يتصور تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مستقبلاً تكون فيه التكنولوجيا أداةً لا تقتصر على تسهيل تواصل الناس فحسب، بل تحمي حياتهم أيضاً.
وفي الوقت الذي يسعى فيه لجعل «أبل» رائدة في الابتكار الصحي والذكاء الاصطناعي (AI)، يرى كوك أن هذين المجالين يمثلان حجر الأساس لإرث الشركة، وفقاً لما ذكره في مقابلة مع موقع «وايرد».
خلال المقابلة، كشف كوك أن «أبل» كانت تستعد بهدوء لثورة الذكاء الاصطناعي على مدار سنوات. فمنذ عام 2018، كانت الشركة تُمهد الطريق لهذه اللحظة، ووظفت أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الذكاء الاصطناعي لدى «غوغل»، جون جياناندريا، وأعادت توجيه مواردها من مشاريع أخرى، مثل مشروع السيارة الذكية.
وقد أعلنت «أبل» مؤخراً عن إطلاق (Apple Intelligence)، وهو أول إصداراتها المهمة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، في وقت حقق فيه المنافسون تقدماً ملحوظاً في هذا المجال المتسارع.
ورغم دخول «أبل» المتأخر، أكد كوك ثقته في نهج الشركة، مشدداً على التزامها بالخصوصية والفائدة. وصرح قائلاً: «نهج «أبل» الكلاسيكي يتمثل في دخول سوق مزدحم، ليس لتكون الأولى، بل لتقديم ابتكار ذي مغزى».
وتشمل قدرات الذكاء الاصطناعي الجديدة، بحسب كوك، أدوات لإنشاء الرموز التعبيرية المخصصة وتوليد الصور، بالإضافة إلى نسخة محدثة من المساعد الشخصي «سيري» وتكامل مع «تشات جي بي تي» من «أوبن إيه آي».
كما تُركز أدوات الذكاء الاصطناعي في «أبل» على المعالجة المباشرة على الجهاز؛ مما يقلل الاعتماد على الأنظمة السحابية ويضمن خصوصية بيانات المستخدم. أما بالنسبة للمهام الأكثر تعقيداً، فتُجرى العمليات الحسابية في مناطق آمنة ضمن مراكز بيانات «أبل»، مما يعزز التزام الشركة بالأمان.
ومن أبرز ما جاء في تصريحات كوك هو توسع تقنيات «أبل» المتعلقة بالصحة، إلى جانب الذكاء الاصطناعي، مؤكداً دعمه للتكنولوجيا الصحية باعتبارها جزءاً محورياً من تأثير «أبل».
وقد تم إطلاق ساعة «أبل» في البداية مع ميزات أساسية لمراقبة نبضات القلب، لكنها الآن تقدم ميزات أكثر تقدماً مثل اكتشاف انقطاع التنفس أثناء النوم ووظيفة تخطيط القلب الكهربائي (ECG). وأشار كوك إلى أن العديد من المستخدمين قد نسبوا الفضل إلى ساعة «أبل» في إنقاذ حياتهم من خلال التنبيهات الصحية المبكرة.
كما تطرق كوك إلى القدرة القادمة لسماعات «أيربودز» في مساعدة الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع. وقال: «الأمر يتعلق بمحاولة إقناع الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع باستخدام سماعات الأيربودز الخاصة بهم»، مشيراً إلى أن الوصمة الاجتماعية المتعلقة بأجهزة السمع تمثل عائقاً للكثير من الأشخاص.
وأضاف أن هدف «أبل» هو توسيع الوصول إلى تكنولوجيا الصحة، مما يجعل أدوات مثل اكتشاف فقدان السمع أكثر وصولاً للجميع.
وعندما سُئل عن إمكانيات الذكاء الاصطناعي في التشخيص، كان كوك حذراً في الكشف عن الخطط المحددة، لكنه أكد أن «أبل» تبحث في طرق لاستخدام أجهزتها للكشف عن الحالات الطبية الخطيرة في وقت أبكر مما تسمح به الطرق التقليدية. وأكد أن الصحة والعافية ستكونان في صميم ابتكارات «أبل» المستقبلية.
ويرى كوك أن دمج التكنولوجيا والرعاية الصحية يمثل أعظم فرصة للشركة لتحسين حياة الناس. وقال: «الأمر لا يتعلق بالأجهزة فقط؛ بل بإنشاء أنظمة تمكن الأفراد من السيطرة على صحتهم».
ومع تزايد دمج الذكاء الاصطناعي في منظومة «أبل»، تناول كوك المخاوف المتعلقة بآثاره، والتي قادت جهود الشركة لضمان أن تبقى أدوات الذكاء الاصطناعي شخصية ومساعدة، لتعزز القدرات البشرية بدلاً من استبدالها. وكدليل على ذلك، أكد أن أهداف (Apple Intelligence) تتمثل في تحسين الإنتاجية مع الحفاظ على نية المستخدم وإبداعه.
كما أقر كوك بالتحديات المرتبطة بالشراكات في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل التعاون مع «أوبن إيه آي». ورغم الاستفادة من الخبرات الخارجية، تحافظ «أبل» على سيطرتها على نظامها لضمان التكامل السلس ومنح المستخدمين حرية الاختيار.
عند تأمله لمسيرة «أبل»، شدد كوك على أهمية امتلاك التكنولوجيا الأساسية والتكيف مع تحولات الصناعة. وقال: «لطالما آمنا ببناء قوتنا من خلال الابتكار مع البقاء مخلصين لقيمنا في الخصوصية والإبداع».
ورغم أن نجاح (Apple Intelligence) ومبادراتها الصحية لم يُحسم بعد، تشير رؤية كوك إلى طموح أوسع، وهو جعل التكنولوجيا مرتبطة بشكل وثيق بتحسين رفاهية مستخدميها مع الحفاظ على التزام قوي بالخصوصية والأمن.