ليس كل صعود نعمة.. كيف تفوق الروبل على الذهب وأربك موسكو؟

من الإيجابي أن تقفز العملة الروسية إلى ذروة عامين، وأن تعوض خسائرها التي مُنيت بها أمام الدولار بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، إلا أن الصعود الكبير في سوق العملات قد يكون له انعكاسات سلبية على اقتصادات الدول المصدرة التي تسعى إلى كسب ميزة تنافسية لزيادة الصادرات.

ومنذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا عمدت موسكو إلى العديد من السياسات لحماية عملتها، كان أبرزها النفط والغاز مقابل الروبل، إلا أن الحكومة الروسية ذاتها كانت توقعت سعر الروبل أعلى بكثير من المستويات الحالية.

في الوقت ذاته أصدرت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية توقعاتها لهذا العام، وقالت إنها تتوقع أن يكون الروبل أقوى قليلًا؛ ما افترضته في وقت سابق أمام العملة الأميركية.

وفقاً لتقرير الوزراة الذي نشرته وكالة الأنباء الروسية الرسمية، تتوقع الاقتصاد الروسية أن يبلغ متوسط سعر الروبل هذا العام ​​94.3 روبل مقابل الدولار، مقابل توقعات سابقة بلغت 96.5 روبل.

الروبل اليوم

◄ترتفع العملة الروسية خلال تعاملات اليوم الاثنين بحوالي 0.8% وصولاً إلى مستويات 80.6 دولار وهو أعلى سعر مقابل الدولار منذ مايو 2023.
◄زادت العملة الروسية منذ بداية العام بأكثر من 30% صعوداً من مستويات قاع عند 115 روبلاً للدولار إلى أدنى سعر اليوم قرب 80 روبلاً للدولار.
◄قبل اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية بليلة واحدة كان الروبل الروسي يتداول قرب مستويات 85 روبلاً للدولار، وفي ذروة هبوطه وصل إلى مستويات 160 روبلاً للدولار قبل أن يتعافى من الصدمة.

توقعات روسية

أبقت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا عند 2.5%، ورفعت توقعاتها للتضخم إلى 7.6% من 4.5% في وقت سابق.

قالت الوزارة إنها لا ترى مخاطر كبيرة لحدوث ركود؛ بسبب الحروب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتتوقع نمو الاقتصاد العالمي هذا العام بأكثر من 2% بقليل.

لفت المتحدث باسم وزارة التنمية الاقتصادية إلى أن العالم لا يزال أوسع من الولايات المتحدة، وبالتالي سيُعَاد توجيه بعض التدفقات.

الأفضل في العالم

شهد الروبل الروسي صعوداً لافتاً في عام 2025، ليصبح العملة الأقوى أداءً على مستوى العالم، متفوقاً حتى على الذهب الذي يُعد ملاذاً آمناً تقليدياً، إذ ارتفع الروبل 30% أمام الدولار منذ بداية العام، مدعوماً بسياسات محلية متعددة.

يعزى هذا الأداء القوي إلى عدة عوامل، أبرزها أسعار الفائدة المرتفعة التي ثبتها البنك المركزي الروسي عند 21% لكبح التضخم ودعم العملة، كما ساهمت السياسات التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات وتشجيع استخدام الروبل في التجارة الداخلية في تعزيز قيمته.

بينما ألزمت السلطات الشركات المصدرة ببيع جزء من عائداتها بالعملة الأجنبية داخل السوق المحلية؛ ما زاد المعروض من الدولار وعزز الروبل.

مرونة واستقرار

رغم العقوبات الغربية المستمرة، أظهر الاقتصاد الروسي مرونة في الحفاظ على استقرار عملته، وقد جذبت أسعار الفائدة المرتفعة المستثمرين الباحثين عن عوائد مجزية عبر تجارة الفائدة، مستفيدين من ضعف الدولار وتقلبات سياسات الرسوم الجمركية الأميركية.

على الرغم من هذا الأداء القوي، تتوقع العديد من البنوك العالمية بأن يبلغ متوسط سعر صرف الروبل 98.5 مقابل الدولار بنهاية العام، وهو أضعف من مستوياته الحالية البالغة حوالي 82.7 روبل للدولار.

يعكس هذا التحفظ ربما استمرار حالة عدم اليقين وتأثير العقوبات على المدى الطويل، بالإضافة إلى فجوة التسعير بين السوق المحلية والدولية بسبب تعليق تداول الدولار في بورصة موسكو.

فاجأت قوة الروبل الحكومة الروسية التي بنت موازنتها على سعر صرف أضعف، ورغم الإيجابية النقدية، قد يؤدي الروبل القوي إلى تراجع إيرادات التصدير.