ستطلق تيك توك شركة تجارة إلكترونية في الولايات المتحدة لبيع سلع مصنوعة في الصين للمستهلكين، مما يزيد من تنافسها مع منصات التسوق الشهيرة مثل "شي إن" و"تيمو".
وقال مطلعون على الخطة إن منصة مشاركة الفيديو ستتيح برنامج التسوق في أكبر سوق لها في أوائل أغسطس، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تكرار النجاح الأميركي للخصمين الصينيين.
وعلى غرار برنامج "Sold by Amazon"، ستقوم تيك توك بتخزين وشحن العناصر -بما في ذلك الملابس والإلكترونيات وأدوات المطبخ- نيابة عن الشركات المصنعة والتجار في الصين، كما ستتعامل مع التسويق والمعاملات والخدمات اللوجستية وخدمات ما بعد البيع.
وتوسع هذه الخطوة من استراتيجية التجارة الإلكترونية الخاصة بمنصة تيك توك، والتي عانت من خططها الأولية لتطوير منصة بائعي الطرف الثالث في الولايات المتحدة، وقد أخرت إطلاقاً أوسع لهذه الخدمة لأن التجار الأميركيين كانوا مترددين في الانضمام وسط حالة من عدم اليقين السياسي بشأن مستقبل التطبيق، وتواجه تيك توك تدقيقاً متزايداً في واشنطن، حيث وصفها المسؤولون والمشرعون بأنها تمثل خطراً على الأمن القومي.
وتقوم تيك توك الآن ببناء سوق شبيه بأمازون، مركز تسوق TikTok Shop، والذي يدمج قنوات مختلفة، حيث يمكن للمستخدمين عرض البضائع وشراؤها في صفحة واحدة، كما يمكن للمستخدمين مراجعة البضائع المباعة من خلال تيك توك أو مباشرة من قبل تجار التجزئة الخارجيين.
ويهدف دخول تيك توك إلى نموذج التجارة الإلكترونية الجديد إلى توسيع نظام البيع لكسب المزيد من الأموال من تطبيق الفيديو الشهير، والتنويع بما يتجاوز مبيعات الإعلانات، وتأتي هذه الخطوة في أعقاب صعود "تيمو" (Temu) الذي تملكه شركة "بي دي دي هولدينغز" PDD Holdings ومنصة التجزئة للأزياء السريعة "شي إن" (Shein) -والتي حققت أرباحاً بقيمة 800 مليون دولار في عام 2022- ويمكن أن تضيف اختباراً آخر لموقع أمازون.
وقالت المصادر إن تيك توك يهدف إلى مضاعفة إجمالي قيمة البضائع أربع مرات، أو إجمالي حجم المعاملات للسلع على المنصة، إلى 20 مليار دولار هذا العام على مستوى العالم من أقل من 5 مليارات دولار العام الماضي.
وقال متحدث باسم وحدة التسويق، إن متجر TikTok Shop، وهو وحدة التجارة الإلكترونية في التطبيق، سيحافظ على أولويته القصوى في تمكين الشركات المحلية من بناء وجودها على المنصة.
ولم يستجب تيمو وشي إن لطلبات التعليق.
وقامت مجموعة من بائعي التجارة الإلكترونية، بما في ذلك "تيمو" (Temu) و"علي إكسبريس" (AliExpress) المملوكة لشركة "علي بابا غروب هولدينغ" (Alibaba Group Holding's) و"شوبي" (Shopee)، المملوكة لشركة "سي ليمتد" Sea التي تتخذ من سنغافورة مقراً لها، بطرح برامج مماثلة في جميع أنحاء العالم منذ العام الماضي، مما يعزز مكانة الصين كمصنع فعلي عالمي لتقديم سلع ذات أسعار منخفضة.
وقال أحد المدراء في تيك توك لجمهور من المئات ممن حضروا عرضا ترويجيا عبر الإنترنت الأسبوع الماضي: "مشهد التجارة الإلكترونية هذا العام هو ببساطة أن جميع المنصات تتبنى هذا النموذج الجديد".
وأضاف، مشيراً إلى تيمو وشي إن: "ميزة تيك توك عن منصات الأقران الأخرى T و S هي أن لدينا مليار مستخدم نشط شهرياً على مستوى العالم"، تمتلك منصتا التسوق هاتان مجتمعتان خُمس قاعدة مستخدمي تيك توك العالمية، وفقاً لشركة سينسور تاور لأبحاث السوق.
وقال مطلعون على الأمر إن المديرين التنفيذيين في تيك توك، المملوكة لشركة بايت دانس ومقرها بكين، كلفوا فريق التجارة الإلكترونية التابع لها في مارس بفحص نماذج الأعمال لمنافسيها سريع النمو، وبعد شهرين، أطلقت نسختها الخاصة في المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن كافح العديد من التجار الصينيين، عند استخدامهم منصة البائعين الخارجيين، لتوفير خدمة عملاء مناسبة وزيادة أرباحهم، على حد قول المصادر، وسعت تيك توك أيضاً إلى زيادة السيطرة على السلع والخدمات المقدمة على نظامها الأساسي، حيث تسببت الشكاوى حول المنتجات المقلدة والخداع في حدوث صداع لهم، على حد قولهم.
ووفقاً لما تسميه "نموذج الخدمة الكاملة"، لن تدفع تيك توك للموردين الصينيين إلا بعد العثور على مشترين في الولايات المتحدة، وستعيد العناصر التي لا تحظى بشعبية لتجنب الكساد في المخزون، كما قال بعض المصادر.
وقال المطلعون إنها تخطط أيضاً لفتح البرنامج الجديد للمصنعين والتجار خارج الصين في المستقبل، حيث إنها تبني أنظمة تسوية دولية وأنظمة لوجستية.
تحديات للتطبيق
ويقول محللون إن طرحها في الولايات المتحدة قد يزيد من الضغط الذي تواجهه تيك توك بالفعل من المنظمين والمنافسين، وقالت إدارة بايدن إن تيك توك بحاجة إلى بيع عملياتها في الولايات المتحدة أو مواجهة حظر للتطبيق، مشيرة إلى مخاوف من إمكانية وصول الصين إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، بينما نفت تيك توك مراراً وتكراراً تلقي طلبات الحكومة الصينية للحصول على بيانات المستخدمين، وقالت إنها لن تستجيب إذا طُلب منها ذلك.
وقالت إيفي ياغن، المحللة التكنولوجية التي عملت سابقًا في شركة علي بابا للتجارة الإلكترونية العملاقة: "إنها معركة شاقة بالنسبة لـ تيك توك، لأن المنافسة ليست شرسة فحسب، ولكن التحديات أكبر أيضاً بالنسبة لـ تيك توك إذا كان يعمل بشكل جيد بالفعل".
ويقول المحللون إن تيك توك تواجه أيضاً تحديات عملية، لأن البيع بالتجزئة يتطلب خبرات ومواهب مختلفة وتفكيراً تجارياً من منصة وسائط اجتماعية، وسوف تحتاج إلى الاستثمار بكثافة في التخزين وإدارة سلسلة التوريد وخدمة ما بعد البيع.
وتقوم تيك توك بتوظيف مشترين محترفين يختارون البضائع من الموردين ويتفاوضون على الأسعار معهم، بالإضافة إلى مديري المستودعات والطلبات، وقال مسؤولو التوظيف إن بعض المواهب تم اقتناصها من تيمو وشي إن.
ومع زيادة عدد الموظفين، يعمل الموظفون لوقت إضافي في مستودعاتها في مركز التصنيع جنوب الصين في مقاطعة غوانغدونغ لمراجعة عينات المنتجات المرسلة بالبريد بواسطة آلاف الموردين.
وما زال العمل ناشئاً جداً لدرجة أن تيك توك طلبت من موردي الأزياء الرجوع إلى معايير شي إن للحصول على بعض تفاصيل المنتج مثل الحجم وغيره، وفقاً للإرشادات التي شاهدتها صحيفة وول ستريت جورنال.
ولجذب الشركات المصنعة للانضمام إلى البرنامج، عقدت تيك توك العشرات من العروض الترويجية منذ مايو، سواء على حساب "وي تشات" (WeChat) على وسائل التواصل الاجتماعي أو شخصياً، كما خففت شروط الدخول، وتقدم إعانات ضريبية للموردين وتدفع ثمن شحناتهم من البضائع.
وبعد حضور عرض ترويجي هذا الشهر، تقدم شيه شوفا، الذي يدير مصنعاً للديكورات المنزلية، بطلب للانضمام إلى البرنامج، وقال إن لديه بعض العناصر التي رفضتها تيك توك، لأن الأسعار التي كان يطلبها كانت مرتفعة للغاية، وهو يفكر الآن في خفض الأسعار، ويعتمد على خوارزميات تيك توك لجذب المزيد من العملاء لتعويض هوامش ربح أقل.
وقال "إن البرنامج تجريبي لكل من تيك توك والمصانع"، "وإلى أي مدى يمكن أن يعمل بشكل جيد، علينا أن ننتظر ونرى".
