هل ينزل الدولار عن عرشه.. ما هي العملات الأكثر أماناً؟

تدفع التوقعات المقلقة للاقتصاد الأميركي والتقلبات في السوق إلى تحولات في تقييمات العملات، مع انقسام مراقبي السوق بشأن العملات التي يرونها ملاذات آمنة ثابتة.

وشهدت التطورات الجيوسياسية في هذا الشهر فقط دخول الرسوم الجمركية الأميركية على كندا والمكسيك والصين حيز التنفيذ، وتوقيف الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، وبيانات اقتصادية أميركية أضعف من قادة الولايات المتحدة وأوروبا الذين تعهدوا بزيادة الإنفاق الدفاعي.

ملاذات آمنة

وفي هذا الصدد تتوقع جين فولي، رئيسة استراتيجية النقد الأجنبي في «رابو بنك لندن»، أن يرتفع الجنيه الإسترليني والين الياباني ليكونا الفائزين في البيئة الحالية، وفق ما نقلت «سي إن بي سي».

وقال فولي: «إن حقيقة أن البيانات الأميركية تشير إلى وجود فائض تجاري متواضع مع المملكة المتحدة تشير إلى أن الأخيرة من غير المرجح أن تكون في مرمى بصر ترامب، ومن المرجح أن يستمر الجنيه الإسترليني في الارتفاع مقابل اليورو. ومع ذلك، فمن المبالغة أن نطلق على الجنيه الإسترليني ملاذاً آمناً».

وألمح ترامب بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الأسبوع الماضي إلى أن المملكة المتحدة ربما تكون قادرة على تجنب أن تصبح هدفاً للرسوم الجمركية الأميركية.

سعر الجنيه الإسترليني بلغ 1.2712 دولار أميركي، اليوم الثلاثاء، مسجلاً ارتفاعًا بنسبة 0.1% مقابل الدولار، لكنه انخفض بنحو 0.1% مقابل اليورو. ومنذ بداية العام، ارتفعت العملة البريطانية بنسبة 1.6% مقابل الدولار الأميركي، وفقًا لبيانات بورصة لندن للأوراق المالية.

كما تتمتع اليابان أيضًا بموقف قوي في التعامل مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن اليابان تتمتع بفائض تجاري مع الولايات المتحدة، إلا أنها أكبر حائز لسندات الخزانة خارج الولايات المتحدة وهي أكبر مزود للاستثمار الأجنبي المباشر للولايات المتحدة.

وقد تعهد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، بالفعل بزيادة تدفقات الاستثمار إلى الولايات المتحدة، كما يتم إنفاق ميزانية الدفاع اليابانية المتنامية بالكامل تقريبًا في الولايات المتحدة.

فولي أشارت إلى أن بيئة السياسة في اليابان كانت في صالح الين، الذي ارتفع بنسبة 5% مقابل الدولار الأميركي منذ بداية العام.

وقالت: «في ضوء تحسن أساسيات اليابان ونظراً لأن بنك اليابان هو البنك المركزي الوحيد بين البنوك العشرة الذي يميل إلى تشديد السياسة النقدية، أتوقع أن يحقق الين أداء جيداً هذا العام وهو ما من شأنه أن يعزز مكانته كملاذ آمن».

واتفق ديفيد روش، الاستراتيجي في شركة «كوانتوم ستراتيجي»، على أن الظروف الحالية عززت مكانة العملة اليابانية التي ظلت قائمة منذ فترة طويلة كوسيلة للتحوط ضد التقلبات، مشيراً إلى أن عدم الاستقرار الجيوسياسي في الغرب قد يعززها باعتبارها «الملاذ الآمن الجديد».

نزول الدولار من عرشه

روش رأى أن سياسات إدارة ترامب قد تؤدي إلى نزول الدولار من عرشه باعتباره الملاذ الآمن في سوق العملات الأجنبية، وفق «سي إن بي سي».

وعن تراجع الولايات المتحدة عن دعم أوكرانيا رأى روش، أن الخاسر الأكبر هو في الواقع الولايات المتحدة، لأنه لن يثق أحد في معاهدة أميركية مرة أخرى.

وقال: «أنت تريد البقاء خارج اليورو وامتلاك الين، الذي أصبح الآن الملاذ الآمن الجديد في ظل ظهور الولايات المتحدة بمظهر خطير للغاية».

بدوره، اتخذ كمال شارما، خبير استراتيجيات الفوركس في «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش»، موقفاً مختلفاً عن موقف روش بشأن اليورو، وقال إن تأثير تعريفات ترامب قد يكون له تأثير محدود على أسواق العملات.

وقال شارما: «لقد تعاملت العملات الأجنبية مع الإعلانات التي صدرت خلال الليل إلى حد كبير، على الرغم من أن النبرة في العملات الأجنبية لمجموعة العشرة كانت دفاعية قليلاً هذا الصباح، مع قيادة الفرنك السويسري للمكاسب مقابل الدولار الأميركي وحتى الدولار الكندي الذي عوض بعض الخسائر الأولية».

ووفق شارما فإن التطورات التي حدثت بين عشية وضحاها وضعت الكرة بقوة في ملعب الاتحاد الأوروبي وهناك المزيد من الإلحاح لزيادة الإنفاق الدفاعي، وهذا يساعد الأسهم الأوروبية واليورو على التعافي من خلال عائدات أعلى للسندات.