لماذا أصبح الاستثمار ضرورة ملحّة للمرأة في عالم المال؟

شهد دور المرأة تطوراً ملحوظاً في ميادين العمل، حيث باتت تتبوأ مناصب قيادية رفيعة، وتساهم في تشكيل ملامح الاقتصاد. ومع ذلك، لا تزال العديد من النساء متأخرات عن ركب الاستثمار، أو يفضلن البقاء على هامش المشهد المالي.

والواقع أن المرأة بحاجة إلى اتباع نهج استثماري متميز، لا يقتصر على مراعاة الأعراف الاجتماعية، بل يتجاوزها إلى معالجة العوامل الهيكلية التي تؤثر في مستقبلها المالي.

لماذا يتطلب الاستثمار من المرأة نهجاً مختلفاً؟

طول العمر المتوقع (إحصائياً) 

تشير الإحصاءات إلى أن متوسط عمر المرأة يزيد على متوسط عمر الرجل بما يتراوح بين 5 و7 سنوات. وهذا يعني سنوات إضافية من الاستمتاع بالحياة، أو مواجهة تحديات مالية. لذا، فإن الخيار الأول هو الأجدر بالاعتبار.

تستلزم الحياة الطويلة تكاليف رعاية صحية متزايدة، فكما يزداد الإنفاق على مستحضرات العناية بالبشرة مع التقدم في السن، كذلك تزداد نفقات الحفاظ على الصحة. والاستثمار هو الوسيلة المثلى لتغطية هذه النفقات المستقبلية دون الوقوع في براثن القلق المالي.

فجوة الأجور وتحديات المسار المهني 

غالباً ما يكون دخل المرأة أقل من دخل الرجل على مدار حياتها المهنية، نتيجة لفجوة الأجور وتوقف المسار المهني (بسبب إجازة الأمومة ومسؤوليات الرعاية).

الدخل الأقل يعني مدخرات تقاعدية أقل. لذا، فإن الاستثمار وتنمية الثروة يصبحان ضرورة ملحة.

يمكن تشبيه الاستثمار بعملية الخبز؛ فإذا بدأت بمكونات أقل (رأس المال)، فأنت بحاجة إلى وقت أطول لتراكم العوائد لكي ينضج العجين (ثروتك).

الاستثمار بذكاء ولكن بكثير من الحذر 

تشير الدراسات إلى أن المرأة تتميز بقدرة أكبر على الاستثمار طويل الأجل، لتجنبها القرارات المتسرعة والبيع بدافع الذعر.

إلا أن الحذر الزائد قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مثل تكديس الأموال النقدية بدلاً من استثمارها في السوق.

الحل الأمثل يكمن في تحقيق التوازن بين المخاطرة المحسوبة وتعظيم العوائد، مع الحفاظ على الاستقرار.

خطة العمل: دليل عملي لتحقيق النجاح المالي

الخطوة الأولى: بناء شبكة أمان مالي متينة: بتخصيص مبلغ يعادل 3 إلى 6 أشهر من النفقات في حساب توفير ذي عائد مرتفع، لتجنب تسييل الاستثمارات في حالات الطوارئ، فيما يسمى «صندوق الطوارئ».

التخلص من الديون ذات الفائدة المرتفعة: البدء بسداد ديون بطاقات الائتمان ذات الفائدة المرتفعة قبل التوجه إلى الاستثمار.

تأمين الحماية: الحصول على تأمين صحي، وتأمين على الحياة، وتأمين ضد العجز، لحماية المستقبل المالي من المفاجآت غير المتوقعة.

الخطوة الثانية: وضع خطة استثمارية محكمة

مواءمة الاستثمارات مع الأهداف: الأهداف قصيرة الأجل (1-3 سنوات): الاستثمار في أدوات مالية منخفضة المخاطر، مثل السندات أو حسابات التوفير ذات العائد المرتفع.

الأهداف متوسطة الأجل (3-10 سنوات): تحقيق التوازن بين الأسهم والسندات.

الأهداف طويلة الأجل (10 سنوات فأكثر): الاستثمار في سوق الأسهم مع تنويع المحفظة الاستثمارية، والاستفادة من صناديق المؤشرات المتداولة.

تنويع المحفظة الاستثمارية: توزيع الاستثمارات على مختلف الأصول، مثل الأسهم والسندات والعقارات.

البداية البسيطة: البدء بصناديق المؤشرات منخفضة التكلفة وصناديق المؤشرات المتداولة.

الخطوة الثالثة: بناء الثروة من خلال إجراءات مالية سليمة

الاستثمار المنتظم: اتباع استراتيجية متوسط التكلفة بالدولار، واستثمار مبلغ ثابت بشكل دوري.

إعادة موازنة المحفظة الاستثمارية: مراجعة وتعديل المحفظة بشكل دوري لمواءمتها مع الأهداف.

الاستفادة من الحسابات ذات المزايا الضريبية: 

سنغافورة: CPF-SRS 

الولايات المتحدة: 401(k) Roth- IRA-

دول أخرى: البحث عن حسابات استثمارية ذات كفاءة ضريبية.

الاستثمار في الذات: اكتساب المعرفة من خلال القراءة والدورات التدريبية والانضمام إلى مجتمعات مالية نسائية.

الخطوة الرابعة: التخطيط للمحطات المالية الهامة في الحياة

الانقطاعات المهنية والأمومة: بناء مصادر دخل سلبية، مثل توزيعات الأرباح ودخل الإيجارات وصناديق المؤشرات المتداولة.

التخطيط للتقاعد: ادخار مبلغ يزيد بنسبة 20-30% عن مدخرات الرجال؛ بسبب طول العمر المتوقع.

نقل الثروة بين الأجيال: الاستثمار في أصول طويلة الأجل وإعداد وصية أو صندوق استئماني.
الخطوة الخامسة: بناء شبكة دعم مالي والارتقاء المستمر

الانضمام إلى مجتمعات الدعم: المشاركة في نوادي الاستثمار ومجموعات المحاسبة.

مواكبة المستجدات: متابعة اتجاهات السوق وقراءة الكتب والاستماع إلى المدونات الصوتية المالية.

الاحتفاء بالإنجازات: مكافأة الذات عند تحقيق الأهداف المالية.

الخلاصة: المرأة بحاجة إلى الاستثمار، ولكن بطريقتها الخاصة 

الاستثمار ليس حكراً على المؤسسات المالية، بل هو حق لكل امرأة تسعى إلى تحقيق الاستقلال المالي والأمان والاستمتاع بحياة كريمة.

لذا، ابدئي اليوم، سواء بمراجعة عادات الإنفاق أم فتح حساب استثماري أم الانضمام إلى مجتمع مالي. فمستقبلك المالي يستحق ذلك.