تسعى أستراليا إلى تعزيز قطاع الإعلام المتعثر من خلال فرض رسوم على الشركات المالكة للمنصات التقنية العالمية التي لا تبرم أو تجدد اتفاقيات تجارية مع الناشرين المحليين. يأتي هذا الاقتراح، الذي أُعلن عنه، اليوم الخميس، في إطار مساعي الحكومة الأسترالية إلى حماية الصحافة المحلية، وضمان استدامتها المالية، وسط التحديات التي يواجهها القطاع الإعلامي في ظل تزايد هيمنة المنصات الرقمية.
يستهدف الاقتراح المنصات الرقمية الكبرى التي تقدم خدمات التواصل الاجتماعي أو البحث، بغض النظر عما إذا كانت تستضيف محتوى إخبارياً أم لا. ويأتي هذا التحرك بعد قرار شركة «ميتا»، المالكة لفيسبوك، في مارس الماضي، بالتوقف عن التفاوض مع الناشرين الإخباريين الأستراليين، وهو ما أدى إلى زيادة الضغوط على إيرادات القطاع الإعلامي، الذي يعاني بالفعل من تحول الإعلانات نحو الإنترنت.
وفقاً لتقارير، أسفر ذلك عن فقدان نحو 1000 وظيفة في مجال الإعلام الأسترالي هذا العام، في حين تتعرض العديد من المؤسسات الإعلامية لخطر الانهيار المالي، بسبب تراجع عائدات الإعلانات التقليدية.
في تعليق له، قال مايكل ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة «نيوز كورب أستراليا»: «سيؤسس هذا الاقتراح قاعدة لإعادة بناء قطاع الإعلام وضمان استمرار وسائل الإعلام الإخبارية الأسترالية في تقديم صحافة تحقيقية ومهنية»، مشدداً على ضرورة التوصل إلى اتفاقيات تجارية تضمن تعويضات عادلة للناشرين. وأكد ميلر أنه سيتواصل مع «ميتا» لاستئناف المحادثات التجارية من أجل إيجاد حل يرضي جميع الأطراف المعنية.
من جانبها، أوضحت الحكومة الأسترالية أن تفاصيل الرسوم ستُعلن بعد التشاور مع الأطراف المعنية، مشيرة إلى أن المشروع يهدف إلى معالجة الفجوة الحالية، حيث تستفيد المنصات الرقمية الكبرى من المحتوى الإخباري دون تقديم تعويض مناسب للناشرين المحليين. وقد أيدت «نيوز كورب»، المالكة لصحيفة «وول ستريت جورنال» و«داو جونز»، هذه المبادرة، معتبرة أن هذا القانون هو خطوة ضرورية لمعالجة التحديات المالية التي تواجه قطاع الإعلام في أستراليا.
بدورها، انتقدت شركة «ميتا» الاقتراح، قائلة إنه «لا يعكس الواقع الفعلي لكيفية عمل منصاتنا»، موضحة أن الناشرين يشاركون المحتوى طواعية على منصاتها للاستفادة منها في جذب الجمهور. وأضافت الشركة أن معظم المستخدمين لا يدخلون منصاتها من أجل الاطلاع على الأخبار، بل لأغراض أخرى، مثل التفاعل مع الأصدقاء أو المحتوى الترفيهي.
من جهة أخرى، أكد مساعد وزير الخزانة الأسترالي، ستيفن جونز، على أهمية تحميل الشركات الرقمية مسؤوليات مالية واجتماعية، قائلاً: «تحقق المنصات الرقمية فوائد مالية هائلة من أستراليا، وعليها أن تساهم في ضمان وصول الأستراليين إلى صحافة ذات جودة عالية». هذا الموقف يعكس التزام الحكومة الأسترالية بتنظيم الشركات التكنولوجية الكبرى، ويأتي في إطار استمرارية جهود الحكومة لتنظيم تعاملات هذه الشركات مع الإعلام، بعد أن أقرّت، في العام 2021، قانوناً يلزم المنصات بالتفاوض على دفع مقابل للناشرين مقابل المحتوى الإخباري الذي يستفيدون منه.
وعلى الرغم من المعارضة التي تواجهها هذه المبادرة من قبل بعض الشركات الكبرى، مثل «ميتا»، فإن أستراليا تواصل سعيها إلى تحقيق توازن بين المصالح الاقتصادية للمنصات الرقمية وحاجة الإعلام المحلي للبقاء مستداماً مالياً في ظل بيئة إعلامية متغيرة.