logo
اقتصاد

العقوبات الغربية القاسية تعيد تشكيل اقتصاد روسيا

العقوبات الغربية القاسية تعيد تشكيل اقتصاد روسيا
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر اجتماع المجلس الاقتصادي الأوراسي الأعلى في منتجع إيغورا في منطقة لينينغراد، روسيا، في 26 ديسمبر 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:25 فبراير 2025, 04:27 م

مع مرور 3 سنوات على الحرب الروسية الأوكرانية، ما زالت العواقب الاقتصادية الناجمة عن الحرب والعقوبات الغربية تحدث تغييرات جذرية في هيكل الاقتصاد الروسي.

ولا تقتصر هذه التحولات على التأثيرات قصيرة الأجل، بل تمتد لتعيد تشكيل استراتيجيات روسيا الجيوسياسية والاقتصادية على المدى الطويل، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مسار البلاد في المستقبل وكيفية التعامل مع التحديات الناجمة عن هذه التطورات، وفقاً لتقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS).

أخبار ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يمدد العقوبات على روسيا ستة أشهر إضافية

الاتحاد الأوروبي يمدد العقوبات على روسيا ستة أشهر إضافية

أثر العقوبات

فرضت مجموعة من الدول الغربية عقوبات قاسية على روسيا، ما أدى إلى إضعاف كبير في اقتصادها، واضطراب في أنظمتها المالية، وأثر في قدرتها في دعم العمليات العسكرية.

ففي عام 2022، انكمش الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 2.1%، ورغم بعض العلامات المبكرة للنمو منذ ذلك الحين، إلا أن هذا التحسن كان مدفوعاً بشكل أساسي بالتحول إلى اقتصاد حربي يركز على إنتاج الأسلحة.

ومنذ بداية الحرب، فُرض أكثر من 16 ألف قيد على الأفراد والكيانات الروسية، ما جعل روسيا الدولة الأكثر تعرضاً للعقوبات عالمياً، وتعرضت قطاعات رئيسة مثل البنوك والطاقة لأضرار كبيرة، إذ بات نحو 70% من أصول النظام المصرفي الروسي خاضعة للعقوبات.

كما أن السقف المفروض على أسعار النفط والأصول المجمدة أدى إلى فقدان البلاد أكثر من 500 مليار دولار، وهي أموال كان يمكن أن تدعم الجهود الحربية.

وأسهم هذا الضغط المالي في ارتفاع التضخم بشكل حاد، ما دفع البنك المركزي الروسي إلى رفع أسعار الفائدة إلى 21% في فبراير 2025 لمواجهة الأسعار المرتفعة.

أيضاً، شهدت روسيا نقصاً حاداً في القوى العاملة نتيجة فقدان العمالة الماهرة والتجنيد العسكري، ما أثر سلباً على الاقتصاد، وتشير التوقعات إلى أن ما بين 10 آلاف و30 ألف عامل ينضمون شهرياً إلى الجيش، ما يزيد تفاقم العجز في اليد العاملة، وفق التقرير.

ويأتي هذا التحول في هيكل القوى العاملة، بالإضافة إلى تركيز روسيا على الإنتاج العسكري، على حساب النمو الاقتصادي طويل الأجل، مع توقعات تشير إلى أن النمو الاقتصادي في المستقبل سيكون محدوداً بنسبة 1% سنوياً.

إعادة تنظيم التجارة العالمية

دفعت العقوبات الغربية روسيا إلى البحث عن مسارات تجارية بديلة، مع تحول كبير نحو الصين كشريك اقتصادي رئيس. ففي عام 2023، بلغ حجم التجارة بين روسيا والصين مستوى قياسياً وصل إلى 237 مليار دولار، بزيادة تقارب 70% مقارنة بعام 2021.

وأصبحت الصين أيضاً أحد اللاعبين الرئيسين في التحايل على العقوبات، حيث تزود روسيا بأكثر من 90% من وارداتها من أشباه الموصلات، وتسهل تجارة السلع الخاضعة للعقوبات.

وتسلط هذه المحاولات للتحايل على العقوبات الضوء على التحديات التي تواجه المجتمع الدولي في فرض العقوبات، والسيطرة على شبكات التجارة غير المشروعة التي تمكّن روسيا من مواصلة تعزيز قدراتها العسكرية.

أخبار ذات صلة

«كومرتس بنك»: العقوبات على روسيا المحرك الرئيس لارتفاع أسعار النفط

«كومرتس بنك»: العقوبات على روسيا المحرك الرئيس لارتفاع أسعار النفط

مستقبل الاقتصاد الروسي

رغم التحديات الاقتصادية الكبيرة، تمكنت روسيا من الحفاظ على قدرتها على الصمود بفضل مواردها الطبيعية الضخمة وتحالفاتها الاستراتيجية، خاصة مع الصين.

وعلى مدار السنوات الـ3 الماضية، حولت روسيا قدراتها الصناعية من تلبية الاحتياجات المدنية إلى تلبية احتياجات الدفاع، ما ساعد على استمرار اقتصادها الحربي.

كما أدى هذا التحول إلى ظهور فئة جديدة من المستفيدين، وهي الصناعات والأفراد الذين يحققون أرباحاً من الحرب، ما يجعل من الصعب عكس هذه التغيرات حتى في حال توقف الأعمال العدائية.

ويستدعي عكس هذا الاتجاه إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية، وهو أمر يبدو غير محتمل في الأجل القريب، ما يشير إلى أن البلاد تستعد لتوترات جيوسياسية طويلة الأمد.

التعامل الاستراتيجي مع روسيا

أشار التقرير إلى ضرورة تبني المجتمع الدولي نهجاً دقيقاً في التعامل مع الاقتصاد الروسي المحوّل في أي سيناريو ما بعد النزاع، إذ إن رفع العقوبات دون معالجة الوضع العسكري والسياسي لروسيا قد يؤدي إلى تمكين مزيد من التصعيد.

وفي هذا السياق، يجب أن تتضمن الاستراتيجية الشاملة تعزيز العقوبات وتوسيع نطاقها مع إغلاق الثغرات لزيادة الضغط على روسيا. كما أنه من الضروري الحفاظ على يقظة مستمرة لمكافحة شبكات التحايل والتجارة غير المشروعة التي تتيح لروسيا الوصول إلى السلع المحظورة، مع تفعيل آليات فعّالة للتصدي لهذه المحاولات وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.

في الوقت ذاته، يعتبر دعم أوكرانيا اقتصادياً وعسكرياً أمراً حيوياً لاستمرار صمودها وضمان نجاحها. علاوة على ذلك، يجب وضع سياسات احتواء دقيقة بعد انتهاء الحرب لضمان عدم قدرة روسيا على إعادة بناء قدراتها العسكرية البحرية، والحيلولة دون تصعيد النزاع مجدداً، وفقاً للتقرير.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC