توقعات المواطنين تسجل أدنى مستوى منذ ركود 1990
انخفاض المعنويات وزيادة التشاؤم بشكل حاد في أبريل
مع حلول اليوم الـ99 للرئيس الأميركي دونالد ترامب لدخوله البيت الأبيض، ومع الجدل الذي أثاره عبر قرارات أزعجت الأصدقاء قبل الخصوم، يتبادر سؤال مهم إلى الأذهان، فيما لو عاد الزمن للوراء، وتحديدا إلى يوم الخامس من نوفمبر، وتسنى للأميركيين معرفة ما يحدث الآن..
هل كان من الممكن أن يجلس ترامب إلى المكتب البيضاوي؟
بعد تفعيل سلسلة من قرارات التعريفات التجارية التي طالت الجميع، ودخلت حيز التنفيذ الشهر الجاري، باتت الأسواق تترقب اليوم صدور أول مؤشر فعلي يعبر عن رؤية وتوقعات الأميركين وحالتهم المزاجية عقب القرارات وهو مؤشر ثقة المستهلك CB.
بالتزامن تصدر الأسبوع الجاري مجموعة من البيانات التي تشير إلى مدى تقدم الاقتصاد الأميركي عقب تفعيل القرارات، بداية من فرص العمل، مرورا بالناتج المحلي الإجمالي وبيانات الوظائف غير الزراعية، وكلها مؤشرات قوية على اتجاه الاقتصاد الأميركي.
عندما فاز ترامب في انتخابات الخامس من نوفمبر سجل مؤشر ثقة المستهلك في الشهر ذاته مستويات 111.7 نقطة وهو ثاني أعلى مستوى في عام ونصف، لكن مع اندلاع حرب الحمائية عبر تصريحات وتلويح ترامب بعاصفة من الرسوم بدأ المؤشر تسجيل تراجعات سريعة.
في أول بيان للمؤشر عقب ولاية ترامب فعلاً انخفض المؤشر في فبراير دون مستويات الحياد أسفل الـ100 نقطة، فيما تتجه التوقعات حالياً إلى تسجيل المؤشر انكماشاً جديداً وصولا إلى مستويات 87.7 نقطة، وهي الأدنى منذ عام الجائحة في 2020 عندما هبط إلى 86 نقطة.
قالت جامعة ميشيغان في أحدث تقرير لقياس معنويات الأميركيين، إن مزاج المستهلكين ظل كئيباً في أبريل، حيث كانت المخاوف بشأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الواردات والتضخم في صدارة الأذهان.
بلغ مؤشر ثقة المستهلك النهائي للجامعة 52.2 نقطة، بانخفاض 8.4% عن مارس، و32.4% عن العام الماضي، أما مؤشر التوقعات الاقتصادية، فقد بلغ 47.3 نقطة، بانخفاض 10.1% عن مارس، و37.8% عن الفترة نفسها من عام 2024.
وكتبت جوان هسو، مديرة المسح في جامعة ميشيغان، عبر تحليل لها: «بينما كان انخفاض الأوضاع الراهنة في أبريل متواضعا، انخفض مؤشر التوقعات بشكل حاد مع تراجع الأوضاع المالية الشخصية وظروف العمل».
هسو أضافت: «انخفضت التوقعات بنسبة 32% منذ يناير، وهو الانخفاض المئوي الأكبر في ثلاثة أشهر منذ ركود عام 1990»، وكان الانخفاض في المشاعر واسع النطاق عبر الفئات العمرية وفئات الدخل كافة.
كان تدهور المعنويات حاداً بشكل خاص بالنسبة للأسر متوسطة الدخل، وساءت التوقعات لدى شرائح واسعة من السكان من مختلف الأعمار والمستويات التعليمية والدخل والانتماءات السياسية، وفقا لهسو.
كما كتبت مديرة المسح: «أدرك المستهلكون وجود مخاطر على جوانب متعددة من الاقتصاد، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية واحتمالية عودة التضخم في المستقبل».
وعن الرؤية المستقبلية للتضخم في عام 2026، بات الأميركيون يتوقعون ارتفاع التضخم لأسعار السلع بنسبة 5% إلى 6.5% في أبريل، وهي أعلى قراءة منذ عام 1981.
قالت هسو: «كان هناك تباطؤ طفيف في التضخم عقب تعليق ترامب رسومه الجمركية الشاملة مدة 90 يوماً بعد إعلانه الأول في 2 أبريل، إلا أن توقعات التضخم لا تزال مرتفعة».
برز الركود التضخمي، من جديد حيث تظل الأسعار مرتفعة والنمو الاقتصادي ضعيفا، وهي تركيبة لم تشهدها الولايات المتحدة منذ سبعينيات القرن العشرين.
قال دان نورث، كبير اقتصاديي أميركا الشمالية في «أليانز تريد» عبر مذكرة: «إذا تطور الركود التضخمي، فسيتعين على بنك الاحتياطي (الفيدرالي) إما رفع أسعار الفائدة لقتل التضخم وتدمير الاقتصاد في الوقت ذاته، أو خفض أسعار الفائدة لإنعاش الاقتصاد وإحياء التضخم وإيلام المواطنين».
وفقا للمسح، على الرغم من الترحيب الذي حظيت به ولاية ترامب الثانية في البيت الأبيض في نوفمبر، خصوصاً بين الشركات، إلا أن التفاؤل الأولي تضاءل، إذ خلقت التعريفات الجمركية التي فرضها، والتي كانت متقطعة، حالةً من عدم اليقين الاقتصادي.
في الوقت ذاته، أصدرت مجموعة من الشركات العملاقة مثل «بروكتر آند غامبل» و«بيبسيكو» توقعات حذرة لأعمالها هذا العام، في حين سحبت شركات «دلتا» و«أميركان» و«ساوث ويست إيرلاينز» إرشاداتها بشأن الأرباح والمبيعات للعام الجاري، والتي جاءت متشائمة هي الأخرى.