بدل «تبادل اللكمات» مع واشنطن.. بكين تركز على المخاوف الأسوأ

يبدو أن الصين تسعى إلى كتابة فصل جديد في حرب الحمائية التجارية مع واشنطن، متجهة صوب توسيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع شركاء جدد على غرار التوسع في منطقة الشرق الأوسط والخليج وإفريقيا، في الوقت الذي قد تتعثر فيه السلطات الصينية عن تحقيق مستهدفات النمو.

وخلال مؤتمر صحفي صباح اليوم الثلاثاء، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن الصين ستواصل التجارة مع المزيد من الأصدقاء وستصبح جاذبة أقوى للاستثمار.

وقال المتحدث باسم الوزارة لين جيان، رداً على سؤال بشأن معرض الصين الدولي للمنتجات الاستهلاكية الذي يعقد في مقاطعة هاينان بجنوب الصين هذا الأسبوع، إن الصين ستظل ملتزمة بالتعاون بدل «تبادل اللكمات» في مواجهة حالة عدم اليقين الخارجية.

متعثرة للغاية

وفقا لبنوك عالمية، تتلاشى آمال الصين بتحقيق هدفها للنمو هذا العام بسرعة كبيرة، إذ يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، موجة من تخفيض توقعات النمو بقيادة بنك «يو بي إس»، و«غولدمان ساكس» و«سيتي غروب».

وفقاً لمذكرة بحثية، يرى اقتصاديو بنك «يو بي إس» أن صدمة التعريفات الجمركية تُشكل تحديات غير مسبوقة لصادرات الصين، وستُحدث تغييرات كبيرة في الاقتصاد المحلي.

ارتكنت البنوك العالمية في خفض توقعاتها إلى التصعيد الحاد في الرسوم الجمركية الأميركية بعهد الرئيس دونالد ترامب، والتي جاءت بعد فترة وجيزة من التفاؤل في وقت سابق من هذا العام.

 التوقع الأسوأ

أصدر بنك «يو بي إس» اليوم، أسوأ توقعاته حتى الآن، مرجحاً نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.4% فقط، وهو أقل كثيرا من هدف بكين الرسمي البالغ 5%، وهو الرقم الأدنى بين البنوك الكبرى التي أصدرت توقعاتها.

ومن المقرر أن تصدر الصين بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول ومؤشرات النشاط غداً.

في السابق، كان البنك السويسري يتوقع نمواً بـ4% هذا العام، أما الآن، ومع تهديد نظام التعريفات الجمركية الجديد العدواني الذي فرضه ترامب بهدف خنق الصادرات وزيادة تباطؤ معنويات المستثمرين، فيتوقع بنك «يو بي إس» نمواً اقتصادياً بـ3% فقط عام 2026.

لفت خبراء البنك إلى ارتفاع الرسوم الجمركية الآن إلى 145%، ويأتي هذا التحول بعد إعلان البيت الأبيض في أوائل أبريل عن فرض تعريفات متبادلة شاملة على السلع الصينية، وهي مستويات لم تحدث حتى خلال ذروة الحرب التجارية السابقة بين الولايات المتحدة والصين.

انهيار الصادرات

يتوقع بنك «يو بي إس» انخفاض صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بمقدار الثلثين، بينما قد ينخفض ​​إجمالي الشحنات الخارجية 10% بالدولار هذا العام. 

من المتوقع أن يُفاقم تباطؤ النمو العالمي وضعف الطلب في الأسواق الرئيسة هذا التأثير، وما قد يزيد الطين بلة، تحذير البنك من أن بعض شركاء الصين التجاريين الآخرين قد يفرضون تعريفات جمركية جديدة، وإن كانت أضيق نطاقاً من تلك التي فرضتها واشنطن.

ويُحاكي تخفيض تصنيف بنك «يو بي إس» التحركات الأخيرة لـ«غولدمان ساكس» و«سيتي غروب»، اللذين خفّضا أيضاً توقعاتهما بشأن الصين في ضوء تصاعد التوترات التجارية وتراجع التوقعات العالمية. 

من المتوقع  أن الناتج المحلي الإجمالي للصين نما 5.1% في الربع الأول، لكن أغلب البنوك ترى أن هذا الرقم يمثل ذروة قصيرة الأجل، ومن المرجح أن تظهر آثار زيادات الرسوم الجمركية في النصف الثاني من العام.

 تحفيز وتفاوض

لدعم الاقتصاد، من المتوقع أن تكشف بكين عن حزمة تحفيز مالي تصل قيمتها إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، بهدف تعزيز الطلب المحلي ودعم الشركات والأسر المتأثرة.

يتوقع بنك «يو بي إس» أن يخفض بنك الشعب الصيني أسعار الفائدة بمقدار 30-40 نقطة أساس، وأن يخفف متطلبات الاحتياطي المصرفي في وقت مبكر من هذا الشهر.

مع ذلك، يُقرّ اقتصاديو البنك السويسري بأن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة للغاية؛ إذ أشار خبراء البنك إلى أن هامش الخطأ في التوقعات كبير للغاية نظراً للطبيعة غير المتوقعة لتصاعد الرسوم الجمركية.

رغم هذا الموقف المتشدد، يعتقد بنك «يو بي إس» أن هناك فرصة سانحة لدخول القوتين الاقتصاديتين العملاقتين في محادثات تُلغي بعضاً من أكثر التعريفات الجمركية ضرراً.

قال البنك: «لا يزال من الممكن أن يدخل أكبر اقتصادين في العالم في مناقشات ومفاوضات، وأن يُلغيا بعض الزيادات الأخيرة في التعريفات الجمركية خلال الشهر أو الشهرين المقبلين».