logo
مقالات الرأي

استثمارات الذكاء الاصطناعي.. تحديات وتوقعات مستقبلية ستُغيّر العالم

استثمارات الذكاء الاصطناعي.. تحديات وتوقعات مستقبلية ستُغيّر العالم
موظف يقوم بتجميع روبوتات ذكية داخل أحد المصانع في فوزهو، الصين، يوم 1 أغسطس 2024. يعتبر الذكاء الاصطناعي ساحة الحرب التكنولوجية الجديدة بين الصين والولايات المتحدةالمصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:7 أغسطس 2024, 01:12 م

هل نحن على أعتاب ثورة تكنولوجية جديدة ستغيّر العالم كما نعرفه؟ مع تزايد التساؤلات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، تُظهر تقارير الأرباح من عمالقة التكنولوجيا، صورة مختلطة تتطلب فحصاً دقيقاً. وبينما تشير بعض المؤشرات إلى تباطؤ محتمل، تبقى الاستثمارات الضخمة والتوقعات المتفائلة مؤشراً على أن الذكاء الاصطناعي ما يزال يمثل فرصة ذهبية للمستثمرين وصناع القرار.

تُذكّر تقارير الأرباح الأخيرة من عمالقة التكنولوجيا، بالسيناريو المخيف من فشل الشركات في تقديم الذكاء الاصطناعي بالسرعة اللازمة. فالشركات الكبرى، مثل "مايكروسوفت"، هي الوحيدة التي تصنّف مبيعاتها من الذكاء الاصطناعي بشكل واضح، بينما ما تزال التقارير من الشركات الأخرى غير واضحة.

هل يعني هذا أن النمو في قطاع الذكاء الاصطناعي بدأ يتباطأ؟

تكاليف واستثمارات هائلة

يتسرب الشك إلى أوساط المستثمرين، ويتضح ذلك ربما في انخفاض مؤشر "ناسداك المركب" الثقيل بالتكنولوجيا بنحو 11% منذ منتصف يوليو. القلق ليس فقط بسبب الأرباح الصعبة المنال من استثمارات الذكاء الاصطناعي، ولكن أيضاً بسبب التكاليف الهائلة المرتبطة به. فعلى سبيل المثال، تقدّر استثمارات الذكاء الاصطناعي في مراكز بيانات "غوغل"، و"أمازون"، و"ميتا"، و"مايكروسوفت" أكثر من 100 مليار دولار خلال العام الجاري وحده.

أخبار ذات صلة

IBM: الإمارات والهند تقودان العالم في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي

IBM: الإمارات والهند تقودان العالم في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي

 تشمل هذه الاستثمارات الضخمة تطوير مراكز بيانات عالية الأداء، وهي ضرورية لتشغيل تقنيات الذكاء الاصطناعي. وعلى سبيل المثال، تلعب شركة "إنفيديا" التي تصنع رقائق الذكاء الاصطناعي، دوراً حيوياً في هذا المجال، وقد أصبحت لفترة وجيزة أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية في يونيو، مما يُظهر أهمية منتجاتها في سوق الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من هذه المخاوف لدى المستثمرين، فإنها لن تمسّ مسيرة الذكاء الاصطناعي الذي سيغير المعايير نفسها، وأي شركة أو حكومة يفوتها قطاره، ستفقد قيمتها وحراكها المستقبلي.

سلسلة التوريد

لا تقتصر سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي على "إنفيديا" ورقائقها فقط. هناك مئات الشركات الأخرى التي تشارك في هذا النظام البيئي، وتنتج مجموعة متنوعة من المكونات الأساسية اللازمة لتشغيل مراكز البيانات، مثل مصنعي الخوادم الذين يصنعون الأجهزة التي تُخزّن وتُدير البيانات، ومصنعي المعدات الشبكية الذين يضمنون أن تكون الاتصالات داخل مراكز البيانات سريعة وآمنة، هناك أيضاً مزودو الطاقة الذين يؤمنون الكهرباء اللازمة لتشغيل هذه المراكز الكبيرة.

يكشف تحليل لأسهم حوالي 60 من هذه الشركات، عن جولة صعودية كبيرة. منذ بداية عام 2023، ارتفع متوسط سعر أسهم هذه الشركات بنسبة 103%، مقارنة بزيادة قدرها 42% لأسهم الشركات المدرجة على مؤشر "ستاندرد آند بورز 500". يعكس هذا الارتفاع التوقعات المتفائلة للنمو، إذ ارتفعت توقعات لنمو لمبيعات المجموعة لعام 2025 بنسبة 14% في المتوسط على مدار الـ18 شهراً الماضية.

مخاطر تراجع الطلب

تختلف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تماماً عن التكنولوجيات التي ظهرت من مثل سلاسل الكتل أو "البلوكتشين"، التي أرى أنها لم تحدث تقدماً ملحوظاً فيما عدا عمليات التشفير. ولذلك؛ يجب النظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه ثورة تماثل اكتشاف الإنترنت نفسها.

لكن، ما هي المخاطر المحتملة؟ الخطر الأكبر هو احتمال تراجع الطلب؛ فإذا ظلت الأرباح بعيدة المنال، يعني ذلك أن شركات التكنولوجيا الكبرى ستقلل من إنفاقها على الذكاء الاصطناعي، مما سيؤثر سلباً على الشركات في سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي. حالياً، يقوم العديد من هذه الشركات بتوسيع القدرات الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد، وبالتالي، فإن الانخفاض المفاجئ في الطلب قد يكون كارثياً.

العوامل المؤثرة في الطلب

في حال حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي، ستقلل الشركات من استثماراتها في التقنيات الجديدة. لكن لا أعتقد أن الطلب على الذكاء الاصطناعي سيتأثر، إذ إنه مجال استراتيجي مهم جداً، وهو ساحة الحرب التكنولوجية الجديدة بين الصين والولايات المتحدة.

أخبار ذات صلة

لماذا لا تحقق شركات التكنولوجيا مكاسب من الذكاء الاصطناعي مثل "إنفيديا"؟

لماذا لا تحقق شركات التكنولوجيا مكاسب من الذكاء الاصطناعي مثل "إنفيديا"؟

 نعم هناك تخوف من عدم تحقيق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في شركات التكنولوجيا الكبرى، النتائج المتوقعة من حيث الأرباح أو تحسين الكفاءة. لكن، وبسبب توافر السيولة الضخمة لدى هذه الشركات، يبدو لي أنها ستتجه إلى شراء الشركات الجديدة الناشئة في هذا القطاع إذا فشلت هي في تطويره بنفسها.

ماذا عن التحديات التنظيمية؟

تعتبر التحديات التنظيمية، من أكبر المخاطر التي تواجه الطلب. فقد تفرض الحكومات قيوداً تنظيمية على استخدام الذكاء الاصطناعي وتعتبره خطراً على الأمن القومي. وهذا احتمال قائم إذا ما نظرنا إلى القوانين التي يعمل عليها الاتحاد الأوروبي حالياً.

يمكن أن تفرض الحكومات معايير تنظيمية صارمة، تتطلب أن يكون العاملون في هذا المجال مرخصين لضمان الامتثال الكامل للقوانين واللوائح. وقد يصبح القطاع -مثل صناعة الأسلحة- بحاجة إلى تأهيل وترخيص للعاملين في الذكاء الاصطناعي، لضمان عدم استخدام التكنولوجيا بشكل غير قانوني أو ضار بالأمن القومي.

مع ذلك، يجدر بالذكر أن الذكاء الاصطناعي يعتبر مجالاً واعداً بشكل غير محدود، وله تطبيقات واسعة ومتنوعة في مختلف الصناعات، وحتى بالنسبة إلى الحكومات، مما يجعل من الصعب تصور انخفاض كبير في الطلب على المدى الطويل. كما أن التطورات المستمرة والتحسينات في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ستجعلها أكثر جذباً وأقل تكلفة، مما يدعم الطلب عليها في المستقبل.

في النهاية، يبقى الذكاء الاصطناعي مجالاً واعداً ذا تأثيرات واسعة في مختلف القطاعات. ومع استمرار الابتكار والتحسينات، سيظل الطلب قوياً ومستداماً، مدعوماً بتطلعات لا حصر لها لتطوير المستقبل.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC