تتوقع السعودية ارتفاعاً في دينها العام خلال السنوات المقبلة، رغم امتلاكها احتياطيات مالية ضخمة. وتُظهر تقديرات وزارة المالية، أن الدين العام قد يزيد بنحو 375 مليار ريال بحلول نهاية 2027(نحو 100 مليار دولار)، ما يعكس التزام الحكومة بسياسة اقتراض مدروسة.
يأتي هذا التوجه في إطار رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والاستثمار في البنية التحتية، مع الحفاظ على سيولة قوية واحتياطيات مالية كبيرة تعزز استقرار الاقتصاد الوطني، وفقا لما أورده تقرير لموقع (AGBI).
تختار المملكة العربية السعودية، رغم امتلاكها لاحتياطيات ضخمة في البنك المركزي السعودي (ساما) وصندوق الاستثمارات العامة، الاعتماد على سياسة الاقتراض بدلاً من السحب من هذه الاحتياطيات، ما يعكس نهجاً طويل الأمد يستهدف تعزيز الاستقرار المالي والحفاظ على السيولة.
بدورهم، يرى خبراء اقتصاديون أن هذا النهج يعكس تصميم السعودية على بناء أصول مالية قوية ومواصلة الاستثمار في مشاريع رؤية 2030.
بدورها، تؤكد الحكومة السعودية أن استراتيجيتها المالية تهدف إلى التوازن بين الإنفاق على المشاريع التنموية والاستدامة الاقتصادية. وقال مصدر مسؤول في وزارة المالية: «الحكومة ملتزمة باستدامة الإنفاق التنموي دون التأثير المباشر بتقلبات أسعار النفط، ما يعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي».
من جانبه، يصف الاقتصادي إحسان بوحليقة العجز في الميزانية بأنه «اختياري»، مشيراً إلى قدرة الحكومة على تحقيق التوازن السنوي بين الإنفاق والإيرادات.
ويضيف «اختيار الحكومة للاستثمار المكثف في مشاريع تنموية يعكس التزامها بتلبية متطلبات رؤية 2030».
وتتوقع وزارة المالية أن يصل العجز إلى 101 مليار ريال في عام 2025، ويرتفع إلى 140 مليار ريال في عام 2027.
كما يتوقع أن ينخفض العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 2.8% في 2024 إلى 2.3% في 2025، قبل أن يرتفع مجدداً إلى 3% بحلول 2027.
تعمل السعودية إلى جانب سياسة الاقتراض التقليدية، على استكشاف أدوات تمويل مبتكرة لتعزيز قدراتها المالية وتنويع مصادر التمويل.
وتشمل هذه الأدوات إصدار الصكوك والسندات الخضراء المرتبطة بمشاريع مستدامة ضمن رؤية 2030.
ويُنظر إلى هذه الخطوات على أنها جزء من استراتيجية المملكة لزيادة جاذبيتها للمستثمرين الدوليين وتعزيز التزامها بالتنمية المستدامة.
ويشير محللون إلى أن الاعتماد على هذه الأدوات يمكن أن يُخفف الضغط على الميزانية العامة، ويوفر تمويلاً مرناً لمشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة.
تبقى احتياطيات البنك المركزي السعودي مستقرة عند 390 مليار ريال، بما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي. من جهتها، أكدت شركة جدوى للاستثمار أن هذه الاحتياطيات توفر حاجزاً قوياً للسيولة، مشيرة إلى أن السعودية تحتفظ بمستوى منخفض من الدين مقارنة بالمعايير الدولية.
من جهة أخرى، توقعت شركة «كابيتال إيكونوميكس» انخفاض أسعار النفط إلى نحو 70 دولاراً للبرميل بحلول 2025 مع نمو محدود للإنتاج بنسبة 5% فقط، موضحة، أن تراجع الإيرادات النفطية قد يدفع إلى تشديد السياسات المالية، متوقعة أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2.8% في 2025.
تشير ميزانية 2025 إلى إنفاق مخطط يبلغ 1.285 تريليون ريال، وهو أقل من ميزانية 2024 البالغة 1.345 تريليون ريال، ما يعكس رغبة الحكومة في تحقيق توازن بين تمويل المشاريع الكبرى والحفاظ على الاستقرار المالي، وفقا لتقرير.