سجل الذهب مستوى قياسياً جديداً متجاوزاً 2,943 دولار للأونصة اليوم الأربعاء، حيث دفعت المخاوف من حرب تجارية عالمية محتملة، التي أشعلتها قرارات التعريفات الجمركية الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، المستثمرين إلى التوجه نحو المعدن النفيس كملاذ آمن.
وقد حطم الذهب أرقاماً قياسية سبع مرات منذ بداية العام، مرتفعاً بأكثر من 10%، في حين يرى المتفائلون بالسوق أن حاجز 3,000 دولار للأونصة هو المستوى النفسي التالي الذي قد يتم تجاوزه.
يشتري المستثمرون المؤسسيون والكبار الذهب عادةً من البنوك الكبرى، حيث تُحدد الأسعار في السوق الفوري وفقًا لآليات العرض والطلب في الوقت الفعلي.
وتُعد لندن المركز الأكثر نفوذاً في سوق الذهب الفوري، بفضل «رابطة سوق السبائك في لندن» التي تحدد معايير تجارة الذهب، وتوفر إطاراً لسوق التداول خارج البورصة؛ ما يسهل المعاملات بين البنوك والمتداولين والمؤسسات. وتشمل مراكز تجارة الذهب الكبرى الأخرى كلاً من الصين والهند والشرق الأوسط والولايات المتحدة.
يمكن للمستثمرين أيضاً التعرض للذهب عبر العقود الآجلة، والتي تتيح شراء أو بيع سلعة معينة بسعر محدد في تاريخ مستقبلي. ويعد «كومكس»، التابع لبورصة نيويورك التجارية، أكبر سوق لعقود الذهب الآجلة من حيث حجم التداول. كما تقدم «بورصة شنغهاي للعقود الآجلة»، وهي المنصة الصينية الرئيسة للسلع، عقودًا مستقبلية على الذهب، في حين تُعد «بورصة طوكيو للسلع» لاعبًا مهمًا آخر في السوق الآسيوية.
تتيح المنتجات والصناديق المتداولة في البورصة للمستثمرين التعرض لأسعار الذهب دون الحاجة إلى امتلاك المعدن الفعلي. وقد أصبحت الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب عنصراً رئيسياً في الطلب الاستثماري على المعدن النفيس.
وفي العام 2024، سجلت هذه الصناديق تدفقات صافية متواضعة بلغت 3.4 مليار دولار، وهي أول تدفقات إيجابية منذ أربع سنوات، رغم انخفاض حيازاتها بمقدار 6.8 أطنان مترية، وفقاً لمجلس الذهب العالمي.
يمكن للأفراد شراء الذهب من تجار المعادن الذين يبيعون السبائك والعملات الذهبية سواء في المتاجر أو عبر الإنترنت، وهي من بين أكثر الوسائل شيوعاً للاستثمار في الذهب المادي. وكان الاهتمام المتزايد من قبل صناديق الاستثمار عاملاً رئيسًا في تحركات أسعار الذهب خلال السنوات الأخيرة.
كما أن معنويات المستثمرين، المتأثرة بالاتجاهات السوقية والأخبار والأحداث العالمية، يمكن أن تدفع إلى شراء أو بيع الذهب لأغراض المضاربة.
يُعتبر الذهب وسيلة تحوط شائعة ضد تقلبات أسعار الصرف، إذ يتحرك عادةً عكس اتجاه الدولار الأميركي. فعندما يضعف الدولار، يصبح الذهب المقوّم بالدولار أرخص لحاملي العملات الأخرى، والعكس صحيح. ويُنظر إلى الذهب على نطاق واسع باعتباره «ملاذاً آمناً» في أوقات الأزمات.
وقد أثارت تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة، بالإضافة إلى فرضه رسوماً إضافية على الواردات الصينية، مخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية؛ ما أدى إلى اضطرابات في أسواق العملات وتصاعد المخاوف بشأن التضخم في الولايات المتحدة.
وأعلن ترامب يوم الأحد عزمه فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم، بالإضافة إلى تعريفات جمركية انتقامية على الواردات القادمة من العديد من الدول.
كما تؤثر قرارات السياسة النقدية للبنوك المركزية العالمية على اتجاهات الذهب. فعندما تنخفض أسعار الفائدة، يقل العائد الضائع لحيازة الذهب؛ ما يجعله أكثر جاذبية للمستثمرين.
تحتفظ البنوك المركزية بالذهب كجزء من احتياطياتها. وقد ظل الطلب من البنوك المركزية قوياً في السنوات الأخيرة؛ بسبب استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي العالمي.
وأشار مجلس الذهب العالمي في استطلاعه السنوي في يونيو إلى أن عدداً متزايداً من البنوك المركزية يعتزم زيادة احتياطياته من الذهب خلال العام المقبل، رغم ارتفاع الأسعار.
وذكر المجلس أن الطلب العالمي على الذهب، بما في ذلك المعاملات خارج البورصة، ارتفع بنسبة 1% ليصل إلى مستوى قياسي في العام 2024، مضيفاً أن البنوك المركزية كثفت مشترياتها خلال الربع الرابع.