حققت المملكة العربية السعودية، مؤخراً، قفزة في قطاع إنتاج لحوم الدواجن، إذ تخطط لتكون في طليعة المنتجين للحوم الداجنة، كما تعد واحدة من أسرع المنتجين نموًا في العالم.
وتعد المنطقة النائية، المعروفة باسم «الشقراء»، مركزاً في مخطط المملكة لتربية المزيد من الدجاج، في محاولة لتكون في طليعة المزارعين في الشرق الأوسط، وتحقيق الأمن الغذائي للبلاد.
ويتعامل مصنع معالجة محلي تملكه شركة تنمية الغذائية مع حوالي 150,000 طائر يومياً لتزويد مطاعم: ماكدونالدز، وبوبايز، وصب واي، وغيرها.
وضاعف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إنتاج الدواجن في بلاده، خلال العقد الماضي، في مسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
وتستورد المملكة حوالي 80% مما تأكله، مما يثير المخاوف بشأن النقص في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية، والأمراض الحيوانية المعدية، وسلاسل التوريد المجهدة.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، عن مدير اللحوم والثروة الحيوانية في شركة «جيرا» الاستشارية، روبرت كلاكستون، قوله إن مخاوف السعودية تماثل مخاوف جميع الحكومات بشأن الأمن الغذائي.
وتهدف استراتيجية رؤية السعودية 2030، لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط من خلال رعاية صناعات، مثل: السياحة، والسيارات، وأشباه الموصلات. وقد تم تخصيص أكثر من تريليون دولار حتى الآن لهذا الهدف.
كما يشكل الغذاء محور هذه الجهود، إذ خصصت المملكة ما لا يقل عن 17 مليار ريال (4.5 مليار دولار) لقطاع الدواجن وحده. كما تهدف السعودية أيضاً لزيادة مزارع الفاكهة والخضراوات والأسماك، وتقوم بتخزين احتياطيات غذائية استراتيجية للأزمات المستقبلية.
وتتطلع المملكة أيضًا إلى الخارج من خلال الاستثمار في منتجي الدواجن مثل شركة BRF SA البرازيلية، وشركة MHP SE الأوكرانية؛ وإدارة أراضٍ زراعية في ولايات أميركية، مثل أريزونا وكاليفورنيا؛ والعمل على الاستحواذ على وحدة الأعمال الزراعية التابعة لمجموعة "Olam Group Ltd".
وقالت شركة «تنمية» السعودية، في وقت سابق من هذا الشهر، إنها دخلت في شراكة مع المقاول الصيني «معهد تشنغدو للتصميم والأبحاث» لبناء 100مزرعة لتربية الدجاج اللاحم على مستوى البلاد.
ووفق الرئيس التنفيذي لشركة «تنمية»، ذو الفقار حمداني، فإن شركته تعمل مع شركة «تايسون فودز» ومقرها أركنساس لإنشاء علامة تجارية عالمية للأغذية الحلال للتصدير.
بدورها، قالت خبيرة الأمن الغذائي المقيمة في دبي، دلال الغواص: «لطالما كان هذا الأمر مميزًا للغاية في السعودية في منطقة الخليج»، مضيفةً أن المملكة دائمًا ما تطلع إلى تلبية الطلب ليس فقط لاحتياجاتهم المحلية، ولكن أيضًا للمنطقة.
وتستفيد بعض أكبر شركات اللحوم العالمية من ازدهار أعمال التجارية في السعودية، وتقوم شركة «JBS» البرازيلية، وهي أكبر شركة في العالم، بتوسيع منشآتها للتصنيع، واشترت «تايسون فودز» حصة في وحدتين من وحدات شركة «تنمية».
وتقوم شركة «MHP» الأوكرانية لإنتاج الدجاج، بتوسيع أعمالها المحلية من خلال مشروع مشترك لبناء مفرخات لتوريد البيض والكتاكيت بعمر يوم واحد للمنتجين السعوديين.
ويُعد الدجاج، وهو أكثر اللحوم استهلاكاً في العالم، خياراً بروتينياً ميسور التكلفة في بلد تنمو فيه الطبقة الوسطى بسرعة.
وبحسب شركة «جيرا»، فإن السعودية تعد واحدة من أسرع المنتجين نموًا في العالم، بمعدل يبلغ حوالي 6% سنويًا.
واكتسبت سلاسل المطاعم مثل «البيك»، للدجاج المقلي، مكانة مرموقة حيث تجاوز استهلاكها السنوي في البلاد 1.5 مليون طن.
وبحسب حمداني، فإنه قبل عقد من الزمان فقط، كانت واحدة من كل 5 دجاجات تنفق قبل أن تصل إلى عمليات الذبح، مشيراً إلى أنه الآن أصبح معدل النفوق أقل من 4%، وهو الحد الأعلى للمزارعين المحليين التابعين للشركة.
وأضاف حمداني أنه يمكن للموردين الحصول على مكافآت مقابل الوفاء بهذا المعدل من نفوق الدواجن، لافتاً إلى أن توطين إنتاج الدجاج في البيئة الصحراوية تمثل تحدياً باستمرار.
وتعد شركة «تنمية» رابع أكبر منتج في السعودية، إذ ارتفعت أسهمها بنسبة 17% العام الماضي.
وأظهرت البيانات الرسمية أن المملكة أنتجت رقمًا قياسيًا بلغ 558,000 طن من لحوم الدواجن في النصف الأول من عام 2024، بزيادة 9% عن العام السابق، وفقاً لوزارة البيئة، والمياه، والزراعة السعودية.
ويقع المسلخ الرئيس لشركة «تنمية» بالقرب من منطقة شقراء على بعد حوالي 200 كيلومتر من العاصمة الرياض.
في 5 مصانع في جميع أنحاء البلاد، تقوم وحدة الدواجن التابعة لشركة «تنمية» بذبح حوالي 550,000 طائر يوميًا - بزيادة 12 ضعفًا منذ العام 2013.
وقال الرئيس التنفيذي للوحدة، ماركوس ديلورينزو، إن الأمر كله يتعلق بتركيب نظام غذائي فريد من نوعه، وإيجاد درجات الحرارة المناسبة، وفقاً لوكالة «بلومبرغ».
وأوضح أنه لا يتم استخدام المضادات الحيوية وهرمونات النمو، وتتناول الطيور علفًا غنيًا بالبروتين والأحماض الأمينية والشوارد.
شركة BRF التي تمتلك علامة «ساديا» التجارية وتزود المملكة بالدجاج منذ السبعينيات، تبيع حوالي 350 ألف طن، سنويًا، وتوظف حوالي 1000 شخص محليًا.
ودخلت الشركة في شراكة مع صندوق الثروة السيادية للدولة لشراء حصة 26% من شركة «أدوها» للدواجن، وهي شركة منتجة محلية. وقال مارتي إن الصفقة هي جزء من استراتيجية «BRF» لإنشاء بصمة محلية من المزرعة إلى المصنع.
وسيكون لقلب موازين التجارة من الواردات في الغالب إلى اللحوم المحلية تأثير عالمي، إذ من المحتمل أن تشهد البرازيل وأوكرانيا انخفاضًا في الشحنات.
ومع ذلك، قد يتم تخفيف ذلك من خلال زيادة شراء السعودية لفول الصويا، والذرة، والحبوب الأخرى لتغذية الطيور المحلية وليس فقط للاستهلاك المحلي.
وبحسب «بلومبرغ»، فليس من الواضح تمامًا أن المملكة ستحقق الهدف المحلي بنسبة 100% بحلول عام 2030، مع الزيادة الواضحة في الاستهلاك المحلي.
وقال كلاكستون، إن واردات الحبوب واللقاحات والمعدات تضيف إلى تكاليف الإنتاج وأسعاره، وكذلك الأمر بالنسبة لتكييف الأقفاص.
وأضاف مدير اللحوم والثروة الحيوانية في شركة «جيرا»: «الحقيقة هي أنهم لا يستطيعون الاستثمار بسرعة كافية في المزارع والمفارخ ومصانع الأعلاف».
وأكد أن التخلص من الواردات ليس كافياً، فالاستهلاك مستمر في الزيادة، ما يؤخر سرعة وصول المملكة إلى هدفها في نمو الإنتاج بشكل كبير.
بدوره، رأى رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة «MHP»، يوجين ليفتيروف، أن المملكة لا يمكن أن تعزل نفسها عن السوق العالمية بسبب تعرضها للمخاطر، مضيفاً أن المصدّرين قد يتكيفون مع واقع خسارة الأعمال السعودية، وعدم قدرتهم على توريدها إلى البلاد في وقت الحاجة.