logo
مقالات الرأي

سلامة الطرق في الإمارات.. استثمارات في تقنيات الحد من الحوادث

سلامة الطرق في الإمارات.. استثمارات في تقنيات الحد من الحوادث
صورة جوية تظهر أبراج دبي على جانبي شارع الشيخ زايد، الإمارات، 8 يوليو 2020.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:12 ديسمبر 2024, 01:24 م

دفعت الرؤية الطموحة الهادفة إلى تنويع اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة إلى استثمارات كبيرة في قطاع التجارة الإلكترونية وقطاع خدمات التوصيل، ومن المتوقع أن تصل قيمة السوق في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 50 مليار دولار أميركي بحلول عام 2025.

في عصر ما بعد الوباء، أصبح لا غنى للسكان عن هذه القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على شبكات الطرق للتوصيل. ونتيجة لذلك، أصبح ضمان سلامة الطرق أكثر أهمية من أي وقت مضى، وخاصة بالنسبة للمركبات الثقيلة التي تنقل كميات هائلة من البضائع والسلع. وعليه؛ ينبغي التركيز على تحسين السلامة على الطرق لمنع الحوادث وحماية هذه الركيزة الاقتصادية المهمة.

تكلّف حوادث المرور معظم البلدان 3% من الناتج المحلي الإجمالي؛ مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة؛ بسبب تكاليف العلاج، وفقدان الإنتاجية، وتقديم الرعاية للمصابين.

في عام 2023، ارتفعت حوادث المرور في الإمارات العربية المتحدة إلى 4,391 حادثاً بعد أن كان عددها 3,945 في عام 2022. تسبب خطأ السائق، بما في ذلك عدم التركيز على القيادة، والانحراف المفاجئ، وتتبع مركبة أخرى عن كثب، وعدم الانضباط على المسار المخصص، في 70% من الحوادث. في دبي، أدى الانحراف المفاجئ وحده إلى وقوع 517 من أصل 2,176 حادثاً مسجلاً.

ولأن المركبات في الإمارات العربية المتحدة مجهزة بميزات أمان متقدمة؛ تقع السلامة على الطرق إلى حد كبير على عاتق السائقين. وضعت دولة الإمارات تشريعات صارمة، ونشرت مجموعة من التقنيات المتقدمة مثل الرادارات والكاميرات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للكشف عن الانتهاكات المرورية، بما في ذلك السرعة، استخدام الهاتف المحمول، التغيير غير القانوني للمسار، وعدم ربط حزام الأمان؛ مما أدى إلى تحسينات كبيرة في مشهد السلامة على الطرق.

اليوم، يتم تطوير تقنيات أكثر تقدماً مثل الحلول الجغرافية المكانية لتعزيز سلامة سائقي المركبات الكبيرة والمجتمع بشكل عام.

أخبار ذات صلة

الإمارات.. قانون جديد ينظم  السير والمرور

الإمارات.. قانون جديد ينظم السير والمرور

أسباب غير واضحة للحوادث

السلامة على الطرق قضية أكثر تعقيداً مما تبدو عليه، مع وجود عوامل غير واضحة، أو يصعب تحديدها تساهم في وقوع الحوادث. تزيد التغيرات الموسمية وحالة الإطارات بشكل كبير من خطر الانزلاق في أثناء الاضطرابات الجوية المفاجئة، مثل هطول الأمطار. كما تساهم تكاليف قطع غيار السيارات المتزايدة في قضايا سلامة الطرق، إذ يؤخر بعض السائقين بعض الإصلاحات الأساسية التي تتطلبها سياراتهم؛ مما يؤدي إلى تآكل هيكلها أو محرّكاتها بشكل خطير. إلا أنّ هذه ليست المشكلة الوحيدة غير الواضحة، إذ يمكن أن يؤدي عدم توضيح طريق ما على الخريطة بشكل فعال إلى وقوع حوادث عليه.

تُعد التقاطعات من أكثر المناطق عرضة للحوادث على الطرق، حتى مع وجود إشارات المرور. يشكل تواجد مركبات متعددة على الطرق، غالباً بأحجام مختلفة، تعقيدات مختلفة عندما تحاول المركبات المرور عبر هذه التقاطعات، وخاصة عند الانعطاف إلى الجهة اليسرى. تعتبر الانعطافات اليسرى غير آمنة بشكل عام على الطرق المصممة للقيادة على الجانب الأيمن، إذ يمكن أن يؤدي خطأ بسيط في الحساب إلى وضع السيارة مباشرة في مسار حركة المرور القادمة؛ مما يؤدي إلى الاصطدام.

وجدت الأبحاث التي أجرتها إدارة السلامة الوطنية على الطرق العامة في الولايات المتحدة الأميركية أن الانعطافات اليسرى هي أحد «أسباب التصادم الحرجة»، أي الأسباب التي جعلت الاصطدام أمراً لا مفر منه، حيث شكلت 22.2% من الحوادث، مقارنة بنحو 1.2% فقط للانعطافات اليمنى. علاوة على ذلك، تنطوي 61% من حوادث التقاطعات في أثناء الانعطافات على انعطافات للجهة اليسرى، بينما تنطوي 3.1% فقط منها على انعطافات لليمين. كما أن الانعطافات للجهة اليسرى أكثر عرضة بثلاث مرات للتسبب في وفيات المشاة من الانعطافات للجهة اليمنى، وفقاً لبيانات النقل في مدينة نيويورك؛ مما يؤكد خطورتها.

دراسات عالمية

تدعم تجارب (UPS)، الشركة الأميركية لتوصيل الطرود وإدارة سلسلة التوريد، دراسة إدارة السلامة الوطنية على الطرق العامة، إذ أظهرت أن الانعطافات إلى اليسار خطيرة وغير فعالة. نادراً ما تقوم شاحنات الشركة بالانعطاف إلى اليسار، مما يوفر حوالي 37 مليون لتر من الوقود سنوياً. كما يعمل هذا النهج على تحسين سلامة نقل البضائع وتوفير الوقت، حيث يقلل تجنب الانعطافات إلى اليسار من أوقات الانتظار بمقدار 30 إلى 60 ثانية.

تمكّنت (UPS) من تقليل عدد المنعطفات «الخاطئة» إلى الحد الأدنى: في الفترة 2010-2012، تم تطوير خوارزمية تميز بين المنعطفات اليسرى المهمة وغير المهمة؛ مما يساعد على تحسين المسار وتقليل الانعطاف إلى اليسار، مع التأكد من تقليل وقت التوصيل أيضاً. من خلال تفعيل هذا الحل في نظام الملاحة الخاص بها، تجنّبت شركة «UPS» الخسائر، وقلّلت من عدد الحوادث.

أخبار ذات صلة

إيرادات المنشآت الفندقية في الإمارات تتجاوز 9 مليار دولار خلال 9 أشهر

إيرادات المنشآت الفندقية في الإمارات تتجاوز 9 مليار دولار خلال 9 أشهر

الحلول الجيوتقنية اليوم

الآن، تتوافر في السوق حلول لتحسين المسارات والحد من حوادث الطرق. توفر شركات كثيرة حلولاً ومنتجات مرنة لرسم الخرائط والبيانات الجغرافية والملاحة مصممة خصيصاً لاحتياجات الشركات. ضمن حلولها، تسمح واجهات برمجة التطبيقات الخاصة بالتوجيه للشركات بدمج حلول خاصة لتمكين السائقين من تجنب مناطق معينة، مثل وسط المدينة أو المناطق السكنية، وتحسين التنقل عبر نقاط متعددة من حيث الوقت والمسافة المقطوعة، مع مراعاة الاختناقات المرورية وظروف الطقس، وإلغاء أولوية المنعطفات اليسرى؛ مما يجعل الرحلة أكثر أماناً وراحة لسائقي الشاحنات، وللبضائع أيضاً.

بالإضافة إلى منع الحوادث، تساعد هذه الإعدادات القابلة للتخصيص في خفض استهلاك الوقود، إذ لا يضطر السائقون إلى الانتظار لفترة طويلة للقيام بالانعطافات اليسرى عند التقاطعات. من المتوقع أن ينمو سوق أنظمة المعلومات الجغرافية في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 15.1% حتى عام 2028؛ مما سيجعل هذه التقنيات ضرورية بشكل متزايد.

يتطلّب تحسين السلامة على الطرق في عام 2025 اتباع نهج متكامل يجمع بين الأطر التنظيمية والتقنيات المبتكرة وأنظمة المعلومات الجغرافية. يشكل التعاون بين الحكومة والمجتمع والشركات أهمية بالغة لتطوير ودعم التقنيات المتخصصة؛ مما يضمن طرقاً أكثر أماناً، ويعالج بفعالية هذه القضية الاجتماعية المهمة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC