logo
اقتصاد

رقم قياسي لعدد السياح في المغرب.. هل يتحقق هدف 2030 مبكراً؟

رقم قياسي لعدد السياح في المغرب.. هل يتحقق هدف 2030 مبكراً؟
السياح في ساحة جامع الفنا في مراكش، 12 مايو 2022.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:9 سبتمبر 2024, 04:21 م

قفزة نوعية حققها القطاع السياحي المغربي، حيث تجاوز عدد السياح الـ10 ملايين خلال الأشهر السبعة الأولى من 2024، في تطور غير مسبوق يضع المغرب على مسار تحقيق أهداف استراتيجية 2030 قبل الموعد المحدد في قطاع يمثل 7% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويعد مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية.

خبراء تحدثوا لـ«إرم بزنس» أرجعوا هذا التقدم إلى الانتعاشة الكبيرة التي يشهدها القطاع، بفضل الدعم الرسمي، الاستثمارات في البنية التحتية والفندقية، وتطور النقل والترويج. كما لعبت السياحة الداخلية ومغاربة العالم دوراً مهماً في هذا التحسن. ومع ذلك، يتوقع الخبراء تحقيق أهداف مخطط 2030 في السنوات القليلة المقبلة بشرط زيادة الاستثمارات في القطاع.

وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، حقق المغرب رقماً قياسياً في توافد السياح، حيث بلغ العدد حوالي 10 ملايين سائح بنهاية يوليو 2024، بزيادة قدرها 15% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وارتفع عدد الوافدين إلى المغرب خلال شهر يوليو فقط إلى 2.6 مليون سائح، محققاً نمواً بنسبة 20%.

تحدد خريطة الطريق الاستراتيجية للقطاع السياحي المغربي هدف الوصول إلى 17.5 مليون سائح بحلول عام 2026، وجذب 26 مليون سائح بحلول 2030. كما يتزامن عام 2030 مع استضافة المغرب، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، لنهائيات كأس العالم لكرة القدم.

وتعتبر السياحة ثاني مصدر للنقد الأجنبي بالمغرب خلال 2023، بعد تحويلات المغتربين بالخارج البالغة قرابة 11.5 مليار دولار، وفق بيانات مكتب الصرف في المملكة، وقالت وزيرة السياحة المغربية، فاطمة الزهراء عمور، في تصريحات يوليو الماضي، إن ارتفاعاً طرأ على عائدات السياحة بنسبة 1.6% خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، مسجلة ما قيمته 4.13 مليار دولار.

ويهدف المغرب إلى «تحقيق 120 مليار درهم (12.3 مليار دولار) بحلول 2026، عبر مواصلة تعزيز العرض السياحي، خاصة من خلال تنويع الأنشطة الترفيهية»، وفق تصريحات الوزيرة المغربية.

وحسب البيانات الحديثة لوزارات السياحة في دول شمال إفريقيا، الصادرة في يوليو الماضي، أصبح المغرب أكثر دولة جذبا للسياح في شمال إفريقيا، واحتل المركز الأول، مسجلاً خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، ارتفاعاً في عدد السياح الوافدين بنسبة 14%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

انتعاشة كبيرة

الخبير الاقتصادي والأكاديمي بالمعهد العالي للتجارة بالمغرب، الدكتور المهدي فقير، قال لـ«إرم بزنس»، إن «الأكيد أن المغرب يتجه بثبات نحو تحقيق رقم قياسي جديد فيما يتعلق بتوافد السياح الأجانب، مع نشاط استثنائي قامت به المؤسسات الفندقية والسياحية مع مناخ عام (حكومي) كان داعما للقطاع عقب سنة كوفيد 19، وهذا كله دفع إلى انتعاشة كبيرة للسياحة المغربية عبر القادمين من الخارج».

وبخلاف استفادة المغرب من هذه الانتعاشة الدولية، استفاد بالأساس من السياحة الداخلية، فالرباط، بحسب المهدي الفقير، لا تعتمد فقط على السياحة الخارجية، موضحاً أن الأخيرة تنقسم لنوعين: سياحة الأجانب، وسياحة المغاربة القادمين من الخارج المعروفين باسم مغاربة العالم.

وبتقدير الدكتور المهدي الفقير، فإن «أرقام السياحة الداخلية شكلت إسهاماً بارزاً، خاصة وأن عدداً كبيراً من المغاربة هذا العام (لم يحدده) فضلوا قضاء العطلة الصيفية في بلادهم، مما أدى إلى انتعاشة كبيرة في المؤسسات الفندقية والسياحية».

ويطلق المغرب سنوياً، حملة بعنوان «مرحبا»، لتسريع عملية عبور المغاربة القاطنين في الخارج عبر الموانئ الحدودية، لقضاء إجازتهم الصيفية بمختلف المدن المغربية؛ لتعزيز السياحة الداخلية وزيادة الإيرادات السياحية.

وفي 5 يونيو الماضي، أطلقت مؤسسة محمد الخامس للتضامن النسخة الـ24 من عملية «مرحبا» التي ستستمر إلى 15 سبتمبر المقبل، وسجلت حتى منتصف يوليو الماضي، عبور حوالي 538 ألف مغربي بزيادة قدرها 4% مقارنة بالفترة نفسها من نسخة 2023، وفق ما ذكره وزير النقل واللوجستيك محمد عبد الجليل وقتها.

وهذه الأرقام القياسية التي تعبر عن كثافة سياحية، وفق الخبير الاقتصادي المغربي، تبقى مركزة في أنواع تقليدية هي السياحة الشاطئية والصيفية، لافتاً إلى أهمية تطوير روافد السياحة والمعروض السياحي، لتتجاوز التقليدية، مع وجود أنواع أخرى بحاجة إلى دعم كبير خاصة السياحة الدينية.

وتنوع المعروض كمّاً وكيفاً، بحسب الدكتور المهدي الفقير، خطوات تسرع من الوصول لمخطط 2030 مبكرا، عن طريق خلق جاذبية سياحية جديدة مثلاً في السياحة الدينية في المساجد والأضرحة التاريخية وغيرهما.

نمو مطرد

على مسافة قريبة، يؤكد الخبير الاقتصادي والمستشار الوزاري المغربي السابق، الدكتور بدر الزاهر الأزرق، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن القطاع السياحي بالمغرب، يلاحظ أنه يشهد انتعاشة، مرجعاً الفضل الأول لدعم حكومي تمثل في تعليق المستحقات الضريبية والبنكية للمكونات المغربية من أجل السياحة مع تداعيات جائحة كورونا، وهذا أدى دوراً كبيراً في تجاوز الأزمة، ويضاف له التعبئة للسياحة الداخلية.

وفي يناير 2024، أفادت وزارة السياحة المغربية، في بيان بأن المغاربة المقيمين بالخارج شكلوا 51% من عدد الوافدين في 2023، بنمو بلغ 27% مقارنة بسنة 2022، فيما سجل السياح الأجانب نمواً ملحوظاً بنسبة 41% مقارنة بسنة 2022، وأصبحوا يشكلون 49% من إجمالي الوافدين، محققين زيادة بـ3 نقاط مقارنة بسنة 2022.

وبخلاف دعم صمود القطاع إبان جائحة كورونا وتعبئة السياحة الداخلية، يرجع الخبير الاقتصادي الدكتور الزاهر الأزرق، النمو الملحوظ بالتقديرات السابقة والحديثة، إلى الترويج لوجهة المغرب السياحية، لا سيما بالأحداث الرياضية، وتطور بنيتها التحتية والفندقية، والاستثمارات فيهما.

وينتظر قطاع السياحة بالمغرب انتعاشة أكبر مع محطات وأحداث رياضية تستضيفها الرباط لا سيما كأس العالم 2030، وفق الدكتور الزاهر الأزرق، الذي دعا لزيادة وسرعة الاستثمارات في قطاع السياحة بالتزامن مع تطورات أكبر في قطاع النقل الجوي، متوقعا أن يكون المغرب من أبرز المنافسين سياحياً لفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

ومطلع سبتمبر، كشفت مديرية الدراسات والتوقعات المالية في المغرب، أن قطاع النقل الجوي اختتم الأشهر السبعة الأولى من سنة 2024 بتحطيم رقم قياسي بلغ 18.1 مليون مسافر، بارتفاع نسبته 18.5% مقابل الفترة ذاتها من السنة الماضية.

ويعتقد الخبير الاقتصادي الزاهر الأزرق أنه إذا استمرت وتيرة نمو قطاع السياحة وتضاعفت الاستثمارات، فمن الممكن تحقيق مخطط الـ30 مليون سائح في العامين أو الـ3 أعوام المقبلة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC