logo
اقتصاد

كيف أضاعت صراعات المنطقة 35 عاماً من النمو للدول المتأثرة بها؟

كيف أضاعت صراعات المنطقة 35 عاماً من النمو للدول المتأثرة بها؟
مشهد من مخيم النصيرات في غزة يعكس حجم الدمار الذي خلفه الصراع. الصورة تعود إلى يوم 29 نوفمبر 2024المصدر: رويترز
تاريخ النشر:4 ديسمبر 2024, 07:21 ص

زادت حرب غزة منذ اندلاعها في شهر أكتوبر 2023، حدة التوترات الجيوسياسية وعمّقت حالة عدم اليقين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ ما ألقى بثقله على آفاق النمو الاقتصادي في المنطقة بأسرها. وكنتيجة للصراعات المستمرة في المنطقة، أضاعت الدول المتأثرة بها 35 عاماً من النمو بحسب آخر تقديرات البنك الدولي، علماً أن هذه التقديرات، ورغم قتامتها، لم تأخذ في الحسبان تجدد العمليات العسكرية والتوترات الأمنية في سوريا، وما يمكن أن تحمله من تداعيات اقتصادية على المنطقة.

يعد السلام شرطاً أساسياً للحاق بركب الانتعاش الاقتصادي. ويمكن للصراع في المقابل، أن يفسد عقوداً من التقدم ويؤخر التنمية الاقتصادية لأجيال. كما قد يلحق تجدّد الحرب في سوريا منذ أيام، الضرر باقتصادات حتى البلدان المجاورة عبر مزيج سام من عدم اليقين، وانخفاض ثقة الأعمال والمستهلكين، وتراجع السياحة، وهروب رؤوس الأموال، وتشديد الظروف المالية.

ضياع 35 عاماً

تتخطى تكلفة الصراعات ما يمكن للمؤشرات الاقتصادية الشائعة قياسه. فبينما تؤدي إلى خسائر اقتصادية مباشرة وفورية، يمكن أن يكون لها آثار مدمرة طويلة الأجل، من خسائر رأس المال البشري، والنزوح القسري، وتدمير البنية الأساسية، والأشكال المختلفة من الفوضى الاقتصادية، بما في ذلك تعطيل سلاسل التوريد. ويلقي الصراع بظلاله الطويلة على مسارات التنمية في البلدان، حيث يقدر تقرير البنك الدولي أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المتضررة من الصراع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كان من الممكن أن يكون أعلى بنسبة 45% في المتوسط لو لم تكن هناك صراعات، وهي نسبة تعادل خسارة نحو 35 عاماً من التقدم والنمو.

أخبار ذات صلة

الحرب في غزة ولبنان كلفت إسرائيل 28.4 مليار دولار

الحرب في غزة ولبنان كلفت إسرائيل 28.4 مليار دولار

 تشير أرقام البنك إلى أن متوسط ​​دخل الفرد في المنطقة ارتفع 62% فقط على مدى العقود الخمسة الماضية، في حين كانت هذه الزيادة خلال الفترة ذاتها أربعة أضعاف في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، وضعفين في الاقتصادات المتقدمة.

للوصول إلى نصف مستوى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عند الحدود الحالية التي وضعها الاقتصاديون، ستحتاج المنطقة بحسب البنك الدولي إلى تسجيل نمو بمعدل 3.8% سنوياً من حيث نصيب الفرد على مدى العقود الثلاثة المقبلة، في حين أن أداء النمو الحالي أقل بكثير من هذا المستوى، بسبب الهشاشة والصراع وعدم اليقين.

توقعات متشائمة

يعيد البنك الدولي أسباب ضعف النمو في المنطقة بشكل مباشر إلى حالة عدم اليقين التي فاقمها اندلاع الصراع في غزة، حيث تنتقل تداعياته المستمرة بشكل مباشر إلى بعض البلدان، وتؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة في بلدان أخرى.

أخبار ذات صلة

الأمم المتحدة: إعادة بناء اقتصاد غزة قد تستغرق 350 عاماً

الأمم المتحدة: إعادة بناء اقتصاد غزة قد تستغرق 350 عاماً

 على مدى العام الماضي، جرى تخفيض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2024 بشكل كبير، خصوصاً في الاقتصادات الهشة والمتأثرة بالصراع. وإلى جانب زيادة عدم اليقين الذي بلغ اعتباراً من شهر سبتمبر 2024 ضعف ما هو عليه في الأسواق الناشئة والنامية الأخرى، تضع توقعات البنك الضعيفة بالحسبان -وإن بشكل جزئي- تأثيرات قرار تحالف «أوبك+» بتمديد تخفيضات إنتاج النفط.

منطقة ساخنة منذ عقود

يسلط الصراع المستمر في غزة الضوء على اتجاه أوسع نطاقاً لتصاعد العنف في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي تزايد على مدى العقود القليلة الماضية.

تظهر أرقام البنك الدولي أنه ومنذ أوائل القرن الحالي، بدأ كل من تواتر وشدة الصراعات المسلحة يتزايدان أكثر بكثير مما كان عليه الوضع في تسعينيات القرن الماضي.

وعلى وجه التحديد، زاد متوسط ​​عدد حلقات الصراع سنوياً في المنطقة بأكثر من الضعف، من 20 في التسعينيات إلى 52 منذ عام 2010، وقد كان تأثير ذلك على حياة الإنسان صارخاً. ففي السنوات بين عامي 2010 و2022، شكلت الوفيات المرتبطة بالصراعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 38% من الإجمالي العالمي، وهو معدل أعلى بستة أضعاف مما كان عليه في التسعينيات. أما خلال الفترة ما بين 2012 و2016، فقد كانت المنطقة مسؤولة عن 66% من الوفيات المرتبطة بالصراعات في العالم.

تشير أرقام البنك الدولي إلى أن 12 من أصل 19 دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، شاركت خلال السنوات الأربع الأخيرة في حلقات من الصراع المسلح، مقارنة بمتوسط 8 من أصل 19 بين عامي 1990 و1994. بذلك تكون المنطقة صاحبة أعلى نسبة بلدان متورطة في الصراعات مقارنة بأي منطقة أخرى من العالم، بما في ذلك جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، اللتان تواجهان أيضاً مستويات عالية من الصراعات.

أداء أفضل في 2025

في غمرة الأرقام الضعيفة، تبدو توقعات الأداء لعام 2025 مبشرة إلى حد ما بانتعاش مرتقب. فتوقعات البنك الدولي تشير إلى أن اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سينمو بمعدل 3.8% في العام المقبل، بدعم أيضاً من نمو مقدّر في دول الخليج عند 4.2%، ارتفاعاً من 1.9% هذا العام، نتيجة التخلص التدريجي من تخفيضات إنتاج النفط الطوعية.

كما يُتوقع أن يتسارع النمو في دول المنطقة المصدرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي إلى 3.3% من 2.7%. وفي الوقت ذاته، يُنتظر أن يتحسن النمو في الدول المستوردة للنفط من 1.3% هذا العام إلى 3.4% في العام المقبل.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC