في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتيسير التعاملات المالية، سمحت لجنة إدارة مصرف سوريا المركزي للمصارف وشركات الصرافة المرخصة بتوسيع نطاق التعاملات بالعملات الأجنبية.
ويتيح القرار الجديد للمصارف وشركات الصرافة وشركات الحوالات الداخلية المتعاقدة مع شبكات التحويل العالمية تسليم الحوالات الواردة من الخارج إما بالليرة السورية أو بالقطع الأجنبي حسب رغبة المستفيد، وفقاً لإمكانات المصرف أو الشركة المعنية.
وبموجب القرار، يتعين على جميع الشركات والمصارف المرخصة تصريف العملات الأجنبية استناداً إلى نشرة أسعار الصرف الصادرة عن مصرف سوريا المركزي، مع تحديد الحد الأدنى والأقصى لسعر كل عملة، بحيث لا يتجاوز الهامش بين السعرين نسبة 1%.
وفرض القرار ضرورة التزام المصارف ببيع 80% من العملات الأجنبية التي يتم شراؤها من الحوالات الواردة من المنظمات الأممية والجمعيات الإنسانية إلى مصرف سوريا المركزي، وفق الإجراءات التنسيقية المحددة.
إضافة إلى ذلك، أتاح القرار تنفيذ الحوالات الواردة لتسديد رواتب الموظفين السوريين والأجانب العاملين في المنظمات الأممية والإنسانية، سواء بالقطع الأجنبي أو بالليرة السورية حسب رغبة المستفيد أو بحسب قدرة المصرف على ذلك. كما شمل القرار السماح للمصارف بتحويل تعويضات نهاية الخدمة لموظفي الأمم المتحدة المتقاعدين إلى حساباتهم في الخارج بالقطع الأجنبي.
أما فيما يتعلق بالحوالات الخاصة بالمساعدات الإنسانية، أكد المركزي ضرورة إيداع مبالغها في الحسابات الخاصة بالمنظمات الأممية والجمعيات الإنسانية المفتوحة بالقطع الأجنبي لدى المصارف المرخصة، بحيث يتم تنفيذها بالليرة السورية عند طلب الجهة المعنية.
يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة تشرين، علي ميا، أن هذا القرار يعد خطوة مهمة نحو تحرير سوق العملات في سوريا من القيود التي كانت تعرقل حركة رؤوس الأموال والتحويلات بالعملات الأجنبية.
وأشار إلى أن القرار سيساهم بشكل كبير في تعزيز الشفافية، وتحسين حركة التحويلات المالية، مما سينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري؛ فزيادة كمية الحوالات الواردة بالدولار ستؤدي إلى تحسين احتياطيات البنك المركزي من العملات الصعبة، مما يساعد على انخفاض سعر صرف الدولار وارتفاع القوة الشرائية لليرة السورية، وبالتالي تحسين مستويات المعيشة.
وأضاف ميا أن القرار سيساعد على تحفيز الصادرات السورية، خاصة بعد تحرير المصدرين من القيود السابقة التي كانت تفرض عليهم تسليم جزء من صادراتهم بالدولار وفق سعر منخفض مقارنة بأسعار السوق السوداء، وهو ما كان يسبب خسائر كبيرة. كما أشار إلى أن هذا التحرير سيجبر المستوردين على تأمين الدولار لمستورداتهم من مصادرهم الخاصة، مما سيحقق وفورات كبيرة للخزينة العامة.
من جهة أخرى، أكد ميا أن هذا القرار سيشجع الاستثمارات، سواء العربية أو الأجنبية، في سوريا؛ بسبب إلغاء قرار تجريم التعامل بالدولار، كما سيسهم في زيادة عدد المشاريع الصناعية والتجارية السورية وتوسيعها، وهو ما سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، ويعزز مركزه التنافسي.
ويرى خبراء أن قرار مصرف سوريا المركزي بفتح سوق العملات أمام التعاملات الأكثر مرونة يشكل خطوة إيجابية نحو تعزيز الاقتصاد الوطني، وتحفيز حركة التحويلات المالية، وتشجيع الصادرات والاستثمارات، ومع زيادة الاحتياطيات النقدية في البنك المركزي، ستكون هناك تأثيرات إيجابية على سعر الصرف والقوة الشرائية، مما يعكس تحسناً ملموساً في مستويات المعيشة والاقتصاد السوري بشكل عام.