logo
اقتصاد

البطالة تدفع الشباب في الصين إلى العمل سائقي توصيل

البطالة تدفع الشباب في الصين إلى العمل سائقي توصيل
عامل توصيل يرتدي قناعاً واقياً يقود سكوتر كهربائي قبيل مهرجان التسوق الخاص بيوم العُزاب لشركة «علي بابا» في شنغهاي، الصين، في 10 نوفمبر 2022.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:26 سبتمبر 2024, 03:02 م

يواجه شابّ صيني من بين كل خمسة شباب تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً مشكلة البطالة، ونتيجة لعدم توفر فرص أفضل، يلجأ كثير من الحاصلين على شهادات جامعية إلى العمل مؤقتاً سائقي توصيل، حتى يتمكنوا من العثور على وظيفة أكثر استقراراً.

مرّت ثلاثة أسابيع منذ أن بدأ قوه هونغ تشنغ، وهو شابّ صيني يبلغ من العمر 33 عاماً، في التنقل بين شوارع نانجينغ على دراجته الكهربائية لتوصيل وجبات مثل النودلز المقلية والقهوة، والمشروبات المثلجة، وتأتي الطلبات واحدة تلو الأخرى عبر تطبيق «ميتوان»، النسخة الصينية من «أوبر إيتس».
وهذه الوظيفة مرهقة؛ بسبب الزحام والظروف الجوية، وفي نهاية الشهر، يمكن لتشنغ أن يأمل كسب ما بين 3000 إلى 5000 يوان، أي ما يعادل 423 إلى 714 دولاراً، وهذا المبلغ بالكاد يكفي للعيش في نانجينغ بحسب صحيفة «لي زيكو» الفرنسية.
ولكن ليس لهذا الشابّ خيار آخر، ويقول وهو يرتدي خوذته وحذاء المطر: «أنا عاطل عن العمل حالياً، وأحتاج إلى المال لدفع الإيجار».

لم يتخيّل تشنغ أنه سينضم يوماً إلى «اقتصاد العمل المؤقت» في الصين. في عام 2023، قام 530 مليون شخص في الصين بطلب الطعام عبر الإنترنت، وهو سوق قُدرت قيمته بنحو 48 مليار دولاراً، وفقاً لتقارير «آي ريسيرش»، ومن المتوقع أن يتضاعف حجمه بحلول عام 2028، ومع ذلك كحال كثير من الخريجين الشباب، واجه تشنغ صعوبة في العثور على وظيفة مستقرة بعد حصوله على درجة الماجستير في الفنون من جامعة نانجينغ في عام 2022، وبعد تجربتين مهنيتين فاشلتين، انضم إلى «ميتوان»، وهي شركة عملاقة حققت إيرادات تقدر بـ 39 مليار دولاراً في عام 2023، وتوظف نحو 8 ملايين موصل في أنحاء البلاد جميعها.

12 مليون شابّ متخرج

والدا تشنغ ليسا على علم بعمله، هذه المهنة التي يشغلها تقليدياً شباب من المناطق الريفية تعد في أسفل الهرم الاجتماعي الصيني، رغم أنها تقدم دخلاً معقولاً بالنسبة للمؤهلات المطلوبة، ففي يونيو الماضي، كان متوسط دخل الموصل في المدن الكبرى يتجاوز 7000 يوان (993 دولاراً)، وفقاً لـ «معهد أبحاث ميتوان»، ويقول تشنغ: «اليوم، لا يوجد عمل كافٍ، لذلك يلجأ عدد متزايد من الخريجين إلى العمل موصلي طلبات»، ولأول مرة انضمت النساء أيضاً إلى هذه المهنة.

فهذه الظاهرة هي نتيجة لتباطؤ الاقتصاد، فقد سجلت الصين نمواً بنسبة 4.7% في الربع الثاني من عام 2023، وهو أسوأ أداء منذ بداية العام، وتجد الصين صعوبة في توفير وظائف كافية لـ 12 مليون خريج شابّ دخلوا سوق العمل في الصيف الماضي، ونتيجة لهذا التباطؤ، أوقفت كثيراً من الصناعات، التي كانت معتادة على التوظيف، عمليات التوظيف، مثل قطاعات التكنولوجيا والمالية والعقارات، وتواجه الشركات الأجنبية صعوبات مماثلة، مثل شركة «سيفورا» التي تخطط لتسريح 3% من موظفيها في البلاد.

ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب

بلغت نسبة البطالة بين الشباب (16- 24 عاماً) خارج الدراسة ما يقرب من 19% في أغسطس الماضي، مقارنة بـ 5.3% بالنسبة لبقية السكان، ويعد هذا الموضوع حساساً اجتماعياً بالنسبة للحكومة، ففي صيف عام 2023، وبعد أن تجاوزت بطالة الشباب حاجز الـ 20%، توقفت الصين عن نشر هذه الأرقام، وأعادت النظر في طريقة حسابها لاستبعاد الشباب الذين لا يزالون في الجامعة، ولكن القضية عادت إلى الواجهة الأسبوع الماضي عندما نفت «ميتوان» شائعة تفيد بأنها توظف 300 ألف موصل حاصلين على شهادة جامعية، من بينهم 80 ألفاً حاصلين على درجة الماجستير.

مرونة الوظيفة

يجذب هذا العمل المرن الخريجين الشباب، إذ يمكنهم مواصلة التقديم لوظائف أكثر استقراراً بجانب العمل موصلين.
ومنذ استقالتها في يونيو، تعمل شانغ يوان، وهي مهندسة معمارية تبلغ من العمر 27 عاماً، في توصيل الوجبات لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً في شوارع قوانغتشو، وبعدها تجري مقابلات عمل لتصبح مدرّسة في الجامعة، وتقول: «إن عمل التوصيل سهل جداً، فكل ما تحتاجه هو دراجة كهربائية».

أثرت قصة هؤلاء الخريجين الذين تحولوا إلى العمل موصلي طلبات في الشارع على المجتمع الصيني، الذي بدأ ينظر إلى هذه المهنة بنظرة مختلفة، وفي الصيف الماضي، حقق فيلم «أبستريم»، الذي يصور مديراً في قطاع التكنولوجيا يتحول إلى سائق توصيل بعد تسريحه من العمل، نجاحاً كبيراً في السينمات الصينية، أما قوه هونغ تشنغ، فيروي يومياته عبر منصة «دويوين»، النسخة الصينية من «تيك توك»، إذ يتابعه 4000 مشترك حتى الآن، ويحلم هذا الشابّ بأن يصبح مؤثراً، ويجني الأموال من الإعلانات، ولكنه يقول: «إذا لم يتحقق ذلك، فقد أعمل في القطاع العام، أو في شركة حكومية، حيث لن أُطْرَد على الأقل».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC