جاء فوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية بفضل قاعدة دعم متزايدة من الشباب، لا سيما الذكور بين 18 و29 عاماً؛ ما شكل مفاجأة غير متوقعة للديمقراطيين الذين كانوا يعتمدون تقليدياً على هذه الفئة في حملاتهم الانتخابية.
ووفقاً لتقرير صحيفة «وول ستريت جورنال»، كان للشباب الذكور دور حاسم في فوز ترامب على نائبة الرئيس كامالا هاريس.
وأظهرت بيانات استطلاع رأي لوكالة «أسوشيتد برس» أن ترامب حقق تقدماً بفارق 14 نقطة بين الشباب الذكور تحت الثلاثين، وهو تحول كبير مقارنةً بانتخابات 2020، حيث كان الرئيس جو بايدن قد تفوق على ترامب في نفس المجموعة بنسبة 15 نقطة.
هذا التحول كان ضربة للديمقراطيين الذين لطالما اعتمدوا على الشباب لتحقيق الفوز في السباق الانتخابي.
ووفقاً للتقرير، فإن العوامل الاقتصادية كانت من بين الأسباب الرئيسة التي دفعت هؤلاء الشباب لدعم ترامب، الذي صاغ حملته حول خطاب اقتصادي يركز على تعزيز فرص العمل وزيادة الدخل.
وقد تزامن تزايد دعم الشباب الذكور لترامب مع تأييد متزايد من الناخبات الشابات لكامالا هاريس، لكن بفارق أقل من المتوقع. فقد حققت هاريس فارقاً قدره 18 نقطة فقط بين النساء الشابات، مقارنة بـ32 نقطة حققها بايدن في انتخابات 2020، ما يدل على تراجع الحماس النسائي نسبياً لحملة الديمقراطيين.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن القضايا الاقتصادية كانت في صدارة اهتمامات الشباب، حيث عبّر 42% من الذكور و39% من الإناث في الفئة العمرية نفسها عن قلقهم بشأن القضايا الاقتصادية، مقارنة بنسب أقل أولوية لقضايا مثل الإجهاض.
وشهدت تجمعات الجمهوريين في الجامعات نشاطاً متزايداً بين الطلاب. على سبيل المثال، أكد بريستون هيل، طالب في السنة الثانية بجامعة نورث كارولينا، أن الطلاب أصبحوا أكثر انفتاحاً على رسائل ترامب الاقتصادية.
وأوضح أن العديد منهم بدأوا يفضلون المشاركة في الفعاليات الانتخابية الخاصة بترامب على حساب الفعاليات الديمقراطية التقليدية.
في السياق، عبّر كودي ميلر، الذي يدرس العلوم السياسية بجامعة أبالاش بولاية كارولينا الشمالية، عن خيبة أمل الشباب من «النخب الليبرالية» التي يشعرون بأنها تهيمن على النظام السياسي. وتجدر الإشارة إلى أن الشعور بالمظلومية الاقتصادية والاجتماعية كان له دور كبير في توجيه أصوات الشباب نحو ترامب.
واعتمدت حملة ترامب على استراتيجيات ترويجية متعددة للوصول إلى الشباب، شملت المشاركة في الفعاليات الرياضية الجامعية، والمقابلات عبر البودكاست، والانخراط في منصات التواصل الاجتماعي التي يفضلها الجيل الشاب.
كما لعب بارون ترامب، الابن الأصغر للرئيس وطلاب السنة الأولى في جامعة نيويورك، دوراً رئيساً في إقناع والده بالظهور على منصات مثل «تيك توك»، رغم التحفظات حول علاقات المنصة بالصين، بهدف الوصول إلى جمهور شبابي واسع.
وتمكن بارون من إقناع والده أيضاً بالمشاركة في برامج بودكاست شعبية، مثل البرنامج الذي يقدمه المؤثر أدين روس، والذي حقق آلاف المشاهدات، مما ساهم في تعزيز حضور الحملة عبر وسائل الإعلام الجديدة.
من جهة أخرى، ركزت حملة هاريس على الفعاليات التقليدية في الجامعات وأماكن تجمع الشباب، وأظهرت استطلاعات سابقة تقدمها بفارق كبير بين الناخبين الشباب. وخلال «الأسبوع الوطني لتسجيل الناخبين»، نظمت الحملة أكثر من 130 فعالية، مدعومةً بتأييد شخصيات بارزة مثل المغنية بيلي إيليش.
وأشار مراقبون إلى أن تركيز الديمقراطيين على الجامعات لم يكن كافياً للوصول إلى الشباب الذين لم يحصلوا بعد على درجات جامعية، الذين يشكلون غالبية الناخبين الشباب.
وفقاً لكريستينا تزينتزون راميريز، رئيسة مجموعة «نكست جين أميركا» التقدمية، فإن الديمقراطيين أغفلوا أهمية الوصول إلى الشباب غير الحاصلين على تعليم جامعي، ما أدى إلى فقدان العديد من الأصوات.
لم تقتصر حملة ترامب على الرسائل الاقتصادية التقليدية فحسب، بل امتدت أيضاً لتشمل التكنولوجيا الحديثة، حيث قام ترامب بشراء وجبة في نيويورك باستخدام عملة «بيتكوين»، ما لاقى إعجاباً كبيراً بين الشباب المهتمين بالعملات الرقمية.
وقال كلارك إدموند، مستشار تقني ومؤيد للعملات الرقمية، إن موقف ترامب من العملات الرقمية واستخدامه للتكنولوجيا قد أسهم بشكل كبير في جذب الشباب الذين يرون في هذا النهج فتحاً جديداً للابتكار وتغييراً للقواعد التقليدية.
وأفاد التقرير بأن ترامب تمكن من استقطاب شريحة واسعة من الشباب عبر التركيز على القضايا التي تهمهم، ومن خلال ابتعاده عن الأساليب التقليدية في التواصل. وهذا التوجه أسهم في تحقيق فوز غير متوقع ستكون له تأثيرات طويلة المدى على الخريطة السياسية الأميركية.