.

ولا يحقق ذلك الفائدة للعاملين فحسب، بل يدفع أيضاً الأعمال التجارية إلى تحقيق أداء أقوى، نظراً لأن القوى العاملة التي تمتلك المهارات اللازمة، وتتميز بالالتزام، تحقق إنتاجية أكبر، وتكون لديها قدرة أكبر على التكيف مع التغيرات التي تطرأ على المجال.

أخبار ذات صلة

تحول صناعة التخزين.. اتجاهات تعيد تشكيل اللوجستيات الداخلية خلال 2025

تحول صناعة التخزين.. اتجاهات تعيد تشكيل اللوجستيات الداخلية خلال 2025

مستقبل يعتمد على التعاون بين الإنسان والآلة

لا يركز التحول إلى اللوجستيات المؤتمتة على استبدال العاملين، بل يركز على تمكينهم من العمل جنباً إلى جنب مع التكنولوجيا بطرق من شأنها تحسين الإنتاجية والكفاءة. ومن خلال تقديم الدعم المناسب، يمكن أن يتولى الموظفون المزيد من الأدوار الاستراتيجية، وهو ما يضمن مساهمة الأتمتة في تعزيز الأعمال بدلاً من تعطيل تقدمها.

وبالنسبة للمنطقة، التي تُشكِّل فيها اللوجستيات والمستودعات حجر الأساس للنمو الاقتصادي، فإن القدرة على دمج الأتمتة ستكون عاملاً مؤثراً في تحقيق النجاح على المدى الطويل. وستسهم الاستثمارات في الشركات الرائدة لتزويد حلول الأتمتة وتطوير القوى العاملة اليوم في تشكيل مستقبل اللوجستيات، لتضمن بذلك أن تظل الأعمال التجارية على مستوى المنافسة، وأن يتمكن الموظفون من تحقيق الازدهار والتطور في عصر الأتمتة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC