رغم نظر دول الخليج بإيجابية لملء لبنان، الفراغ الرئاسي والحكومي، يُتوقع أن يكون استئناف المساعدات المالية من دول مجلس التعاون الخليجي، عملية بطيئة ومحكومة بشروط.
وعقب انتخاب جوزيف عون رئيساً في 9 يناير الجاري بعد شغور استمر أكثر من عامين، أعربت المملكة العربية السعودية عن دعمها للبنان، وأعادت دولة الإمارات فتح سفارتها في بيروت بعد انقطاع دام ثلاث سنوات.
بيد أن دول الخليج، تحتاج إلى ضمان استقرار لبنان السياسي والمؤسسي قبل ضخ الاستثمارات أو تقديم مساعدات مالية كبيرة، وفقاً لما أورده تقرير موقع (AGBI).
شهدت علاقات لبنان مع الخليج، توتراً في السنوات الأخيرة بسبب التزايد الملحوظ للنفوذ الإيراني في لبنان عبر حزب الله، ما دفع دول الخليج إلى تقليص مساعداتها.
وفي عام 2021، تدهورت العلاقات بشكل أكبر بعد تصريحات عدائية من وزير لبناني حول اليمن، ما دفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى فرض حظر على صادرات لبنان الزراعية، وهو ما أضر في النهاية، بالاقتصاد اللبناني الذي يتعرض بالفعل لأزمات عدة، أبرزها نقص العملة الصعبة.
في هذا السياق، قال تقرير (AGBI)، إن انتخاب جوزيف عون رئيساً، وتعيين القاضي الدولي، نواف سلام، رئيساً للوزراء، أعاد الأمل في استئناف المساعدات الخليجية"، قبل أن يضيف "لكن لا يزال هناك حذر خليجي كبير".
ووفق الموقع، فإن دول الخليج تشترط استعادة الثقة في المؤسسات اللبنانية قبل أن تعود إلى تقديم دعم مالي أو استثماري ضخم.
وقبل الأزمة المالية التي عصفت بلبنان في 2019، كانت دول الخليج تشكل جزءاً مهماً من الاقتصاد اللبناني، إذ كانت استثماراتها تمثل حوالي 85% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مع استثمارات في القطاع العقاري وحده، بلغت أكثر من 6 مليارات دولار.
كما كان هناك حضوراً قوياً للمستثمرين الخليجيين في لبنان، مثل مجموعة «الحبتور» الإماراتية، و«إعمار»، وبنك قطر الوطني، إلا أن العديد من المستثمرين واجهوا صعوبات بسبب الأزمة المالية في لبنان.
ويمثل المغتربون اللبنانيون في دول الخليج، المصدر الأساسي للتحويلات المالية للبنان، حيث يرسلون أكثر من 4 مليارات دولار سنوياً، على حد قول الموقع ذاته.
في لبنان، يعبر بعض المحللين عن تفاؤل حذر، معتبرين أن هناك فرصاً لاستئناف المساعدات الخليجية بشكل تدريجي.
ويرى أنطوان فرح، أستاذ الاقتصاد، أن التغيرات في المنطقة، بما في ذلك سقوط النظام السوري والتحولات في سياسة إيران وحزب الله، قد تساهم في تحسين العلاقات بين لبنان ودول الخليج، بحسب ما نقله موقع (AGBI).
كما أشار إلى أن التصريحات الأخيرة للسفير السعودي في بيروت، وليد بن عبدالله بخاري، عن دعم لبنان، توحي بأن دول الخليج مستعدة لتقديم الدعم ولكن بشكل تدريجي، ومع ضرورة تحقيق إصلاحات سياسية في لبنان.
ووفق (AGBI)، فإن الطريق إلى التعافي الاقتصادي للبنان يتطلب جهوداً كبيرة تبدأ من إصلاح المؤسسات السياسية والاقتصادية.
لكن في ظل التحديات الداخلية، سيظل استئناف المساعدات الخليجية مرتبطاً بتطورات الوضع السياسي، ومعالجة الملفات الشائكة مثل الفساد، واستعادة الثقة في النظام المصرفي اللبناني، على حد قول الموقع ذاته.
ويعول لبنان على اتفاق مع دول مانحة، سواء عربية أو غربية، للخروج من مأزقه الاقتصادي، لكن هذه الدول تطالب بيروت بالتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي أولا، كشهادة على قدرة اقتصاد البلاد على التعافي، وفق تقارير صحفية نشرت في وقت سابق.
وفي ديسمبر الماضي، قال رئيس الوزراء اللبناني السابق، نجيب ميقاتي، إن لبنان بحاجة إلى ما لا يقل عن 5 مليار دولار لإعادة الإعمار بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل.