تشهد دول مجلس التعاون الخليجي تحولاً ديموغرافياً لافتاً مع تزايد أعداد كبار السن محلياً وتدفق المتقاعدين الأثرياء من الخارج، الأمر الذي عزز الطلب على خدمات كبار السن.
تتمثل هذه الخدمات بتلبية احتياجات كبار السن عبر توفير حلول شاملة، تشمل الإسكان المتخصص والرعاية الصحية المبتكرة، مع الحفاظ على التكاليف عند مستويات مقبولة، بحسب موقع «أرابيان جلف بيزنس إنسايت» (AGBI).
تسعى شركات رائدة مثل (Aster DM Healthcare) و(GFH Financial Group) في ظل هذا النمو، إلى قيادة هذا القطاع عبر تقديم خدمات موجهة تجمع بين الجودة والكفاءة، مستفيدة من التكنولوجيا الطبية والتطورات العقارية.
يشكل جيل «الطفرة السكانية»، الذي تتراوح أعمار أفراده الآن بين 60 و80 عاماً، أحد أكبر وأغنى الفئات السكانية، نتيجة لعقود من النمو الاقتصادي العالمي. ومع سعي العديد منهم للتقاعد في أماكن توفر جودة حياة أعلى وتكاليف معيشة أقل، أصبحت دول مجلس التعاون الخليجي وجهة مفضلة.
ووفقاً لمنصور أحمد، مستشار الرعاية الصحية والعقارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن العديد من الدول مثل الإمارات، مصر، الأردن، عمان، السعودية بدأت تستهدف هذه الفئة عبر تقديم خيارات معيشية وخدمات صحية متقدمة، مضيفاً أن المتقاعدين يبحثون عن وجهات مشمسة وقريبة، لا تزيد على أربع ساعات طيران من بلدانهم، وتوفر بيئة آمنة وتكاليف معيشة مناسبة.
تتزامن زيادة أعداد المتقاعدين الأجانب في دول الخليج مع ارتفاع متوسط العمر المتوقع للسكان المحليين. ويمثل ذلك فرصة لشركات التطوير العقاري لتقديم مشاريع سكنية مخصصة لكبار السن تجمع بين الراحة والخدمات الصحية والترفيهية.
كما أطلقت مجموعة «جي إف إتش» البحرينية، أخيراً مشروعاً يحمل اسم (Outlive) لتطوير مجتمعات سكنية مخصصة لكبار السن في الشرق الأوسط وأوروبا، ورغم أن الإسكان المخصص لكبار السن يعد قطاعاً ضخماً في الولايات المتحدة، فإنه لا يزال جديداً نسبياً في الخليج.
من جانبه، يقول ماثيو غرين، رئيس قسم الأبحاث في شركة (CBRE) لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي شركة عالمية متخصصة في مجال الاستشارات العقارية، إن معظم المشاريع الحالية في الخليج تركز على الرعاية التمريضية للمحتاجين لدعم طبي دائم، مشيراً إلى وجود اهتمام متزايد بالسكن المستقل والمعاون، الذي يوفر بيئة مريحة لكبار السن الذين يحتاجون إلى دعم بسيط أو متوسط.
أخذت الإمارات زمام المبادرة في هذا القطاع بعد أن قدمت في عام 2020 تأشيرة تقاعد قابلة للتجديد لمدة خمس سنوات للأجانب الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً، ويملكون موارد مالية كافية، إذ شجعت هذه المبادرة المطورين العقاريين على استكشاف هذه السوق سريعة النمو.
تتوقع (CBRE) أن نسبة سكان الإمارات الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً، التي تبلغ حالياً نحو 7%، ستزداد كثيراً في العقد المقبل. ومع هذا النمو، يُتوقع زيادة الطلب على الإسكان المخصص لكبار السن والخدمات المرتبطة به.
في قطاع الرعاية الصحية، تعمل شركات مثل (Aster DM Healthcare) على تقديم حلول مخصصة لتلبية احتياجات كبار السن. ومن بين هذه الحلول، خطة «حيوية كبار السن» (Vibrance Senior) التي أُطلقت بالتعاون مع شركة «دبي للتأمين»، وتوفر تغطية تأمينية تصل إلى 150 ألف درهم (40.8 ألف دولار) بأسعار تنافسية تتراوح بين 16,693 و27,591 درهماً سنوياً.
تعتمد الخطة على التكنولوجيا الطبية مثل خدمات الطب عن بُعد والرعاية المنزلية، ما يسهم في تقليل التكاليف وتقديم خدمات مريحة وفعالة للمتقاعدين.
من جهتها، توسعت شركة (First Response Health care)، وهي متخصصة في الرعاية المنزلية، في تلبية الطلب المتزايد على خدماتها.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة، بوفان شارما، إن توفير الرعاية المنزلية للحالات غير الحرجة مثل السكري يساعد على تقليل الضغط على المستشفيات والبنية التحتية الصحية.
مع تزايد أعداد المتقاعدين الأجانب والسكان المحليين الأكبر سناً في دول الخليج، يتوقع التقرير أن يشهد قطاع خدمات كبار السن نمواً كبيراً في السنوات المقبلة، من الإسكان الفاخر إلى الرعاية الصحية المبتكرة، ما يعد فرصة اقتصادية واجتماعية تعزز مكانة الخليج كوجهة مثالية للمتقاعدين من جميع أنحاء العالم.