logo
اقتصاد

السداد بالدولار.. مصر تبحث عن حلول لأزمة النقد الأجنبي

السداد بالدولار.. مصر تبحث عن حلول لأزمة النقد الأجنبي
سيدة تخرج من محل صرافة في العاصمة المصرية القاهرة يوم 24 أغسطس 2022.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:10 ديسمبر 2024, 02:59 م

في مسعى لتعزيز مصادر النقد الأجنبي، لجأت الحكومة المصرية مؤخراً إلى بيع الغاز الطبيعي إلى مشروعات الشركات العاملة في المناطق الحرة والاقتصادية بالدولار، بهدف زيادة مواردها من العملة الصعبة، مع تصاعد التزاماتها الدولية لسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية.

خبراء اقتصاد تحدثوا إلى منصة «إرم بزنس»، قالوا إن اتجاه الحكومة لتطبيق آلية السداد بالدولار على هذه المشروعات، هو خيار إيجابي يعزز الاحتياطي الأجنبي، ويعتبر تصحيحاً لمسار مالي كان يجب أن يطبق منذ سنوات، خاصة مع حصولها على إعفاءات واسعة رغم تحقيقها أرباحاً دولارية من تصدير منتجاتها للخارج.

أخبار ذات صلة

مصر.. المتوسط اليومي لإنتاج حقل ظهر من الغاز يصل إلى 2.4 مليار قدم

مصر.. المتوسط اليومي لإنتاج حقل ظهر من الغاز يصل إلى 2.4 مليار قدم

400 مليون دولار وفر سنوي 

توقع الخبراء أن توفر الحكومة من هذا القرار الذي وصفوه بـ«التصحيحي» نحو 400 مليون دولار سنوياً، ويمكن زيادته إلى ما بين 3 و4 مليارات دولار حال توسيع نطاق تطبيقه على المشروعات المماثلة؛ مما ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الموارد الدولارية، ويعتبر حلاً بديلاً عن اللجوء لصندوق النقد الدولي.

وقبل أيام، أصدر رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قراراً يتضمن سداد قيمة استهلاك الغاز الطبيعي بالدولار الأميركي لمشروعات المناطق الحرة والاقتصادية.

تضم هذه المناطق المعفاة من الضرائب والرسوم، صناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل: «البتروكيماويات، والأسمنت، والحديد والصلب، والأسمدة». وتستهلك ما بين 13 و15% من إجمالي استهلاك الغاز الموجه للقطاع الصناعي، بما يعادل نحو 2.3 مليار متر مكعب سنوياً. تبيع الحكومة لها الغاز بسعر 5.75 دولار ولا يقل عن 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية على التوالي، وفقاً لهيئة الاستعلامات المصرية.

قرار صائب 

المدير التنفيذي في شركة (VI Markets) أحمد معطي، قال في حديث إلى «إرم بزنس»، إن القرار سيوفر بحسب تقديرات حكومية نحو 400 مليون دولار سنوياً، في فترة تسعى فيها الحكومة لتقليل الإنفاق وزيادة الموارد الدولارية، واصفاً القرار  بـ«الصائب».

ويوضح معطي، أن المشروعات العاملة في المناطق الحرة والاقتصادية تحصل على العديد من الامتيازات والإعفاءات الضريبية والجمركية، وتحقق إيرادات بالدولار، ومن الطبيعي أن تسدد تكلفة ما تحصل عليه من خدمات بالدولار ولا سيما في مجال الطاقة.

خلال العام الماضي، وصل عدد المناطق الحرة العامة في مصر إلى 9 مناطق، بينما ارتفع عدد المناطق الحرة الخاصة إلى 230 منطقة. والمناطق الحرة الخاصة هي عبارة عن مشروع واحد مستقل أو أكثر من مشروع.

كما تم تخصيص 6 مناطق استثمارية جديدة بنهاية 2023 لتصل إلى 17 منطقة حالياً، وتمثل المشروعات الصناعية في المناطق الحرة 47% من إجمالي المشروعات القائمة، في حين نصيب المشروعات الخدمية 43%.

وتعد هذه المناطق إحدى الآليات التي تعتمد عليها الدولة لزيادة الصادرات، حيث تستحوذ مشروعاتها على نصف الصادرات المصرية، وبلغت قيمة صادراتها 22.2 مليار دولار في عام 2022، وفق دراسة حديثة صادرة عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، وهو جهة أبحاث مستقلة.

تقليص فاتورة واردات الطاقة

يساهم القرار في تخفيف الأعباء على الاقتصاد المصري نتيجة ارتفاع فاتورة واردات الطاقة والتي تتجاوز سنوياً 10 مليارات دولار، ولا سيما بعد تحول مصر من بلد مصدر للغاز في عام 2022 إلى بلد مستورد له بالدولار منذ العام 2023، لتراجع إنتاج الغاز الطبيعي من 3 مليارات متر مكعب إلى أقل من ملياري متر مكعب في حقل ظهر شمال البلاد.

يعتبر وائل النحاس خبير أسواق المال والحاصل على دكتوراه في التنمية الاقتصادية والاستثمار والتمويل، قرار سداد استهلاك الغاز بالدولار للمشروعات العاملة في هذه المناطق «إيجابي»، خصوصاً وأنها تحصل على حوافز وإعفاءات لا ينالها مستثمرون داخل البلاد، موضحاً في حديث مع «إرم بزنس»، أن أي استثمار يجب أن يحمل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ولا يكون مضراً له ولعملته المحلية.

ضم قطاعات مماثلة 

بينما تبحث الحكومة المصرية عن حلول لأزمة الدولار، يعتقد رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، الدكتور خالد الشافعي، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن بدء تطبيق آلية السداد بالدولار جزء من الأفكار خارج الصندوق، خاصة وأن تلك المناطق تصدّر منتجاتها للخارج بالعملة الأجنبية، ويجب أن تسدد ما تستهلكه من الغاز بالعملة ذاتها.

ودعا الشافعي إلى توسيع نطاق تطبيق القرار على القطاعات المماثلة خاصة مع تراجع إنتاج الغاز في حقل ظهر، بشكل طارئ، مضيفاً أنه في ظل هذا الانخفاض يجب على الشركات أن تتحمل تلك المتغيرات.

أخبار ذات صلة

الدين الخارجي لمصر ينخفض لأول مرة منذ أكثر من عام

الدين الخارجي لمصر ينخفض لأول مرة منذ أكثر من عام

زيادة الموارد الدولارية

يتماشى قرار السداد بالدولار، مع مساعي الحكومة المصرية لزيادة الموارد الدولارية، للوفاء بشروط اتفاق مبرم مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022 بشأن برنامج قرض يبلغ 8 مليارات دولار، وتعد مسألة مرونة سعر الصرف من المطالب الرئيسية للصندوق.

ومن شأن القرار أن يقلص حدة تزايد الضغوط على سعر صرف الجنيه في ظل الالتزامات الدولية. يظهر تقرير حديث للبنك المركزي المصري أن الدولة مطالبة بسداد أقساط وفوائد الديون المستحقة بنحو 22.4 مليار دولار في العام المقبل، بزيادة 900 مليون دولار عن تقديراته السابقة، فيما تبلغ قيمة الديون الخارجية على مصر نحو 152 مليار دولار بنهاية يونيو 2024، بما يمثل نحو 38.8% من الناتج المحلي الإجمالي.

يشير رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، الدكتور خالد الشافعي، إلى أن قرار السداد بالدولار يعد جزءاً من حل أزمة الدولار، التي يجب أن ترافقها حلول أخرى مثل جذب الاستثمارات الأجنبية وتقليل فاتورة الواردات.

مبادرات حكومية

وتواصل الحكومة المصرية جهودها الحثيثة لزيادة الموارد الدولارية، لاسيما في ظل تراجع إيرادات قناة السويس بنحو 6 مليارات دولار بحسب تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرا، وبدا ذلك من خلال مجموعة من المبادرات الاستراتيجية تستهدف أيضا تعزيز مشاركة المصريين في الخارج الذي يبلغ تعدادهم نحو 12 مليون شخص، بحسب إحصاءات رسمية.

من أبرز هذه المبادرات، طرح «شركة العاملين بالخارج للاستثمار»، لتعزيز مشاركة الجاليات المصرية في دعم الاقتصاد الوطني، بخلاف مبادرة مبتكرة تتيح لعم استيراد سيارات معفاة من الجمارك والضرائب، مقابل وديعة بالبنك المركزي بالعملة الأجنبية لمدة خمس سنوات، على أن تُرد بعد ذلك بالجنيه المصري. وقد أسفرت هذه المبادرة عن جمع نحو 790 مليون دولار بعد الموافقة على طلبات استيراد سيارات بقيمة إجمالية بلغت 1.7 مليار دولار، كما أوردت وزيرة الهجرة السابقة، سها جندي.

إضافة إلى ذلك، أطلقت الحكومة مبادرة أخرى لتمكين المصريين في الخارج من تسوية موقفهم من التجنيد مقابل تحويل مبلغ 5 آلاف دولار أو يورو كما تم إصدار وثائق تأمين ومعاشات بالدولار للمغتربين، كما وافقت على تسهيل شراء الأجانب للعقارات غير المملوكة للدولة. ووفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء في سبتمبر الماضي، أُلْغِي شرط شراء الأجانب للعقارات من الدولة أو الشركات العامة للحصول على الجنسية المصرية. وقد أُضيف شرط دفع رسم تقديم طلب الحصول على الجنسية بالدولار، بالإضافة إلى إيداع قيمة العقار في أحد البنوك المصرية، مع تعهد بعدم بيع العقار لمدة خمس سنوات.

وكشفت بيانات البنك المركزي المصري، الأحد الماضي، أن صافي الاحتياطيات الأجنبية لمصر ارتفع بنحو 10.1 مليون دولار خلال نوفمبر الماضي، ليسجل 47 مليار دولار مقابل 46.942 مليار دولار خلال أكتوبر السابق.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC