نال قرار لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب المصري بحجب إحدى المنصات الشهيرة بالمراهنات الرياضية إشادة واسعة في الشارع المصري.
وكان النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصري، أكد أن القرار جاء بعد مراجعة المحتوى الذي تقدمه المنصات، مضيفاً أن لجنة الاتصالات تحركت منذ أسابيع لمواجهة تطبيقات المراهنات والقمار الإلكتروني، مشيراً إلى أن قانون «مكافحة الجريمة الإلكترونية» يجرّم هذه الأنشطة.
هذا القرار أعاد للواجهة تصريحات قبل نحو شهر من اللاعب باسم مرسي مهاجم الإسماعيلي السابق، بعدما كشف عن وجود سوق مراهنات في الكرة المصرية، وأن هناك عدداً كبيراً من اللاعبين يعلمون ذلك، وكشف اللاعب عن وجود اتفاقيات، حيث يُطلب من اللاعبين إخراج الكرة لرمية تماس أو ارتكاب خطأ أو الحصول على إنذار في وقت محدد مقابل الحصول على عشرة آلاف جنيه أو خمسة عشر ألف جنيه.
«إرم بزنس» تواصلت مع اللاعب الذي طلب عدم الحديث مرة أخرى في هذا الموضوع في الوقت الراهن بعد تعليمات مشددة من ناديه بالامتناع عن الحديث للإعلام عقب تصريحاته السابقة.
تلك التصريحات هي امتداد لما كشفه الإعلامي الرياضي المصري "فيصل زيدان" على حسابه في منصة «إكس» حول سوق المراهنات في الكرة المصرية.
وفي تصريحات خاصة لـ«إرم بزنس»، قال زيدان: «قبل ثلاثة أعوام وصلتني أخبار غاية في الخطورة بعدما تلقيت معلومات عن وجود مراهنات في دوري الدرجة الثانية، وتواصلت مع بعض الإعلاميين والمسؤولين للتأكد من الأمر، حيث أكد لي أحد الصحفيين المكلفين بتغطية المباريات بأن المراهنات في الدوري أمر طبيعي جداً، وأن هناك شركات تشرف على هذه المراهنات».
أضاف الإعلامي المصري أنه حتى خلال وقت جائحة كوفيد 19 ومنع الجماهير من حضور المباريات، كان هناك عدد من الأشخاص يدخلون الملاعب ببطاقات صادرة عن الاتحاد المصري لكرة القدم دون معرفة طبيعة هذه البطاقات، ثم يجلسون في المدرجات وعقد مباحثات بينهم عن سير نتائج المباريات فيما يتعلق بالمراهنات.
وقال زيدان إنه تمكن من الحصول على بعض التسريبات الصوتية التي تثبت هذا الأمر، وبُثَّت في برنامجه على قناته في يوتيوب. موضحاً أن التسريبات أكدت وجود اتصال مع بعض اللاعبين في أندية الصعيد جنوبي مصر تفيد بأن تفويت كل هدف في مرمى فريقه سيكون بمقابل خمسة وأربعين ألف جنيه مصري، حتى إن المتصل طلب من اللاعب أن تنتهي المباراة بخسارة فريقه بهدف لثلاثة بالتحديد.
وكشف الإعلامي المصري في تصريحاته الخاصة لـ«إرم بزنس» أنه عندما فجر القضية على السوشيال ميديا وصلته أوراق تكشف عن وجود شبكة كبيرة من المراهنات حتى في الدوري الممتاز، وأن الظاهرة متفشية بقوة بين الشباب؛ بسبب الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها الكثيرون.
وتابع زيدان أنه تواصل مع مسؤولين في الاتحاد المصري لكرة القدم الذين تباطؤوا في البداية قبل أن ينتفضوا بإحضار كل من ثبت تورطهم في التسجيلات والوثائق، فتم شطب أحدهم وإيقاف آخر لمدة سنة عن أي نشاط رياضي.
في السياق ذاته، أشار موقع «مايتي تيبس»، المعني بالمراهنات حول العالم بمختلف أنواعها، أنه على الرغم من بعض القيود الصارمة التي تطبقها الحكومة المصرية، إلا أن مشهد المراهنات الرياضية في مصر لا يزال مزدهراً.
ويقدّر الموقع أن عام 2020 سجل قيمة إجمالية لسوق المراهنات المصري بـمليار ومئتي مليون دولار بمختلف أنشطته، ومنها المراهنات في الرياضة، ويبلغ متوسط مبلغ المراهنة على مواقع المراهنة عبر الإنترنت في مصر حوالي مئة دولار شهريًا، ويبلغ متوسط عمر المراهنين عبر الإنترنت في مصر 32 عاماً.
وتواصلت «إرم بزنس» مع أحد مسؤولي هذه الشركات، رافضاً الكشف عن هويته ومؤكداً أن شركته تعمل بكود رسمي، وأنه يعمل مع شركات عالمية كبرى تملك حق الرعاية التجارية في بطولات كرة قدم مثل دوري أبطال إفريقيا وفي الدوري المصري نفسه، وأن إعلانات الشركة تظهر بوضوح على جوانب الملاعب.
وينخرط في هذه السوق السوداء مراهنون من كافة الأعمار من الجنسين، وسبق أن نشرت الصحف المصرية حادثاً مأساوياً عندما قتل أحد المدرسين طالباً عنده بعد اختطافه مطالباً بفدية من أسرته بعد أن فقد كل أمواله في المراهنات الرياضية في الدوري المصري.
وفي هذا السياق عاد فيصل زيدان ليؤكد أن هناك بعض الأندية لا تدفع رواتب لاعبيها، ويضطر اللاعبون للوقوع في فخ المراهنات وبيع المباريات وتنفيذ مطالب الشركات لجني المزيد من الأموال.
وتابع أن مسؤولي نادي «نبروه» في الإسكندرية تواصلوا مع الاتحاد المصري مؤكدين أن هناك شركات تتواصل معهم للانخراط في المراهنات الرياضية، وتفويت المباريات مقابل ربح مادي كبير.
وفي تصريح خاص لـ«إرم بزنس»، أكد حمزة الجمل لاعب نادي الإسماعيلي ومنتخب مصر السابق أنه طوال مسيرته كلاعب ومدرب في الدوري المصري لم يشاهد ولم يلمس مثل هذه الأمور.
وأضاف الجمل أن طبيعة اللاعب المصري في الغالب تغلب عليها النزعة الدينية، مؤكداً أن الحديث عن سوق المراهنات من عدمه لا بد أن يكون ملموساً وحدث بالفعل، وأنه لم يصادف ذلك خلال مسيرته على الإطلاق.
يمنع القانون المصري المراهنات في المسابقات الرياضية بشكل حاسم، لكن وحسب تصريحات فيصل زيدان، فإن هذه الشركات تتحايل على الأمر باستخراج تصاريح عمل مسابقات ومنح جوائز.
وهذه الشركات تابعة لشركات مراهنات كبرى في العالم منها شركات في الولايات المتحدة الأميركية.
وكانت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأميركية قد أصدرت قراراً في الأول من مايو عام 2018 بتشريع المراهنات الرياضية، وذكر موقع «ستاتيستا» للإحصائيات أنه في عام 2022، كان هناك ما يقرب من 25.02 مليون مراهن على الألعاب الرياضية عبر الإنترنت في الولايات المتحدة وحدها، وأنه من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 36.9 مليون بحلول عام 2025.
وفي التاسع من فبراير الماضي ذكرت جامعة «بونافنتورا» ومعهد أبحاث كلية «سيينا» أن 39% من الأميركيين يراهنون في الرياضة.
«إرم بزنس» تواصلت مع مركز الأزهر الشريف العالمي للفتوى الذي حذر من انتشار سوق المراهنات من خلال التطبيقات الإلكترونية، مؤكداً أنه نوع من القمار المُحرم شرعاً. وأوضح أنه يسبب مفاسد اجتماعية وضرراً كبيراً للمنخرطين فيه، ويؤدي إلى التأثير السلبي على الدخل المالي للأسرة، ومن ثم الغرق في الديون.
وفي تصريح لـ«إرم بزنس»، قال عبد الخالق العطيفي، مدير عام بوزارة الأوقاف المصرية، إن هذه المراهنات عبارة عن عادة ضارة مصدرها ثقافات مختلفة، ورغم اختلاف المسميات، إلا أنها تدخل تحت جريمة الميسر أو القمار وهي كبيرة من الكبائر.
وأشاد العطيفي بقرار لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب المصري بحجب المنصات المعنية بالمراهنات، مطالباً الأجهزة المعنية في الدولة المصرية باتخاذ إجراءات رادعة لمنع هذه الممارسات الهدامة.