أنهى الأردن المراحل والأعمال التحضيرية المكتبية كافة للبدء بالمراحل التحضيرية الميدانية للتعداد السكاني الأكبر في تاريخه، والذي يمثل صورة فوتوغرافية متكاملة عن المجتمع الأردني، خلال لحظة زمنية محددة في إطار مجموعة من المتغيرات المتعددة والمستمرة.
مدير عام دائرة الإحصاءات العامة الأردنية حيدر فريحات في مقابلة خاصة مع «إرم بزنس»، قدّم تفاصيل التعداد الأضخم والأوسع في تاريخ الأردن، وهو التعداد السابع الذي تنفذه الدائرة منذ تأسيسها في عام 1949، مبنياً على الخبرات التراكمية السابقة، ليكون بذلك أضخم عملية مسحية إحصائية تقوم بها المملكة الأردنية الهاشمية، والتي تمثّل قاعدة رئيسة لإحصاءات السكان، والمساكن، والمنشآت.
في ظل التوترات الجيوسياسية التي تعيشها المنطقة، تبرز أهمية التعداد السكاني كأداة حيوية للتخطيط والتنمية. يعتبر التعداد السكاني مؤشراً دقيقاً على الاستقرار ويعزز القدرة على جذب الاستثمارات، حيث يتيح توفير بيانات شاملة ودقيقة.
وفي هذا السياق، أوضح فريحات في حديثه مع «إرم بزنس» أن «التعداد السكاني يمثل العملية الإحصائية الوحيدة التي تجري بالحصر الشامل، مما يمكن من الوصول إلى كل مسكن بغض النظر عن تصنيفاتها، وهو ما لا يمكن تحقيقه عبر طرق جمع البيانات الأخرى».
كما أشار إلى أن تنفيذ التعداد في الظروف الراهنة هو دلالة على الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي الذي يتمتع به الأردن، مضيفاً أن «هناك دولا شقيقة لم تتمكن من إجراء التعداد رغم الميزانيات الكبيرة لديها، وذلك بسبب عدم الاستقرار السياسي المتأثر بالأوضاع المحيطة».
وفيما يتعلق بتحضيرات التعداد السكاني، أكد فريحات أن العملية تسير وفق المخطط المرسوم، حيث صرح بأن «جميع المراحل والأعمال التحضيرية المكتبية قد اكتملت»، مشيراً إلى أن المراحل التحضيرية الميدانية ستبدأ قبل نهاية العام الحالي.
وفيما يخص المنهجية المتبعة، يتميز تعداد 2025 عن التعدادات السابقة بآلية التنفيذ المعتمدة، والتي تعتمد على «المرجعية الثلاثية الداعمة للدقة في جمع البيانات»، وتتضمن العد الذاتي من قبل المواطنين إلكترونياً، والعد الميداني المباشر التقليدي من قبل باحثين من الدائرة، بالإضافة إلى استخدام السجلات الإدارية.
كما أشار إلى أن التعداد المقبل سيشمل جميع المقيمين داخل الحدود الأردنية، سواء البرية أو البحرية أو الجوية، بغض النظر عن الجنسية أو سبب التواجد في الأردن، معتمداً على طريقة الشمولية ذاتها التي تُطبق في كافة التعدادات السكانية المعتمدة دولياً.
وأوضح فريحات أن ما يميز التعداد الجديد هو اعتماده الموسع على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في مختلف مراحله، بما في ذلك استخدام الجغرافيا المكانية وتكنولوجيا الإشراف على تنفيذ التعداد، فضلاً عن غرف العمليات ومراكز البيانات ومراكز الاتصال.
تخضع التعدادات السكانية في الأردن لمراقبة واطلاع هيئات ومؤسسات إحصائية واقتصادية عربية ودولية، خاصة أن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية تعتبر من أعرق المؤسسات الإحصائية إقليمياً، بحسب مدير عام الإحصاءات، الذي أكد أنه ستكون هناك منظومة فاعلة للرقابة والجودة لغايات ضبط وضمان الجودة حسب المعايير العالمية.
وقال فريحات: إن الدراسات والمسوح والتعدادات كافة التي تنفذها الدائرة تشهد اعتماد المنظومة الإحصائية الدولية والمؤسسات المعنية ذات العلاقة بالمخرجات الإحصائية، مشيرا إلى أن الإحصاءات الأردنية هي من أكثر المؤسسات القيادية والريادية للمنظومة الإحصائية إقليمياً.
كشف فريحات في حديثه عن دراسة إمكانية مشاركة المعلمين من كوادر وزارة التربية والتعليم الأردنية في التعداد المقبل، بالإضافة إلى إشراك طلاب الجامعات وكفاءات وخبرات أخرى في العملية الميدانية. وأوضح أن ذلك سيتم بناءً على مخصصات موازنة التعداد التي تحددها الحكومة الأردنية، بالإضافة إلى الدعم المقدم من المنظمات والهيئات العربية والدولية المعنية بالمخرجات الإحصائية.
ووفقاً للساعة السكانية لدائرة الإحصاءات العامة الأردنية، بلغ عدد سكان الأردن في وقت كتابة التقرير 11.68 مليون نسمة.
من الجدير بالذكر أن النتائج الرسمية للتعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015 أظهرت أن عدد سكان الأردن في ذلك الوقت بلغ 9.531.71 نسمة، يتوزعون على 6.614 مليون أردني وقرابة 2.9 مليون غير أردني، منهم 1.3 مليون لاجئ.