يشهد قطاع السياحة في المغرب تحولاً لافتاً، مدفوعاً بريادة أعمال مبتكرة، إذ استقبلت البلاد 17.4 مليون سائح خلال عام 2024، بنمو 20% مقارنة بالعام السابق، مع تحضيرات المغرب لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030.
ووفقاً لمنظمة السياحة العالمية، يحتل المغرب المرتبة الأولى في إفريقيا من حيث تطوير الشركات الناشئة السياحية وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI).
واستقطبت البلاد على مدار العقد الماضي 2.2 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع السياحة، ضمن متوسط سنوي يبلغ 3.5 مليار دولار عبر جميع القطاعات.
وتجاوزت عائدات السياحة 11 مليار دولار في عام 2024 ما يعكس الأهمية الاقتصادية المتزايدة لهذا القطاع.
من جانبها، أوضحت ناتاليا بايونا، المديرة التنفيذية لمنظمة السياحة العالمية، أن هذا النجاح يرجع إلى تركيز المغرب على التراث الثقافي ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقالت بايونا في تصريحات صحفية مؤخراً: «هذه الشركات الناشئة لا تبتكر فقط، بل تسهم كذلك في الحفاظ على التراث وتعزيز المشاريع المحلية، ما يمنحها ميزة تنافسية فريدة».
تشهد المغرب ظهور العديد من الشركات الناشئة التي تعيد تشكيل القطاع السياحي بطرق مبتكرة ومستدامة، ومن بين هذه الشركات، تبرز «إيكدوم» (Ecodome)، التي تقدم حلول إقامة سياحية صديقة للبيئة، مصممة خصيصًا لتناسب مختلف المناطق في المغرب، ما يعزز مفهوم السياحة المستدامة.
كما تسهم شركة «بيكالا» (Pikala) في تعزيز السياحة الحضرية من خلال تنظيم جولات سياحية بالدراجات، مما يمنح الزوار فرصة لاستكشاف المدن المغربية بطريقة أكثر تفاعلية وصديقة للبيئة.
وعلى الجانب الرقمي، توفر منصة «واناوت» (Wanaut) تجربة متكاملة للسياح والسكان المحليين عبر جمع وتنظيم الفعاليات الثقافية والترفيهية، ما يسهل على الزوار اكتشاف الأنشطة المختلفة في جميع أنحاء البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أنه بفضل هذه المبادرات، أصبح قطاع السياحة المغربي أكثر تنوعًا وجاذبية، حيث يسهم في جذب شرائح جديدة من السياح، وتشجيعهم على استكشاف وجهات غير تقليدية تتجاوز المدن السياحية الشهيرة مثل مراكش وفاس.
في إطار استعداداتها لكأس العالم 2030، تستثمر الحكومة المغربية بكثافة في تطوير البنية التحتية.
وأعلنت وزارة النقل واللوجستيك مؤخرًا عن خطة بقيمة 4 مليارات دولار لتوسيع المطارات بحلول عام 2030.
واستقبلت المطارات المغربية في عام 2024 أكثر من 32 مليون مسافر، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 60 مليونًا في 2030، ثم 90 مليونًا في 2035.
ويسهم في هذا التحول الإيجابي، عدد حاضنات الأعمال، وبرامج التسريع، ومصادر التمويل المتزايدة، وكذلك لا تزال بيئة الشركات الناشئة السياحية في المغرب في مراحلها الأولى مقارنة بأوروبا أو أميركا الشمالية، لكنها تنمو بسرعة، مما يضع أسسًا قوية للنجاح المستقبلي.
وكانت وزيرة السياحة المغربية فاطمة الزهراء عمور، صرحت، مؤخراً، إن بلادها تواصل تحفيز الاستثمارات في القطاع السياحي مع اقتراب كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 لكرة القدم، اللذين تستضيفهما المملكة.
وأكدت أن نتائج قطاع السياحة تعكس قوة الرؤية التي تهدف إلى جذب 26 مليون سائح بحلول 2030.
ويسعى المغرب إلى توفير 150 ألف سرير بحلول 2030، وتعزيز العرض الترفيهي في البلاد، وفق الوزيرة.
وفتح المغرب خطوطا جوية إضافية أمام الأسواق السياحية الرئيسية مع الترويج لوجهات سياحية جديدة بالداخل والتشجيع على تجديد الفنادق.
المغرب حقّق إنجازاً كبيراً وغير مسبوق خلال عام 2024، واستقبل 17,4 مليون سائح، وبلغت عائدات السياحة 104 مليارات درهم (أكثر 10 مليارات و400 ألف دولار) حتّى نهاية نوفمبر 2024، في ارتفاع نسبته 7% مقارنة بالعام 2023، وفق ما أعلنت وزارة السياحة المغربية الشهر الماضي.
وفي العام 2023، سبق للمغرب أن شهد عددا قياسيا من السياح مع 14,5 مليون زائر.
وتمثل السياحة نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي لمغرب، وهي مصدر رئيسي للتوظيف والعملة الأجنبية.
وتعد السياحة ثاني مصدر للنقد الأجنبي في المغرب خلال 2023، بقيمة 10 مليارات دولار، بعد تحويلات المغتربين المغاربة بالخارج البالغة 11.6 مليار دولار في ذلك العام.
وتتجاوز الأرقام المحققة في عام 2024 ما سُجِّل في 2019 بنسبة 35%، مما يجعل المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا.
ووفقا للهيئة المنظمة لسعر الصرف في المغرب، ارتفعت عائدات السياحة في الفترة من شهر يناير 2024 إلى نوفمبر الماضي، 7.2% إلى مستوى قياسي بلغ 104 مليارات درهم (10.4 مليارات دولار).
مع استمرار الاستثمار في الابتكار، وتطوير البنية التحتية، والحفاظ على التراث الثقافي، يسير قطاع السياحة المغربي نحو نمو مستدام، مستفيدًا من زخم كأس العالم القادم لتعزيز مكانته كوجهة عالمية رائدة.
الخبير الاقتصادي المغربي بدر الزاهر الأزرق، توقع في حديث لـ«إرم بزنس» استمرار ارتفاع أعداد السائحين، ليصل إلى أكثر من 20 مليون سائح هذا العام، وقد تصل لـ30 مليون سائح قبل كأس العالم 2030.
وأشار الأزرق إلى أن أرقام هذا العام جاءت نتيجة الترويج الجيد للمملكة، وتنويع العروض السياحية، وتحسين شبكة الطرق والبنية التحتية على مدار أعوام، بالإضافة لارتباط المغرب بعقود شراكة عديدة مع شركات النقل الجوي، ما خفض التكلفة على السائح، خاصة من دول الخليج وأوروبا.
وأضاف أن ارتفاع معدل السياحة إلى المغرب يرجع أيضاً إلى تطوير البنية الفندقية، وفتح باب الاستثمارات الدولية في القطاع السياحي، والاستفادة من الدعم الحكومي في هذا القطاع، إلى جانب تطوير قطاعات أخرى مثل السياحة التضامنية والتراثية والسياحة الخضراء.