الخميس 13 فبراير 2025 م
يواصل الذهب صعوده بثبات نحو حاجز 3 آلاف دولار للأونصة، مما يعكس أداءه القوي وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي واستمرار الطلب من البنوك المركزية.
وعزز هذا الارتفاع موقع الذهب مقارنة بفئات الأصول الأخرى في عام 2025، في حين شهدت أسهم شركات تعدين الذهب انتعاشاً بعد تأخرها عن مكاسب المعدن في 2024.
لكن رغم تحقيقه مستويات قياسية، لا تزال مكاسب الذهب على المدى الطويل أقل من المكاسب التي سجلتها بيتكوين وسوق الأسهم الأميركية.
أدريان آش، رئيس وحدة الأبحاث في شركة «بوليون فولت» لخدمات الاستثمار في الذهب عبر الإنترنت، أشار إلى أن الذهب يزدهر عادةً عندما تعاني الأصول الأخرى، ولا سيما خلال فترات تراجع سوق الأسهم، بحسب تقرير لموقع «ماركت ووتش».
وأضاف آش: «لقد رأيت الذهب والأسهم يتحركان بهذا النمط مرتين فقط من قبل: الأولى بين عامي 2005 و2007 قبل الأزمة المالية العالمية، والثانية في منتصف 2020 خلال حزم التحفيز الاقتصادي المرتبطة بجائحة كورونا».
بحلول 10 فبراير، ارتفعت العقود الآجلة للذهب في نيويورك بأكثر من 11% منذ بداية العام، بينما قفز صندوق «فان ايك جونيور غولد ماينرز يوسيتس إي تي إف» بنسبة تقارب 24%.
في المقابل، سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة تزيد قليلاً عن 3% بعد أن بلغ مستوى قياسياً عند 6,118.71 نقطة في 23 يناير.
وعلى المدى الطويل، ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 47.8% منذ 31 يوليو 2020، عندما تجاوز المعدن حاجز ألفي دولار لأول مرة. ورغم تفوقه على تراجع بنسبة 18% في صندوق «إي شيرز يو إس دي تريجيري بوند يوسيتس إي تي إف» خلال نفس الفترة، إلا أنه لا يزال بعيداً عن قفزة بيتكوين البالغة 761% أو العائد الإجمالي لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» البالغ 98.7%.
وعلى الرغم من ارتفاع الذهب، لا يزال تركيز الأسواق منصباً على بيتكوين وأسهم التكنولوجيا.
وقال جيمس تورك، مؤسس منصة (Goldmoney) لشراء وبيع وتخزين الذهب والفضة: «عدد قليل جداً من الناس ينتبهون إلى المستويات القياسية للذهب، ناهيك عن شرائه. لكن هذا أمر شائع في بدايات الأسواق الصاعدة».
في حين تعكس مكاسب الأسهم الأميركية تفاؤل المستثمرين، فإن اقتراب الذهب من 3 آلاف دولار قد يشير إلى تزايد القلق الاقتصادي العالمي.
وبحسب آش فإنه إذا كان الذهب مقياساً للخوف الاقتصادي والسياسي، فإن هذا الارتفاع يشير إلى أن العالم بات أكثر اضطراباً».
ووصلت عقود الذهب لتسليم أبريل في بورصة «كومكس» (COMEX) لتداول المعادن الثمينة مؤخراً إلى مستوى قياسي عند 2,934.40 دولاراً، حيث سجلت خلال التداولات مستوى 2,947.20 دولاراً كحد أقصى.
وأوضح آش أن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمخاوف من عدم الاستقرار المالي من بين العوامل التي تدعم صعود الذهب. وأضاف: «الذهب يزدهر في ظل عدم اليقين الاقتصادي والمخاطر المالية والاضطرابات الجيوسياسية، والرئيس الـ47 يوفر كل هذه الظروف».
واصلت البنوك المركزية شراء الذهب بكثافة، ما جعل عام 2024 هو العام الخامس عشر على التوالي من الزيادة في المشتريات.
ووفقاً لـ«مجلس الذهب العالمي»، اشترت البنوك المركزية 1,044.6 طناً مترياً العام الماضي، مما يؤكد استمرار هذا الاتجاه.
وأشار جورج ميلينغ ستانلي، كبير استراتيجيي الذهب في شركة «ستيت ستريت جلوبال أدفايزورز» (State Street Global Advisors) لإدارة الأصول، إلى أن البنوك المركزية في الأسواق الناشئة كانت من كبار المشترين لسنوات.
وارتفعت المشتريات إلى أكثر من ضعف مستويات 2021، متجاوزة 1,000 طن في 2022 عقب العقوبات الأميركية على روسيا، واستمر هذا المستوى المرتفع من الشراء خلال 2023 و2024.
هل يستطيع الذهب الحفاظ على مستوى 3,000 دولار؟
قال ميلينغ-ستانلي: «يمكن أن يؤدي الاهتمام الإعلامي الكبير بهذا المستوى إلى خلق حالة من الخوف من تفويت الفرصة؛ مما قد يجذب مزيداً من المستثمرين الجدد».
ومع ذلك، فإن الحفاظ على هذا المستوى السعري ليس مضموناً، إذ واجه الذهب تاريخياً صعوبة في الاحتفاظ بالمستويات الكبيرة من الأسعار.
وأشار آش إلى أنه بعد تجاوز الذهب مستوى ألفي دولار لأول مرة في شهر أغسطس 2020، بقيت الأسعار في لندن دون هذا المستوى لأكثر من 90% من الأشهر الـ28 التالية قبل أن تحقق استقراراً فعلياً.
وسيحدد الوضع الاقتصادي العالمي، وسياسات البنوك المركزية، واتجاهات المستثمرين ما إذا كان الذهب سيواصل زخمه الصعودي، أو يواجه مقاومة عند حاجز 3,000 دولار في الأشهر المقبلة.
