ويبدو أن العقد الذي كان محور ملحمة طويلة الأمد بين نيجيريا وشركة الطاقة بروسيشن آند ديفيلوبمنت Process and Industrial Developments كان عقدًا احتياليا من خلال الرشاوى التي حصل عليها مسؤولون في وزارة النفط النيجيرية.
وكانت شركة بروسيشن آند ديفيلوبمنت قد نقلت نيجيريا إلى التحكيم في لندن بعد أن انهار عقد توريد الغاز وتجهيزه لمدة 20 عاماً لبناء وتشغيل مصنع لمعالجة الغاز في جنوب نيجيريا.
انتصار لقارتنا المستغلة منذ فترة طويلة وللعالم النامي بشكل عامالرئيس النيجيري
أصدر القاضي روبن نولز رئيس المحمة العليا في لندن قرارًا بأنه يجب إلغاء التعويضات على الفور، رافضًا حجة شركة P&ID بضرورة إعادة القضية إلى التحكيم.
وفي نص الحكم: "تم رفض السماح لشركة P&ID بالاستئناف ضد السلطات النيجيرية، على الرغم من أنه يمكن للشركة التقدم بطلب مباشرة إلى محكمة الاستئناف".
في عام 2017 أمرت محكمة بريطانية نيجيريا بدفع غرامة قياسية بلغت حينها 6.6 مليار دولار لشركة الطاقة Process and Industrial Developments بعد انهيار عقد بين المجموعة ووزارة النفط النيجيرية.
ونتيجة لتراكم الفوائد منذ 2017 ارتفعت قيمة الغرامة لتقفز 11 مليار دولار، والتي كانت تعد الأعلى في تاريخ السلطات النيجيرية إن تم تسديدها.
فازت شركة Process and Industrial Developments المعروفة اختصارًا P&ID بعقد في عام 2010 لتشغيل مصنع لمعالجة الغاز الطبيعي.
لكن الحكومة النيجيرية فشلت في بناء خط الأنابيب الذي كان سيزود الشركة بكميات الغاز المتفق عليها.
بدأت Process and Industrial Developments إجراءات التحكيم في عام 2012 بدعوى خرق العقد.
وبعد خمس سنوات، في عام 2017 قررت لجنة من ثلاثة محكمين في لندن، بنتيجة 2-1، إصدار حكم بقيمة 6.6 مليار دولار ضد نيجيريا.
وادعت شركة P&ID أنه القيمة الكاملة للخسائر التي تكبدتها في المشروع كانت كبيرة للغاية.
لقد تم أخيرًا الكشف عن عملية الاحتيال التي ارتكبتها شركة P&ID ليراها الجميعالحكومة النيجيرية
واعتبرت في البداية أن فرص إلغاء الحكم ضد نيجيريا ضئيلة، لكن في عام 2020، حصلت نيجيريا على فرصة من القاضي روس كرانستون، قاضي المحكمة العليا في لندن.
ومنح القاضي البريطاني حينذاك السلطات البريطانية فرصة لإثبات أن هذا العقد لم يكن سليما منذ البداية.
وبعد جدال طويل أصدر القاضي المشرف على الاستئناف في نهاية أكتوبر الماضي حكمًا يقضي بأنه تم الحصول على العقد عن طريق الاحتيال.
وأكد الحكم الصادر في أكتوبر أن العقد تم الحصول عليه بطرق مخالفة للسياسة العامة في البلاد، بيد أن الشركة كان لا يزال أمامها فرصة للاستئناف.
وبعد تحقيقات طويلة وجد أن هناك قضية واضحة مفادها أن أحد مؤسسي الشركة، مايكل كوين، قد قدم أدلة حنث باليمين إلى المحكمة، بخلاف دفع رشاوى لمسؤولين في وزارة النفط النيجيرية.
إضافة إلى ما سبق فقد تبين أن مسؤولو شركة Process and Industrial Developments حاولوا إعطاء الانطباع بأن P&ID كانت شركة مشروعة ويمكنها أداء العقد وهو ما ثبت بالتحقيق عدم صحته.
وفي غضون ذلك تم التأكد أن العقد تم الحصول عليه من خلال رشاوى حصل عليها مسؤولين في الحكومة لتسهيل حصول الشركة المزعومة على هذا العقد.
ووصف متحدث باسم الحكومة النيجيرية الحكم بأنه انتصار تاريخي للبلاد.
وقال المتحدث باسم الحكومة النيجيرية: "لقد تم أخيرًا الكشف عن عملية الاحتيال التي ارتكبتها شركة P&ID ليراها الجميع، على الرغم من محاولاتهم المستمرة لإحباط مرور العدالة".
وأضاف: "نيجيريا واثقة من أن هذا الحكم سيرسم خطا في الرمال، يضمن أن أي أطراف تعتقد أن الدول الأفريقية هدفا سهلا للاستغلال ستضطر إلى التفكير مرة أخرى".
قال نيك مارش، محامي P&ID في Quinn Emanuel: "بينما تحترم شركة P&ID حكم المحكمة الإنجليزية تمامًا، فإنها بالطبع تشعر بخيبة أمل من النتيجة".
وقالت هيلين تايلور، باحثة قانونية أولى في مجموعة مكافحة الفساد “Spotlight on Corruption: "من الصعب المبالغة في أهمية الحكم الصادر اليوم بالنسبة للشعب النيجيري، بالنظر إلى أن الآفاق الاقتصادية لبلد بأكمله ظلت رهينة لقرار تحكيم ملوث، لمشروع الغاز الذي بني على الرشاوى والأكاذيب”.
وأضافت تايلور: "إن الإعفاء من هذا الدين البالغ 11 مليار دولار سيكون بمثابة ارتياح كبير لنيجيريا".
قال الرئيس النيجيري بولا تينوبو مع صدور الحكم الأول في أكتوبر: "إن الحكم أظهر أن الدول الأفريقية لن تكون رهينة لمؤامرات اقتصادية بين الشركات الخاصة والمسؤولين الفاسدين بشكل منفرد".
وأضاف تينوبو في بيان: "إنه انتصار لقارتنا المستغلة منذ فترة طويلة وللعالم النامي بشكل عام، الذي كان لفترة طويلة على الطرف المتلقي لسوء الممارسة الاقتصادية غير العادلة والاستغلال العلني".