السبت 29 مارس 2025 ص
في خطوة تاريخية، تعهدت الشركات اليابانية الكبرى بتقديم أكبر زيادات في الأجور منذ 34 عاماً، وهو ما يُعتبر مؤشراً على نمو اقتصادي قوي. ومع ذلك، فإن هذه الزيادات تضع ضغوطاً كبيرة على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تجد نفسها مضطرة لتبني استراتيجيات مبتكرة للبقاء قادرة على المنافسة في سوق العمل.
بينما تجد الشركات الكبرى نفسها قادرة على تقديم زيادات كبيرة في الرواتب، تواجه الشركات الصغيرة صعوبة في اللحاق بهذا التطور، بسبب محدودية الموارد المالية. وبدلاً من رفع الرواتب الأساسية، التي قد تشكل عبئاً مالياً ثقيلاً على هذه الشركات، بدأت الشركات الصغيرة والمتوسطة في اليابان بالتركيز على تعزيز المزايا المقدمة للموظفين.
هذه المزايا تشمل الدعم الغذائي مثل قسائم الطعام التي تقدم للموظفين للمساعدة في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، بالإضافة إلى زيادات في المكافآت السنوية وتقديم بدلات إضافية مثل دعم تكاليف النقل أو التعليم. هذه الاستراتيجيات تهدف إلى تعويض الفجوة بين الرواتب التي تقدمها الشركات الكبرى والأجور في الشركات الصغيرة، مما يساعد على جذب الموظفين والاحتفاظ بهم.
الشركات الصغيرة تلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد الياباني، حيث تمثل حوالي 70% من إجمالي القوى العاملة. ومع ذلك، فإن القدرة على الحفاظ على استدامة الأجور في ظل ارتفاع تكاليف العمالة أصبح تحدياً كبيراً. في المقابل، يحث حاكم بنك اليابان، كازو أويدا، على ضرورة توزيع الأرباح بشكل عادل بين الشركات الصغيرة والكبيرة لضمان تحقيق دورة اقتصادية مستدامة، تُساهم فيها القطاعات جميعها.
ومع ارتفاع التضخم الذي أثر في إنفاق الأسر، تبقى المزايا مثل دعم الوجبات أو المكافآت السنوية هي الحل الأمثل بالنسبة للكثير من الشركات الصغيرة. على سبيل المثال، بدأت شركة «دايناميك ماب بلاتفورم» بتقديم دعم شهري للوجبات يصل إلى 3500 ين (حوالي 23 دولاراً) للموظفين للمساعدة في تغطية نفقات الطعام بعد انتقال مقرها إلى منطقة أغلى في العاصمة طوكيو.
قال كيي هيغوتشي، مدير الموارد البشرية في شركة «دايناميك ماب بلاتفورم»، التي توظف 225 عاملاً، إن الشركة تركز على إضافة خيارات متعددة في نظام المزايا لديها لمواكبة الزيادات التي تقدمها الشركات الكبرى. وأضاف: «ليس من السهل اللحاق الفوري بمبالغ الزيادات التي تقدمها الشركات الكبرى، لذلك نحتاج إلى التنافس عبر إضافة المزيد من الخيارات إلى نظام المزايا لدينا».
لكن اعتماد الشركات الصغيرة على المزايا بدلاً من الزيادات في الأجور يحمل بعض المخاطر. فقد يشعر الموظفون بأنه لا أمل في تحسين رواتبهم الأساسية، ما قد يدفعهم للبحث عن وظائف أخرى. هذا التحدي يتطلب من الشركات الصغيرة التفكير في توازن بين تقديم المزايا وبين إجراء زيادات محدودة في الرواتب.
رغم أن بعض الشركات الصغيرة قد تتمكن من مواكبة زيادات الأجور في عام 2025، إلا أن العديد من هذه الشركات قد تواجه صعوبات في المستقبل القريب، وخاصة مع التوقعات بأن عام 2026 سيشهد عدداً أكبر من الشركات التي لن تكون قادرة على تحمل هذه الزيادات المستمرة.
كما أكدت جونكو تاكاغي، مديرة التسويق في (Edenred Japan)، أن زيادة الرواتب الأساسية تعتبر خطوة غير قابلة للتراجع عنها، ما يجعل الشركات تحرص على تحقيق توازن دقيق بين الزيادات الانتقائية في الأجور وبين تقديم حوافز أخرى لجذب الموظفين.
