logo
مقالات الرأي

بابا الفاتيكان.. مهمة إقتصادية لإنقاذ إفريقيا!

بابا الفاتيكان.. مهمة إقتصادية لإنقاذ إفريقيا!
تاريخ النشر:6 فبراير 2023, 05:32 ص

اختتم بابا الفاتيكان فرانسيس الأول، أمس جولة إفريقية استغرقت ستة أيام، شعارها "رسالة محبة وسلام" لشعوب القارة، لكنها استثنائية، وجديدة، بل بمثابة مهمة جادة في رسالتها، من حيث التأكيد على ضرورة حماية ثروات وموارد واقتصاد الشعوب، وهو ما ظهر جلياً في خطبته شديدة اللهجة غير المعتادة من زعيم روحي!، مؤكدًا أن ممارسات القوى الكبرى التي تُفسح المجال أمام "الاستعمار الاقتصادي" تأتي"على قدم المساواة مع العبودية"، لافتًا إلى النظام العالمي بات "قاتلًا"، إذ يرتكز على المال لا الإنسان.

ونقلت مجلة "موندو نيغرو" الإسبانية، عن الحبر الأعظم  للكاثوليك في العالم، تأكيده أن زيارته تستهدف تذكير العالم بإفريقيا والصراعات المنسية بها، التي تمهد الطريق لحرب عالمية ثالثة، وأن إفريقيا ليست غنية بالموارد الطبيعية فحسب، بل تمتلك "ثروة بشرية روحية"، مطالباً القوى الكبرى بوضوح: ارفعوا أيديكم عن إفريقيا!.

وشملت زيارة البابا فرانسيس (86 عاما) الكونغو الديموقراطية وجنوب السودان، باعتبارهما إحدى بقاع العالم الأشد فقرا ومعاناة كشأن كثير من بلدان إفريقيا المتردي اقتصادها، وحملت خلال لقاءاته وجولاته المفتوحة حتى أمس، مع شعوب الدولتين، والمسئولين وصناع القرار، والرأي العام العالمي، رسائل مهمة على رأسها:

1) لفت الأنظار عالمياً إلى أن إفريقيا تشهد تطورات سياسية واقتصادية وميدانية، لكنها تعيش مأساة يتغاضى عنها المتقدم إقتصادياً، وهو ما دفعه إلى وصف ذلك بـ "سم الجشع لطخ الماس بالدم".

2) التنديد علانية بنهب واستغلال موارد القارة لصالح القوى الكبرى، والتأكيد على ضرورة تغيير فكرة الظلم تجاه إفريقيا، وخلاصتها أنها "موجودة فقط للاستغلال"!.

3) الدعم للشعب الكونغولي، وحقه بالانتفاع بغاباته "المنهوبة"، كنموذج للشعوب الإفريقية ذات الثروات المُحرمة على سكانها.

4) الدعوة لحماية المرأة والنهوض بها لتحقيق حياة ومستقبل أفضل، وقد أدان تقرير سابق للأمم المتحدة، انتشار العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في مناطق نزاع في افريقيا، كجزء من التكتيكات العسكرية "يغذيه الإفلات المنهجي من العقاب".

5) التشديد على ضرورة تجنيب أطفال إفريقيا مآسي وويلات النزاعات، خاصة في جنوب السودان، وتوفير المدارس ودور العلم لهم بإعتبارهم مستقبل التنمية والاقتصاد الحقيقي.

6) ضرورة سماع أصوات الآخرين، وتفهم ما في عقولهم والسعي للتعايش المشترك معهم مهما كانت قسوة التناقضات.

7) التغلب على أسلحة الكراهية والانتقام، والتفكير في التحديات.

وذكرت "فاينانشيال تايمز"، أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، كارثة عالمية، لكنها جاءت بشكل خاص، وبالاً على شعوب القارة السمراء ، بسبب ارتباكات حركة التجارة العالمية، بل أن جل المساعدات الدولية اتجهت إلى صوب الأوكرانيين، تاركة إفريقيا والأفارقة في طي النسيان بعد أن كانت المساعدات الدولية تعتبر إفريقيا هي مقصدها الأول.

وإنه وفق تلك الرؤية، جاء بابا الفاتيكان إلى إفريقيا لتنبيه دول العالم القوية والقادرة بضرورة عدم الانشغال عن دعم الأفارقة.

وقد خلفت الصراعات المسلحة في شرق الكونغو، وفقا تقارير صادرة عن برنامج الغذاء العالم، حوالى 5.7 مليون نازح ومشرد خمسهم تقطعت بهم السبل العام الماضي وحده.

بل أن عنصراً إفريقياً من قوات حفظ السلام الأممية قُتل، عقب ساعات من مغادرة البابا الكونغو، وأُصيب آخر بجروح بالغة بسبب إطلاق نار على مروحيتهما في شرق الكونغو، بحسب متحدث باسم الأمم المتحدة، بسبب اشتباكات عنيفة بين المتمردين وقوات الأمن.

وبحسب برنامج الأمم المتحدة الانمائي, تمتلك إفريقيا30%  من إجمالي احتياطات المعادن عالميا، إضافة إلى8% من احتياطي الغاز الطبيعي و12% من احتياطي البترول، و 65% من الأراضي الزراعية الموجودة في العالم. وتحتوي القارة علي 90% من احتياطي البلاتين والكروميوم، ويدخلان في صناعة الإلكترونيات, والأدوية والمنتجات الحديدية.

وتتخبط الكونغو، في أزمتها الاقتصادية رغم الثروة النفطية والحقول الجديدة مثل "موهو الشمالية"، وتعمل بها شركات مثل توتال وإيني الإيطالية وبرينكو ووينغ ووا الصينية، وبها ميناء بوانت نوار. وتمتلك نصيبا كبيرا من الليثيوم، ويدخل في صناعة بطاريات السيارات، ولديها نصيب الأسد ، بجانب ناميبيا من الجيرمانيوم ويدخل في صناعة الالكترونيات.

لكن بحسب موقع "يورونيوز"، فهي ثانية أكبر دول إفريقيا والثالثة من حيث عدد السكان حوالي 90 مليون نسمة، ولديها واحد من أقوى معدلات النمو في منطقة جنوب الصحراء الكبرى رغم التحديات.

ورغم تلك المؤشرات الإيجابية، إلا أنها لا تساعد الاقتصاد المحلي، فإيرادات النفط، تقاسمها الشركات مع الدولة، تستخدم أولا لخفض الدين العام باتفاق مع صندوق النقد الدولي، بحسب "مؤتمر مخاطر الدول" الذي نظمته العاصمة كينشاسا قبل أربعة أشهر.

وبحسب وكالة التصنيف الإفريقية "بلومفيلد"، سجلت الكونغو تصنيف 5.1 % من أصل 10 نقاط  تمثل مخاطرة معتدلة، وخطورة متوسطة، في معايير الاقتصاد الكلي وغيرها.

وفي جنوب السودان، وفقا لتقرير للأمم المتحدة، هناك 2.2 مليون نازح داخليا من إجمالي عدد سكان حوالي 12 مليون. وفر 2.3 مليون كلاجئين، نتيجة للصراع وفيضانات كارثية.

ورغم أن النفط يعد أكبر مورد للدخل في جنوب السودان، غير أن تلك الثروة النفطية لم تحقق المزيد من التنمية، وبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي الفعلي5.3% عام 2022، بينما يبلغ إجمالي الدين الحكومي العام64.7% ونسبة الفقر تقارب 45%، وبحسب ما نشرته مؤخرا وكالة "نوفوستي" وفقاً لإحصائية للأمم المتحدة، سجلت انكماشا عالمياً عند مستوى 12.7% .

ورغم الجولة الإفريقية التي حرص عليها بابا الفاتيكان، كجزء من رسالته الإنسانية، لإرساء السلام والتسامح بين الشعوب، واتباعه منهجاً جديداً في التأكيد على منع استغلال الشعوي وثرواتها، رأت صحيفة"The  East African"الكينية الأسبوعية، أن البابا "فشل"، في معالجة الخلاف الدبلوماسي مع رواندا المجاورة، المتهمة بدعم المتمردين في شرق الكونغو، كما رأى آخرون أن البابا، رغم المواضيع العميقة التي أثارها في جنوب السودان، إلا أنه تجنب الحديث عن "مسائل حساسة" بما أنه منذ الانفصال عن السودان عام 2011 لم يشهد انتخابات برلمانية نزيهة ومستقلة!!.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC