بنوك الإمارات أقوى مركز أصول خارجية صافية في المنطقة
الأكثر عرضة لخفض التصنيف هي المصارف البحرينية
يبدو أن البنوك الخليجية لا تزال تتمتع بالرؤية المستقبلية المستقرة، حتى مع اشتعال وتصاعد حرب التعريفات الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم، وفقا لأحدث التقارير الصادرة عن وكالات التصنيف الائتماني.
رغم مخاوف الركود وتباطؤ النمو التي تحيط بالاقتصاد العالمي، ترى وكالتا فيتش للتصنيف الائتماني وستاندر آند بورز، إن البنوك الخليجية تمتع بملاءة مالية قوية ومرونة على مواجهة الصدمات والضغوطات.
في الوقت ذاته، أبدت الوكالتان رؤية إيجابية للمصارف الإماراتية التي تعتبرها الأقوى في المنطقة، في حين أشارت الوكالتان إلى أن المصارف البحرينية هي الأضعف في حلقة التصنيف.
قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إنه من المرجح أن يكون للتعريفات الجمركية الأميركية آثار مباشرة طفيفة فقط على بيئات تشغيل البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي.
لكن الآثار غير المباشرة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط وضعف النشاط الاقتصادي العالمي، والتي قد تؤدي إلى انخفاض الإنفاق الحكومي، ستكون هي المحرك الأساس، وفقًا لتقرير فيتش للتصنيف الائتماني.
لفت تقرير فيتش إلى هيمنة الهيدروكربونات على صادرات دول مجلس التعاون الخليجي إلى الولايات المتحدة، في إشارة إلى أنها معفاة من التعريفات الجمركية.
في حين أن صادرات غير الهيدروكربونية، التي تواجه تعريفة بنسبة 10% أو 25% للألمنيوم والصلب، منخفضة نسبيًا، مما يحد من التأثير المباشر للتعريفات الجمركية على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وبيئات تشغيل البنوك.
أشار تقرير فيتش إلى أن انخفاض أسعار النفط وضعف الطلب العالمي هما الخطران الرئيسيان لبيئات تشغيل البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي.
قبل التعريفات الجمركية توقعت فيتش أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي في المجمل سيزيد بأكثر من 3.5% في كل من عامي 2025 و2026.
مع ذلك، فإن انخفاض أسعار النفط وإيرادات الميزانية قد يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في النشاط الاقتصادي غير النفطي والإنفاق الحكومي، مما قد يضعف آفاق نمو الإقراض لبنوك دول مجلس التعاون الخليجي.
قد تواجه الشركات تكاليف ديون أعلى؛ بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بأسعار الفائدة واحتمالية تأخير خفضها، وقد يُضعف الضغط على الشركات الطلب الإجمالي على الائتمان، مما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع مخاطر الائتمان للبنوك وزيادة القروض المتعثرة.
قالت فيتش: «تتمتع بنوك دول مجلس التعاون الخليجي عمومًا بوضع جيد لاستيعاب أي تدهور في بيئة التشغيل».
لفت التقرير إلى أن العديد من البنوك الخليجية عزز احتياطياته الرأسمالية في السنوات الأخيرة، مدعومةً بأرباح قوية نتيجة ارتفاع أسعار النفط وأسعار الفائدة، وتوافر سيولة جيدة، ونشاط اقتصادي قوي، وظروف ائتمانية مواتية.
أشار التقرير إلى أن تصنيف بيئة تشغيل البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر عرضة لخفض التصنيف هو تصنيف البحرين، والأقوى في السعودية والإمارات.
◄تصنيف البحرين السيادي (B+/سلبي)، وهو التصنيف السيادي الأكثر عرضة لانخفاض أسعار النفط بين دول مجلس التعاون الخليجي، نظرًا لضعف المالية العامة، وارتفاع عبء الدين، وأعلى سعر تعادل للنفط بين دول المجلس.
◄منحت بيئة تشغيل البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي توقعات مستقبلية مستقرة، باستثناء عُمان، حيث تبدو التوقعات إيجابية.
◄تتمتع دول المجلس بسجلات ائتمانية أكثر متانة وتصنيفات ائتمانية أعلى (المملكة العربية السعودية A+/مستقر؛ الإمارات العربية المتحدة AA-/مستقر؛ قطر AA/مستقر؛ الكويت AA-/مستقر؛ عُمان BB+/إيجابي)، مما يعكس مرونة مالية أفضل واحتياطيات أقوى، وبالتالي قدرة أفضل على مواجهة الصدمات والحفاظ على الإنفاق لتحفيز النشاط الاقتصادي.
وتعتبر ظروف التشغيل المصرفية أكثر ملاءمة، وخاصة في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، اللتين تتمتعان بأعلى درجات بيئة التشغيل في دول مجلس التعاون الخليجي.
في حين قالت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني: «تشكل تقلبات السوق ونفور المستثمرين من المخاطرة التهديدات الأكثر إلحاحاً، ولكن البنوك تبدو قادرة على التعامل مع الضغوط».
لفت إس آند بي في تقريرها، إلى أن الانخفاض الكبير في أسعار النفط قد يؤثر في الإنفاق الحكومي والمعنويات الاقتصادية، ويؤدي إلى زيادة القروض المتعثرة، على الرغم من أن هذا من المرجح أن يؤثر في ربحية البنوك، وليس قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
قالت إس آند بي: «استنادًا إلى سيناريوهات الضغط الافتراضية التي وضعناها، تبدو البنوك قادرة على التعامل مع التداعيات المحتملة بفضل سيولتها الجيدة وربحيتها ورأس مالها».
أشار تقرير إس آند بي إلى أن بنوك دول مجلس التعاون الخليجي تبدو في وضع جيد لمواجهة هذه التهديدات، إذ تُمثل محافظها الاستثمارية عادةً ما بين 20% و25% من إجمالي أصولها.
قالت الوكالة: «نتوقع أن يظل تأثير تقلبات سوق رأس المال على البنوك في حدودها المعقولة، علاوة على ذلك، من غير المرجح أن تتحقق الخسائر إلا إذا اضطرت البنوك إلى تصفية بعض استثماراتها لمواجهة تدفقات رأس المال الخارجة، وهو أمر لا نتوقع حدوثه».
بالنسبة لبعض البنوك العاملة في مجال خدمات الاستشارات المتعلقة بالديون أو أسواق رأس المال، قد يؤدي التقلب الحالي إلى انخفاض إيراداتها، ومع ذلك، في المتوسط، لا تُسهم هذه الأنشطة إلا بشكل طفيف في إيرادات البنوك.
توقعت الوكالة أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط هذا العام، وأن تحذو البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي حذوه. سيدعم هذا ربحية بنوك دول مجلس التعاون الخليجي.
وفقاً لتقرير إس آند بي فيبدو أن معظم الأنظمة المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على التعامل مع التدفقات الخارجية الافتراضية.
تُعتبر البنوك القطرية أكثر عرضة للمخاطر من غيرها في المنطقة؛ نظرًا لضخامة ديونها الخارجية الصافية، إلا أن سجل الحكومة القطرية القوي في دعم البنوك وقدرتها على مساعدتها في أوقات الشدة يُخفف حدة المخاطر.
وعن بنوك المملكة العربية السعودية، قالت إس آند بي: «بينما يبدو وضع البنوك الفعلي مريحًا، إلا أنه في حال عدم قدرتها على الاستمرار في الاستفادة من أسواق رأس المال، فقد تتضاءل قدرتها على مواصلة تمويل مشاريع رؤية 2030».
بينما تتمتع بنوك الإمارات العربية المتحدة بأقوى مركز أصول خارجية صافية في المنطقة، وبالتالي تُظهر أعلى مرونة في مواجهة تدفقات رأس المال الخارجة الافتراضية، وفقا لستاندرد آند بي.
أوضح تقرير إس آند بي أن تصاعد التوترات التجارية أدى إلى انخفاض كبير في أسعار النفط، وبناء على هذا عدلت الوكالة، توقعات سعر النفط إلى 65 دولارًا للبرميل للفترة المتبقية من عام 2025.
قالت الوكالة: «نعتقد أن هذا سيؤثر في الأرجح على الإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي في المنطقة. وإذا استمر انخفاض سعر النفط، فقد يعني ذلك انخفاضًا في النمو الاقتصادي في القطاعين النفطي وغير النفطي، وزيادة الضغط على مؤشرات جودة أصول البنوك».
بحسب تقري إس آند بي أظهرت بنوك دول مجلس التعاون الخليجي مؤشرات قوية لجودة الأصول قبل بدء الاضطرابات، حيث بلغ متوسط نسبة القروض المتعثرة 2.9% لأكبر 45 بنكًا في المنطقة بنهاية عام 2024.
أشارت إس آند بي إلى البنوك جنبت مخصصات تجاوزت 150% من رصيد قروضها المتعثرة في التاريخ نفسه، مما يوفر لها بعض الحماية لامتصاص الصدمات الإضافية.
إضافةً إلى ذلك، لا تزال ربحية بنوك دول مجلس التعاون الخليجي جيدة نسبيًا، حيث بلغ العائد على الأصول 1.7% بنهاية عام 2024، إذ تواصل البنوك إظهار رسملة قوية، حيث بلغ متوسط نسبة رأس المال من المستوى الأول 17.2% في التاريخ نفسه.
أشارت إس أند بي إلى أنها اختبرت سيناريوهين افتراضيين للضغوط…
◄يفترض السيناريو الأول زيادة محتملة في القروض المتعثرة بنسبة 30% عن الرقم المعلن بنهاية عام 2024، ويحدد نسبة القروض المتعثرة عند 5% على الأقل، أيهما أعلى.
◄أما السيناريو الثاني، فيفترض زيادة بنسبة 50%، ويحدد نسبة القروض المتعثرة عند 7% على الأقل.
◄في السيناريو الأول، من المرجح أن يُسجل 16 من أكبر 45 بنكًا في المنطقة خسائر تراكمية قدرها 5.3 مليار دولار.
◄في السيناريو الثاني، قد ترتفع الخسائر إلى 30.3 مليار دولار ، مما يؤثر في 26 من أكبر 45 بنكًا.
قالت إس آند بي: «في كلتا الحالتين، فإن التأثير التراكمي أقل من 60 مليار دولار من صافي الدخل الذي حققته أكبر 45 بنكاً في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2024».
أضافت إس آند بي: «في أسوأ السيناريوهات، فإننا لا نزال نتوقع أن تؤثر الصدمة على ربحية البنوك بدلاً من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها».
لفتت الوكالة إلى أنه خلال جائحة كوفيد-19، اعتمدت الجهات التنظيمية إجراءات تسامح ساعدت البنوك على تجاوز حالة عدم اليقين.
توقعت إس آند بي أن تتخذ البنوك إجراءً مماثلاً إذا تجاوز تأثير التوترات التجارية العالمية على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي توقعاتنا الحالية.