logo
اقتصاد

بكين تصعّد الحرب التجارية.. حظر «بوينغ» تمهيداً لعصر طيران صيني

بكين تصعّد الحرب التجارية.. حظر «بوينغ» تمهيداً لعصر طيران صيني
طائرة بوينغ 747 على وشك الهبوط في مطار فرانكفورت في ضوء النهار الأخير- 2 مارس 2024المصدر: أ ف ب
تاريخ النشر:21 أبريل 2025, 06:50 م

بعد أن كانت في طريقها إلى إحدى شركات الطيران الصينية، غيرت طائرة من طراز «بوينغ 737 ماكس» ممهورة بشعار الخطوط الجوية «شيامن» (Xiamen)، وجهتها عائدة اليوم الاثنين إلى أميركا لتلحق بأخرى من الطراز نفسه أُرجعت الأحد، في أحدث انعكاس للحرب التجارية.

يوم الثلاثاء الماضي، ظهرت أنباء مفادها أن السلطات الصينية أمرت شركات الطيران في البلاد بعدم تقديم طلبات جديدة لشراء طائرات «بوينغ»، والحصول على موافقة حكومية قبل استلام الطائرات التي سبق طلبها. رفضت «بوينغ» التعليق على قرار الصين، والتزمت السلطات الصينية الصمت؛ غير أن «وول ستريت» كان لها رد فعل في جلسة ذلك اليوم، هبط سهم «بوينغ» بنحو 2.4%.

على المدى القصير من الصعب قياس حجم الضربة التي وجهتها الصين لـ «بوينغ»، غير أنها بلا شك سوق بالغة الأهمية لعملاق صناعة الطيران الأميركي، إذ يرجّح أن تمثل حوالي 20% من الطلب العالمي بحلول 2042، وفق توقعات السوق لشركة «بوينغ» نفسها، وهي توقعات طويلة الأجل للطلب على الطائرات التجارية والخدمات ذات الصلة. وهذا يجعل من الصين سوقاً لن تستسيغ أي شركة استبعادها منها.

أخبار ذات صلة

أميركا تلوّح بالحرب.. والصين تردّ بكتاب

أميركا تلوّح بالحرب.. والصين تردّ بكتاب

أحدث الضحايا

جرّ قرار الولايات المتحدة بفرض تعريفة جمركية بنسبة 145% على الواردات من الصين، رداً صينياً عنيفاً بتعريفة مقابلة بنسبة 125% على السلع الأميركية، لم تستثنى منها الطائرات. بناء عليه، ستصبح طائرة «737 ماكس»، التي تُقدر قيمتها بحوالي 55 مليون دولار، أكثر تكلفة، ما يجعل شراءها أمراً غير عملي من الناحية المالية لشركات الطيران.

يقدر خبراء القطاع أن طلبيات الشركات الصينية تشكل ما بين 5% و 6% من إجمالي الطلبيات التي تلقتها «بوينغ». من ناحية أخرى، يدرك عمالقة الطيران قوة الجذب التي تتمتع بها السوق الصينية. ففي عام 2019، نقلت شركات الطيران المحلية في الصين أكثر من 660 مليون مسافر. وعلى الرغم من أن وباء كوفيد-19 عطل منحنى النمو، إلا أن الانتعاش سرعان ما عاد. واليوم، تقترب الأرقام من مستويات ما قبل الوباء، مع توقعات بمضاعفتها بحلول عام 2030.

هذا الفصل الأحدث من الحرب التجارية لا يشكل تحديات لـ «بوينغ» فقط - التي لم تخرج بعد من الاضطرابات التي شهدتها خلال السنوات الأخيرة - بل أيضاً لشركات الطيران الصينية التي كانت تنتظر استلام الطائرات الجديدة لدعم خطط توسعها وتجديد أسطولها.

كما يخلق هذا الوضع حالة عدم يقين أوسع في قطاع الطيران العالمي، أجبرت الشركات على التعامل مع المشهد  الحالي عالي التعقيد للتجارة العالمية، ودراسة تأجيل تسلم طلبياتها أو البحث عن بدائل لتجنب العبء المالي الناجم عن ارتفاع الرسوم الجمركية التي لجأت العديد من الدول إلى فرضها كرد انتقامي.

عين على «إيرباص»

بالنسبة لشركة «بوينغ»، يُهدد فقدان التسليمات الصينية معدلات الإنتاج والاستقرار المالي. وقد تحتاج الشركة إلى إعادة توجيه الطائرات المخصصة للعملاء الصينيين إلى أسواق أخرى.

بطبيعة الحال، ووسط طلب عالمي هائل، ستلجأ «بوينغ» إلى إعادة توجيه الطائرات إلى عملاء آخرين ينتظرون حالياً في طوابير للحصول على طائراتهم الموعودة. وبحسب ما صرح به المدير المالي للشركة، برايان ويست، في مؤتمر استثماري الشهر الماضي، فإن لدى «بوينغ» تراكماً هائلاً من الطلبيات يصل إلى 5000 طلب.

لكن هذا النزاع لا بد أن يضعف الشركة أمام المنافس الأوروبي «إيرباص» الذي يتمتع بميزة واضحة في السوق الصينية تحديداً. فالصين تعد أكبر عميل لـ«إيرباص» التي من المقرر أن تُسلمها 136 طائرة هذا العام، و148 أخرى في 2026، و850 طائرة إجمالاً خلال العقد المقبل.

توقيت سيئ لـ«بوينغ»

منذ عام 2018، لا تبدو «بوينغ» في وضع جيد، فهو آخر عام حققت فيه ربحاً سنوياً. وعلى مدى السنوات الست التالية، خسرت الشركة نحو 36 مليار دولار، في انتظار صدور النتائج المالية للربع الأول من العام الجاري في 23 أبريل.

خسائر «بوينغ» الثقيلة نتجت جزئياً عن سلسلة من الكوارث التشغيلية والهندسية، أبرزها حادثتا تحطم طائرتي ركاب «737 ماكس» في عامي 2018 و2019، واللتان أودتا بحياة 346 شخصاً.

أدّت هاتان الحادثتان إلى حظر الطائرة من الأجواء، والذي لم يُرفع إلا أواخر عام 2020، بالإضافة إلى غرامات وعقوبات وتعويضات قدرت الشركة قيمتها بنحو 20 مليار دولار.

أخبار ذات صلة

الحرب التجارية تشتعل.. عودة طائرة «بوينغ» إلى أميركا من الصين

الحرب التجارية تشتعل.. عودة طائرة «بوينغ» إلى أميركا من الصين

ليست مجرد نوبة غضب

بصمت شديد، يجري في الصين واحد من أكبر التحولات في مجال الطيران خلال التاريخ الحديث. وتشير التقارير إلى أن تعليمات بكين لشركات الطيران المحلية بالتوقف عن طلب الطائرات أميركية الصنع ليست مجرد عمل انتقامي أو جولة في حرب تجارية، بل علامة على تحول أعمق في الإستراتيجية الصناعية والتكنولوجية، وإشارات ذات بُعد جيوسياسي.

هنا يبرز اسم «كوماك» (Comac)، العملاق الصيني الصاعد، الذي يقف وراء طائرة C919، أول محاولة صينية حقيقية لمنافسة طائرتي «إيرباص A320» و«بوينغ 737». تستخدم الطائرة إلكترونيات طيران حديثة ومحركات غربية، لكنها مصممة ومُجمّعة صينياً.

لا تُعرّف الشركة كمشروع ناشئ، بل تلقى دعماً كاملاً من الدولة، ولم تكن طلبات شراء 300 طائرة C919 من قبل شركات الطيران الثلاث الكبرى في الصين، مجرد تصويت بالثقة، بل سياسة صناعية محلية قيد التنفيذ.

«كواماك» ليست مستعدة بعد للمنافسة عالمياً، لكنها تعمل على زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 150-200 وحدة سنوياً بحلول نهاية العقد. وهذا يمثل حصة موثوقة من التوسع المتوقع لأسطول الطائرات أحادية الممر في الصين، وجدار حماية إستراتيجي ضد الصدمات الجيوسياسية تستند إليه الصين لبناء مستقبل طيران خاص بها، وتوسيع إنتاج المكونات محلياً خاصة في ظل هيمنتها على المعادن النادرة التي تتحكم في الصناعة. 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC