في أبريل 2025، أعلن الرئيس دونالد ترامب تعليق خططه الطموحة لفرض تعريفات جمركية، وصوّر البيت الأبيض القرار كخطوة استراتيجية، لكن اضطراب سوق السندات كشف الحقيقة.
ارتفاع حاد بـ55 نقطة أساس في عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.42% خلال ثلاثة أيام—الأكثر حدة منذ انهيار فقاعة الدوت كوم—أظهر أنه حتى أقوى الشعبويين يخضعون لسلطة سوق السندات غير المعلنة.
كانت رسالة سوق السندات الأميركية واضحة: بين 7 و10 أبريل 2025، قفز عائد السندات لأجل 10 سنوات من 3.87% إلى 4.42%، أي زيادة بنسبة 14%، متجاوزاً أزمة هلع التخفيض التدريجي 2013 التي شهدت ارتفاعاً بـ45 نقطة أساس في شهر. لم يكن هذا تقلباً عادياً، بل إشارة إلى تراجع الثقة. المستثمرون مذعورون من التعريفات الجمركية التي هددت بتعطيل تجارة عالمية بقيمة 2 تريليون دولار، توقعوا تضخماً من اضطرابات سلاسل التوريد وركوداً اقتصادياً بسبب ضعف الطلب. تحذير مصرفي بارز في وول ستريت من انخفاض اقتصادي «شبه مؤكد» بسبب التعريفات أجج التوترات.
التاريخ يعيد نفسه. في 1994، أثار إنفاق إدارة كلينتون العجزي تمرداً في سوق السندات، إذ ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات 180 نقطة أساس في عام، مما أجبرها على تبني التقشف المالي. في 2025، عرضت خطة ترامب التعريفات الجمركية نفسها لعقاب مماثل، إذ شككت الأسواق في إدارة الاقتصاد الأميركي.
كان تأثير الصين بارزًا، بحيازتها حوالي 740 مليار دولار من سندات الخزانة الأميركية (انخفاض من 1.1 تريليون قبل عقد)، زادت تلميحات بكين ببيع حيازاتها—مشابهة لخطاب الحرب التجارية 2018—من قلق الأسواق. يملك المستثمرون الأجانب 6.8 تريليون دولار (29%) من سوق السندات البالغة 28 تريليون دولار، مما يشكل نقطة ضعف كبرى. بيع جماعي قد يرفع عوائد السندات إلى مستويات قاسية، مما يزيد تكاليف الاقتراض لحكومة تعاني عجزًا بـ2 تريليون دولار.
يذكّرنا التاريخ بعام 1979، عندما أضرت زيادات أسعار النفط من أوبك ومشاكل كارتر المالية بالثقة في الدين الأميركي، دافعة العوائد نحو أرقام مزدوجة. مجازفة ترامب بالتعريفات في 2025 اقتربت من سيناريو مشابه، مع تقييم المستثمرين لمخاطر الحرب التجارية.
فاقمت صناديق التحوط الاضطرابات. صفقاتها ذات الرافعة العالية، المعروفة بـ"تجارة الأساس" —الاقتراض بنسبة 80:1 لاستغلال الفجوات بين السندات والعقود الآجلة—انهارت مع ارتفاع عوائد السندات. انخفاض أسعار السندات تسبب بطلبات هامش، أدت إلى تصفيات جماعية، مشابهة لتجمد السوق في أزمة كوفيد 2020. تشير تقديرات إلى تصفية 500 مليار دولار من مراكز تجارة الأساس في أيام، مما زاد البيع.
واجه الاحتياطي الفيدرالي مأزقاً صعباً. مع ارتفاع التضخم إلى 2.7% في مارس 2025 (حسب بيانات مؤشر أسعار المستهلك)، فإن ضخ السيولة لضبط عوائد السندات قد يؤجج الأسعار. على عكس 2020، عندما اشترى سندات بـ1 تريليون دولار، كان الاحتياطي مقيداً، تاركاً ترامب يواجه غضب السوق وحيداً.
كان قرار ترامب لافتاً. «رأيت العوائد—كانت تصبح متقلبة»، قال في 10 أبريل، معترفاً نادراً بضغط السوق. تعليق التعريفات، الذي قلّصها من 120% إلى 15% على معظم الشركاء (باستثناء الصين)، عكس تراجعه في 2019 بعد اضطرابات سوق الأسهم. يتماشى هذا مع أنماط تاريخية: تحول تاتشر المالي في 1981 تحت ضغط سوق السندات البريطانية، وزيادة جونسون الضريبية في 1968 وسط ضغوط السندات في عصر فيتنام، تظهر قادة يرضخون للواقع المالي.
تؤكد أزمة التعريفات الجمركية 2025 حقيقة ثابتة: أسواق السندات، وليس الأصوات، تحدد حدود الطموح السياسي. كما قال مدير صندوق: «العوائد لا تصوت، لكنها تفرض الفيتو». مع استقرار عائد السندات لأجل 10 سنوات عند 4.39% بحلول 12 أبريل، كانت الرسالة واضحة: التعريفات قد تحشد القاعدة، لكن الأسواق تكتب القوانين. على الإدارات القادمة أن تتعلم هذا الدرس، أو تواجه هزيمة مذلة.