من المتوقع أن تؤدي سياسات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إلى ارتفاع معدلات التضخم، حيث تشير أبحاث المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن التعريفات الجمركية التي يقترحها ترامب قد تزيد معدلات التضخم بنسبة تتراوح بين 3.5% و5%.
يتوقع أن تشهد السياسة النقدية الأميركية العام المقبل ضغوطًا من مصدرين رئيسين: ارتفاع معدلات التضخم نتيجة السياسات الاقتصادية المقترحة، والضغوط السياسية على بنك الاحتياطي "الفيدرالي" لتغيير قراراته بشأن أسعار الفائدة.
تشمل سياسات ترامب المقترحة فرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على الواردات الصينية، بالإضافة إلى تعريفات تتراوح بين 10% و25% على واردات من شركاء تجاريين آخرين. كما أن القيود المفروضة على الهجرة قد تؤدي إلى نقص العمالة وارتفاع تكاليف الإنتاج في قطاعات، مثل: الزراعة والبناء؛ ما يزيد أسعار السلع والخدمات المنتجة محلياً.
بالتوازي مع ذلك، من المتوقع أن تؤدي أجندة ترامب المالية، التي تشمل تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق، إلى تفاقم العجز المالي وزيادة الضغوط التضخمية. ورغم أن هذه التوجهات مشابهة لما حدث خلال فترته الرئاسية الأولى، فإن التحديات الحالية أكبر بسبب ارتفاع مستويات الدين العام والتضخم مقارنة بعام 2017.
تحديات أمام استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي
قد يواجه بنك الاحتياطي "الفيدرالي" ضغوطاً سياسية متزايدة من ترامب، الذي كان يعتبر ناقداً صريحاً لسياسات البنك، ووصف رئيسه جيروم باول بـ«عدو أكبر» من الرئيس الصيني. ويتوقع المعهد أن تؤدي هذه الضغوط إلى تعقيد مهمة الاحتياطي "الفيدرالي" في التحكم بالتضخم والحفاظ على مصداقيته.
وحتى إذا قرر الاحتياطي "الفيدرالي" تفسير ارتفاع الأسعار كزيادة مؤقتة، فإن التدخل السياسي قد يدفعه لاتخاذ إجراءات حاسمة لضمان استقرار الأسعار وتجنب فقدان المصداقية. وتُظهِر الأبحاث أن الهجمات السياسية ضد البنوك المركزية غالباً ما تؤدي إلى زيادة معدلات التضخم وتعقيد السيطرة عليها.
وفقاً للقانون الحالي، لا يمكن إقالة رئيس الاحتياطي "الفيدرالي" إلا «لسبب وجيه»، مثل الإهمال أو سوء التصرف، وليس لأسباب سياسية. ومع ذلك، تنتهي ولاية جيروم باول في عام 2026، ومن المتوقع أن يعين ترامب بديلاً أكثر توافقًا مع سياساته الاقتصادية.
رغم إمكانية تغيير القوانين لتقليص استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، فإن مثل هذه الخطوة ستواجه تحديات كبيرة؛ نظرًا لدعم البنك من قبل الأوساط السياسية والمالية والأكاديمية. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية الأميركيين يثقون بالبنك الاحتياطي الفيدرالي؛ ما يجعل تقليص استقلاليته خطوة مكلفة سياسياً واقتصادياً.
ومع دخول ترامب فترة رئاسية جديدة، سيكون الحفاظ على استقلالية الاحتياطي "الفيدرالي" ومصداقيته مهمة صعبة. فبينما تضغط السياسات الاقتصادية لرفع التضخم، قد تزيد التوترات السياسية التحدياتِ التي يواجهها البنك لضمان استقرار الاقتصاد الأميركي.