وفي غضون ذلك ووفقًا لأحدث بيانات تعقب مرور السفن من باب المندب فقد شهدت حركة النقل العالمية عبر باب المندب هبوطًا حادًا يقترب من النصف.
وانخفض عدد الناقلات التي تعبر المنفذ الجنوبي للبحر الأحمر بشكل حاد للغاية، مع تزايد التهديدات الأمنية في المنطقة التي دفعت العديد من شركات الشحن نحو طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب الخطر.
تم تغيير مسار 158 سفينة بعيدًا عن البحر الأحمر وقناة السويس تحمل أكثر من 2.1 مليون حاوية بضائعMDS Transmodal
وكشفت بيانات تعقب السفن أنه خلال الأسبوع الجاري، عبرت 30 سفينة شحن مضيق باب المندب، بما في ذلك ناقلات النفط الخام والوقود، بانخفاض يتجاوز 40% عن المتوسط اليومي خلال الأسابيع الثلاثة السابقة.
وتنقل تلك السفن كميات ضخمة من النفط الخام والمنتجات المكررة من الشرق الأوسط والهند عبر مياه البحر الأحمر إلى أوروبا، علاوة على البضائع الأخرى.
واعتبارًا من صباح أمس الخميس، تم تغيير مسار 158 سفينة بعيدًا عن البحر الأحمر وقناة السويس تحمل أكثر من 2.1 مليون حاوية بضائع تبلغ قيمتها بناءً على تقديرات MDS Transmodal نحو 50 ألف دولار لكل حاوية أو ما مجموعه 105 مليارات دولار.
وتخشى شركات عالمية، مثل "إيكيا" السويدية، أن يصل مخزونها من السلع إلى الندرة وأن تضطر إلى إغلاق بعض الفروع بعدما أشارت إلى أن التحولات في مسار الشحن ستحدث اضطرابا في سلاسل الإمداد وستؤثر على توفر المنتج.
يعد مضيق باب المندب من أهم المضائق والممرات المائية، إذ يربط بين البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن.
وتزداد أهميته لموقعه الجغرافي بين ممرين مائيين هما مضيق هرمز وقناة السويس، حيث يمر أكثر من 80% من النفط العربي عبره إلى أوروبا وامريكا.
يقع مضيق باب المندب في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر وهو مضيق طبيعي تبلغ المسافة بين ضفتيه 30 كم ( 20 ميلا بحريا) تقريباً
يقع مضيق باب المندب ضمن البحر الإقليمي لليمن، ومن حيث اتفاقية قانون البحار فإنه يقع ضمن المياه الإقليمية لكل من اليمن وجمهورية جيبوتي وجمهورية إريتريا.
نحو خُمس إنتاج العالم من النفط يمر عبر مضيق باب المندبفورتيكسا
قالت شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية: "إن نحو خمس إنتاج العالم من النفط يمر عبر المضيق".
وأوضحت فورتيسكا أن معظم صادرات الخام من السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق، وجميعها دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) تمر منه.
ويمر من المضيق أيضا كل إنتاج قطر تقريبا من الغاز الطبيعي المسال وقطر أكبر مُصدر له في العالم.
وكثفت جماعة الحوثي اليمنية هجماتهما على السفن في البحر الأحمر منذ 19 نوفمبر وفي غضون ذلك تمت إصابة واحتجاز ومنع العديد من السفن من العبور عبر مضيق باب المندب.
وصدرت توجيهات أميركية عاجلة، لحاملة الطائرات الأميركية كارل فينسون بإنهاء مهمتها في بحر الصين والتحرك فورا نحو البحر الأحمر ليرتفع عداد الحاملات إلى حاملتين.
وحاملات الطائرات التي سيكون لها دور في البحر الأحمر هما حاملة الطائرات أيزنهاور، وحاملة الطائرات كارل فينسون.
وقالت القيادة المركزية الأميركية في بيان: "جماعة الحوثي اليمنية نفذت هجومين على سفينتين تجاريتين في جنوب البحر الأحمر".
جماعة الحوثي اليمنية نفذت هجومين على سفينتين تجاريتين في جنوب البحر الأحمرالقيادة الأميركية
وقالت ستاندرد آند بورز غلوبال: "إذا كانت هناك اضطرابات ممتدة، فإن قطاع السلع الاستهلاكية، الذي يزود كبرى شركات البيع بالتجزئة في العالم مثل وول مارت وإيكيا، سيواجه التأثير الأكبر".
وعطلت الهجمات طريقا تجاريا رئيسيا يربط أوروبا وأمريكا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس، وارتفعت تكاليف شحن الحاويات إلى أكثر من ثلاثة أمثال في بعض الأحيان.
وفي غضون ذلك تسعى الشركات إلى نقل بضائعها عبر طرق بحرية بديلة أطول في كثير من الأحيان.
وقال باولو مونترون نائب الرئيس الأول في شركة النقل واللوجستيات السويسرية "Kuehne + Nagel": "إن هناك الآن 57 سفينة حاويات، تبحر لمسافات طويلة حول إفريقيا، بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر وقناة السويس".
وأضاف مونترون: "أن هذا العدد سيزداد مع تبني المزيد من الشركات هذا المسار، وتبلغ السعة الإجمالية لحاويات هذه السفن 700 ألف وحدة مكافئة لعشرين قدماً".
وتبلغ القيمة التقريبية لهذه الحاويات 50 ألف دولار تقريباً للواحدة، بحسب "أنطونيلا تيودورو"، كبيرة المستشارين في شركة "MDS Transmodal"، وهذا يعني أن قيمتها تقدر بنحو 35 مليار دولار إجمالًا.
57 سفينة حاويات، تبحر لمسافات طويلة حول إفريقيا، بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر وقناة السويسباولو مونترو
ونتيجة للتوترات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط وتعثر الملاحة عبر مضيق باب المندب وتجنب طريق البحر الأحمر وقناة السويس فإن السفن باتت مضطرة إلى اتخاذ مسار أطول كثيرا بالدوران حول قارة أفريقيا.
ويهرع التجار في الوقت نفسه إلى إيجاد مسارات شحن بديلة لتوصيل البضائع إلى متاجر البيع بالتجزئة، ويزيد استخدام طريق رأس الرجاء الصالح مدة الرحلة ما بين 10 أيام إلى 14 يوما إضافية تقريبا.
وتتمثل أهمية باب المندب وقناة السويس الكبرى في نقل البضائع بين آسيا وأوروبا، لكن خبراء شحن عالميين حذروا من أن الارتباك قد يعم صداه في أنحاء العالم ما لم تتوفر السفن والحاويات والمعدات الأخرى اللازمة لتغيير مسار البضائع في المسارات والموانئ البديلة.
وقال جان كلاين لاستويس، الرئيس التنفيذي للعمليات للشحن الجوي لدى شركة الشحن الألمانية الرائدة هيلمان وورلد وايد لوجيستيكس: "الشركات تحاول الآن التحول إلى ما يسمى بالنقل متعدد الوسائط للحفاظ على سلاسل التوريد العالمية، والتي تتضمن طريقا بحريا وجويا مشتركا".
وأضاف لاستويس أن شركته شهدت زيادة في الطلب على الطريق الجوي والبحري المشترك للسلع الاستهلاكية مثل الملابس وكذلك الإلكترونيات والمواد التقنية.
وقد يعني ذلك، على سبيل المثال، نقل البضائع أولا بحرا إلى ميناء في دبي، ومن هناك يتم نقلها عن طريق الشحن الجوي، وفقًا لـ"لاستويس".
نقل البضائع أولا بحرا إلى ميناء في دبي، ومن هناك يتم نقلها عن طريق الشحن الجويجان كلاين لاستويس
وقال ماثيور بورجيس نائب رئيس خدمات المحيطات العالمية لدى (سي.إتش روبنسون وورلدوايد): "يظل الموقف غير مستقر، ربما تتغير الأمور بسرعة، وذلك هو سبب ضرورة وجود خطط طارئة تشمل الخطة (أ) و(ب) و(ج) لإبقاء سلاسل الإمداد في حالة حركة".
بينما أوضح كريستيان سور نائب الرئيس التنفيذي للشحن البحري في شركة يونيك للوجستيات أن حدوث أزمة في مرحلة واحدة من سلسلة التوريد يمكن أن يتسبب في تكدس السفن.
وارتفعت تكلفة شحن حاوية من الصين إلى البحر المتوسط 44 % في ديسمبر لتصل إلى 2413 دولارا بسبب اضطرابات البحر الأحمر، حسبما قالت شركة فريتوس هذا الأسبوع.
وقال كريستيان سور: "إذا استمر الصراع أو اشتد، فإن ما يسمى الأسعار الفورية للشحن غير المتعاقد عليه قد تزيد مثلين أو ثلاثة أمثال على المستويات الحالية".
وقال كلاين لاستويس: "هذا الطريق البديل يسمح للعملاء بتجنب منطقة الخطر في البحر الأحمر والرحلة الطويلة حول الطرف الجنوبي لأفريقيا".
بينما أشار بول براشير، نائب رئيس قطاع بمجموعة سلسلة التوريد آي.تي.إس لوجيستيكس وفقًا لرويترز إلى أن بعض الشركات قد تختار استخدام الشحن الجوي للسلع العاجلة أو الحرجة بشكل خاص، لكن التكلفة تعني أنها ليست حلا شاملا.
وقال بريان بورك كبير المسؤولين التجاريين العالميين في شركة سيكو للوجستيات: "إن نقل البضائع عن طريق الجو تزيد تكلفته ما بين خمسة أمثال إلى 15 مثلا مقارنة مع النقل البحري الذي لا تزال أسعار شحن الحاويات فيه منخفضة وفقا للمعايير التاريخية".
وأضاف بورك: "إذا تضاعف الوقت الذي يستغرقه توصيل البضائع إلى المستهلكين فإن المزيد من شركات الشحن ستتحول إلى النقل الجوي خاصة بالنسبة للسلع ذات القيمة العالية مثل الملابس الفاخرة والإلكترونيات باهظة الثمن".
إذا تضاعف الوقت الذي يستغرقه توصيل البضائع فإن المزيد من شركات الشحن ستتحول إلى النقل الجويبريان بورك
قال كوري رانسلم، الرئيس التنفيذي لشركة درياد جلوبال البريطانية لاستشارات المخاطر البحرية والأمن، إن نحو 35 ألف سفينة تبحر عبر منطقة البحر الأحمر سنويا وتنقل البضائع بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، وهو ما يمثل حوالي 10 % من الناتج المحلي الإجمالي العالم.
وتعتمد شركات البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة على هذا الطريق للحصول على سلع مثل الملاءات القطنية وفرش الأسنان الكهربائية من الهند والأحذية من الصين وسريلانكا.
وأشار رانسلم، الرئيس التنفيذي لشركة درياد جلوبال البريطانية إلى أنه في ظل تهديد ممتد ستشهد أسعار الوقود والبضائع المتجهة إلى أوروبا ارتفاعا كبيرا بسبب زيادة تكاليف التحويل حول أفريقيا وهو ما يمكن أن يضيف نحو 30 يوما إلى العبور اعتمادا على ميناء الوصول".
وفي غضون ذلك قالت شركة تيل ويند شيبينج لاينز، وهي شركة تابعة لسلسلة متاجر ليدل الألمانية، والتي تنقل السلع غير الغذائية لصالح ليدل وكذلك البضائع لعملاء آخرين: "إنها تسلك طريق رأس الرجاء الصالح في الوقت الحالي".
وقال جيب كلولو الشريك في مجموعة صناعة النقل التابعة لشركة المحاماة ريد سميث: "هذا لا يتطلب وقتا ونفقات إضافية فحسب، بل يؤدي أيضا إلى تفاقم التأثير البيئي من خلال زيادة استهلاك الوقود".
وفي الوقت ذاته تعاني قناة بنما من جفاف شديد مما أدى إلى خفض عدد ممرات السفن التي تسمح بها.
وفي الوقت نفسه، بدأ ملاك سفن الحاويات الكبيرة في إضافة رسوم، تشمل رسوما إضافية لحالات الطوارئ، على الشحنات المتضررة من الاضطرابات في البحر الأحمر.
وفي إشعار للعملاء أمس الأربعاء، قالت مجموعة الشحن الفرنسية سي.إم.إيه سي.جي.إم إنها ستفرض رسوما إضافية تبلغ 1575 دولارا لكل حاوية مقاس 20 قدما، و2700 دولار وذلك بالنسبة للبضائع المنقولة من وإلى موانئ البحر الأحمر.