يستعد سوق العقارات السكنية الفاخرة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى دخول مرحلة جديدة من النمو المستدام، مدعوماً بارتفاع مستويات الدخل، وزيادة أعداد المستثمرين الأجانب، والمزايا الضريبية الجاذبة، وذلك بعد فترة من الاستقرار النسبي.
وبلغ حجم سوق العقارات السكنية الفاخرة في دول مجلس التعاون الخليجي 176.29 مليار دولار أميركي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 215 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 2.98% خلال الفترة من 2025 إلى 2030، وفقاً لدراسة صادرة عن شركة «مارك نتل أدفايزرز» (MarkNtel Advisors) المتخصصة بأبحاث السوق بعنوان: «سوق العقارات السكنية الفاخرة في دول مجلس التعاون الخليجي 2025-2030».
وتطرقت الدراسة إلى أهم الشركات التي ستشكل مستقبل القطاع، وستقود مستقبل تطوير العقارات الفاخرة، وتعد من اللاعبين الرئيسيين في منطقة الخليج، وهي: إعمار العقارية، شوبا العقارية، مراس، النخيل العقارية، داماك العقارية، دار الأركان، شركة جبل عمر للتطوير، بروة العقارية، واجهة العقارية، مجموعة الرائد، الموج مسقط، أزاد العقارية، جلف ريالتورز، وبن فقيه العقارية.
وأرجعت الدراسة أسباب النمو إلى رغبة الناس في العيش بمنازل فاخرة تتمتع بمزايا متعددة مثل المساحة الكبيرة والديكورات الداخلية الجذابة والأمن المعزز إلى جانب وسائل الراحة الراقية مثل مناطق اللعب وحمامات السباحة وغير ذلك الكثير.
إلى جانب ذلك، أوضحت الدراسة أن الدخول المرتفعة للأشخاص في منطقة الخليج، والتي يمكن ملاحظتها من خلال قيم الناتج المحلي الإجمالي المرتفعة للفرد.
كما يلعب التنوع الاقتصادي الذي تشهده دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً دوراً رئيسياً في جذب المزيد من المشترين والمستثمرين، وذلك لأنها تضم العديد من المعالم السياحية، وتستضيف أحداثًا كبرى مثل البطولات الرياضية والمؤتمرات التجارية والمعالم السياحية وما إلى ذلك.
هيمنت دولة الإمارات العربية المتحدة على السوق بحصة سوقية تبلغ حوالي 46%، وذلك بفضل بنيتها التحتية المتطورة للغاية التي تجذب الكثير من الناس للاستثمار في هذا المكان.
بالإضافة إلى ذلك، تعد الإمارات العربية المتحدة موطناً للعديد من مطوري العقارات الرائدين. ونتيجة لذلك، هناك خيارات متعددة للاختيار من بينها فيما يتعلق بالعقارات السكنية الفاخرة.
علاوة على ذلك، يتمتع سكان الإمارات العربية المتحدة بدخل مرتفع، كما تضم التركيبة السكانية عدداً كبيراً جداً من الأثرياء، ما يجعلها مكاناً خصباً للطلب.
وتوقعت الدراسة أن يستثمر الأثرياء بمدينة دبي وحدها فقط 5.4 مليار دولار أميركي في 2025.
يرى خبير العقارات سليمان الدليجان، مدير مكتب الدليجان للعقارات في الكويت، أن سوق العقارات شهد تحولات ملحوظة خلال عام 2024 مقارنة بالعام السابق، حيث ارتفع حجم التداول العقاري بأكثر من 30%.
ومع ذلك، سجل قطاع العقارات السكنية الخاصة تراجعاً في التداول، ما قد يشير إلى بوادر ركود أو انخفاض في الطلب على المدى القصير والمتوسط.
وأوضح الدليجان أن هذا التراجع يعكس انخفاض الطلب على العقارات السكنية الخاصة، وقد لا يتماشى بالضرورة مع توقعات دراسة «مارك نتل أدفايزرز»، التي يشير إلى استمرار ارتفاع الطلب على العقارات السكنية الفاخرة في بعض المناطق.
في المقابل، شهد القطاع الاستثماري إقبالاً متزايداً، مدفوعاً بعدة عوامل، أبرزها انخفاض أسعار الفائدة، وانتهاء الدورة العقارية للقطاع السكني، إضافةً إلى القوانين الجديدة المتوقع تطبيقها قريباً.
ومن بين هذه القوانين فرض رسوم سنوية على الأراضي السكنية الخالية التي تتجاوز مساحتها 1,500 متر مربع، حيث تبدأ الرسوم تدريجياً من 10 دنانير لكل متر مربع في السنة الأولى، لترتفع إلى 30 ديناراً في السنة الثانية، و70 ديناراً في السنة الثالثة، ثم تصل إلى 100 دينار في السنة الرابعة.
هذه التغييرات دفعت جزءاً كبيراً من رؤوس الأموال إلى التحول من القطاع السكني إلى القطاعات الاستثمارية والتجارية والحرفية، ما يعزز توقعات بانتعاش القطاع الاستثماري خلال السنوات الخمس المقبلة، خاصة مع تراجع تكلفة الاقتراض.
ورغم هذه التحولات، لا تزال الكويت تواجه تحدي نقص المعروض العقاري مقارنة بالطلب، على عكس الأسواق العقارية في السعودية والإمارات، حيث تتزايد المشاريع العقارية الجديدة بشكل مستمر.
تعد المزايا الضريبية أحد العوامل الجاذبة للمستثمرين في قطاع العقارات الفاخرة، حيث لا توجد ضرائب مرتبطة بشراء عقار أو أي رسوم حكومية سنوية في كل من: الإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان.
أما في المملكة العربية السعودية والبحرين يكون المشترون معفيين من الضرائب السنوية، ولكن يتعين عليهم دفع ضرائب لنقل العقارات لأنفسهم، وتبلغ هذه الضريبة حوالي 2% فقط في البحرين، و5% في المملكة العربية السعودية.
تعد المنازل والفيلات أكثر العقارات الفاخرة شراءً حيث تبلغ حصتها في السوق حوالي 49%، وذلك لأن المنازل الأرضية توفر للمشترين المتطلبات التي يرغبون فيها مثل المساحات الداخلية الواسعة والحدائق والطوابق المتعددة والمسابح الخاصة والأهم من ذلك الخصوصية.
كما أن معظم الفيلات الفاخرة مبنية على الجزر أو الشواطئ ما يجعلها تتمتع بإطلالات جذابة.
وعلاوة على ذلك، تعد أفضل مصادر الاستثمار حيث تتمتع بإيجارات مرتفعة، وشهدت زيادة كبيرة في قيمتها على مر السنين.
كما يصبح مالك العقار مالكًا للأرض على عكس الشقق والبنتهاوسات الشاهقة.
على الرغم من التوقعات الإيجابية، فإن السوق ليس بمنأى عن التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية. فقد شهدت دبي، على سبيل المثال، ارتفاعاً في أسعار العقارات بين عامي 2012 و2014، تلاه تراجع استمر حتى عام 2020، مما أثّر على ثقة المستثمرين.
ومع تزايد المعروض من المشاريع العقارية الفاخرة، قد يواجه السوق ضغطاً للحفاظ على معدلات الطلب المرتفعة، خاصة مع التغيرات الاقتصادية العالمية وتأثيراتها على تدفق رأس المال الأجنبي.
ومن الممكن أن تتقلب أسعار العقارات السكنية الفاخرة؛ بسبب الأنشطة غير المتوقعة المختلفة للدول القوية بما في ذلك التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي والحروب والصراعات وما إلى ذلك.