logo
اقتصاد

التمويل الاستهلاكي في مصر.. انتعاش يغذيه التضخم

التمويل الاستهلاكي في مصر.. انتعاش يغذيه التضخم
محلات في منطقة خان الخليلي وسط القاهرةالمصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:16 سبتمبر 2024, 03:44 م

مع ارتفاع معدلات التضخم وتآكل القوة الشرائية، بات التمويل الاستهلاكي بمثابة طوق النجاة الذي يلجأ إليه المصريون للحصول على السلع المعمرة والأجهزة الإلكترونية التي يحتاجونها مع تقسيط المدفوعات على فترات، ورغم تزايد شعبيته كإحدى أهم الأدوات التي تساعد على مواجهة التحديات الاقتصادية، لكنه يظلّ أيضاً محفوفاً بمخاطر تحتاج إلى الحذر.

ويؤكد خبراء الاقتصاد لـ«إرم بزنس» أن سوق التمويل الاستهلاكي في مصر يشهد نمواً لافتاً بدعم من ارتفاع معدلات التضخم التي قفزت بشكل كبير خلال العامين الماضيين.

وبلغت معدلات التضخم مستويات قياسية خلال العام الماضي، حيث سجل التضخم خلال سبتمبر 2023 نحو 39%، وفق بيانات البنك المركزي، وهذا الواقع دفع الكثير من المواطنين إلى اللجوء إلى الحلول التمويلية كوسيلة للتغلب على أزمة ارتفاع الأسعار وضمان القدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية.

نمو ملحوظ في الربع الثاني

ويؤدي التمويل الاستهلاكي دوراً أساسياً في تمكين المواطنين من الحصول على السلع والخدمات التي يحتاجونها في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. ووفقاً لبيانات الهيئة العامة للرقابة المالية، شهد سوق التمويل الاستهلاكي نمواً ملحوظاً بنسبة 16.7%، ليصل إلى 12.118 مليار جنيه (245 مليون دولار) خلال الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2023.

وبحسب البيانات ذاتها، ارتفع أيضاً عدد العملاء المستفيدين بنسبة 12.9% ليصل إلى 963.9 ألف عميل في الربع الثاني من 2024، مقابل 854.1 ألف عميل في الفترة نفسها من العام الماضي، مما يعكس زيادة الاعتماد على هذه الخدمة في توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

الأجهزة الكهربائية في الصدارة

كما أظهرت بيانات هيئة الرقابة المالية، تصدر مشتريات الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات التمويل الاستهلاكي، حيث استحوذا على 28.46% من حجم التمويلات خلال الربع الثاني من عام 2024 بقيمة 3.449 مليار جنيه (70 مليون دولار)، تلاها تمويل السيارات والمركبات بنسبة 23.37%، بقيمة 2.832 مليار جنيه (58.5 مليون دولار).

ووفقاً للبيانات الرسمية، يُقدر حجم سوق التمويل الاستهلاكي في مصر بحوالي 50 مليار جنيه سنوياً (نحو مليار دولار)، ويضم نحو 40 شركة مرخصة من بينها شركات كبرى مثل «فاليو» و«كونتكت» و«أمان»، تعمل على تقديم الخدمات التمويلية للاستفادة من الطلب المتزايد.

وتسعى هذه الشركات إلى تقديم مزايا تنافسية تجذب العملاء، مثل برامج التقسيط بفوائد مخفضة أو بدون فوائد لفترات معينة، ما يساهم في جذب شريحة أكبر من المستهلكين.

أداة تمويلية ضرورية

وأصبح التمويل الاستهلاكي أداة تمويلية ضرورية في مواجهة التضخم، حيث يساهم في دعم القدرة الشرائية للمواطنين، ويوفر بدائل تمويلية تتناسب مع مختلف الطبقات الاجتماعية، إذ يقول أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة هشام إبراهيم، إن هذا التمويل يساعد على تحفيز الاستهلاك، مما يساهم في تحريك عجلة الاقتصاد. كما يتيح للأسر الحصول على احتياجاتها دون الشعور بالضغط المالي الكبير، خاصة في ظل تراجع قيمة العملة وارتفاع أسعار السلع.

وفي حديث لـ«إرم بزنس»، يعتبر إبراهيم أن التمويل الاستهلاكي يشكل حلاً مالياً سريعاً وفعالاً يتيح للمواطنين اقتناء السلع التي يحتاجونها دون الحاجة إلى دفع كامل ثمنها مقدماً، إذ توفر هذه الآلية خيارات دفع مريحة تمتد على فترات طويلة، مما يخفف العبء المالي على الأسر، ويجعل من السهل شراء السلع المعمرة مثل الأجهزة المنزلية، والإلكترونيات، والسيارات.

مخاطر التعثر عن السداد

ورغم المزايا المتعددة، يحمل التمويل الاستهلاكي بعض المخاطر التي يجب التنبه لها من أبرزها تعثر الأسر وعدم قدرتها على سداد الأقساط في المواعيد المحددة، وتراكم الديون والفوائد المتأخرة، مما يجعل من الصعب على المواطنين الوفاء بالتزاماتهم المالية، وفق الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة.

وحذر بدرة، من خطر التوسع غير المحسوب في الاعتماد على التمويل الاستهلاكي، مشيراً في حديث مع «إرم بزنس» إلى أن هذا التمويل، رغم كونه مفيداً في الكثير من الحالات، إلا أنه يمكن أن يكون عبئاً مالياً للأسر إذا لم يتم التعامل معه بحذر، لذلك يجب على المستهلكين تقييم قدرتهم على السداد قبل الإقدام على الاقتراض، وتجنب اللجوء إلى التمويل الاستهلاكي إلا للضروريات.

توفير شروط عادلة للتمويل

وفي حديث مع "«إرم بزنس» أوضح أستاذ الإدارة والتمويل بجامعة قناة السويس محمد باغة أن التمويل الاستهلاكي يمثل سيفاً ذا حدين في السوق المصري، فمن ناحية، يساهم في دعم القدرة الشرائية للمواطنين وتلبية احتياجاتهم في ظل التضخم المرتفع، ومن ناحية أخرى، يحمل مخاطر تتطلب التعامل معها بحذر وتخطيط مالي دقيق.

ومع تزايد عدد الشركات العاملة في هذا المجال، يبقى التحدي الرئيسي هو توفير التمويل بشروط عادلة تتناسب مع مختلف الفئات، وضمان الاستدامة المالية للأسر المصرية، وفق أستاذ الإدارة والتمويل.

كما دعا إلى ضرورة توعية المواطنين بأهمية إدارة الديون بحكمة وعدم الاعتماد المفرط على التمويل الاستهلاكي إلا للضروريات، مؤكداً على أهمية دور الجهات الرقابية في ضمان تقديم الخدمات التمويلية بشروط عادلة وشفافة.

ما هو التمويل الاستهلاكي؟

وبحسب باغة يُعدّ التمويل الاستهلاكي أداة مالية حيوية تسهم في تمكين الأفراد من شراء السلع المعمرة كالأجهزة الإلكترونية والأثاث والسيارات، مع سداد ثمنها على فترات زمنية ممتدة، مما يجعله خياراً جذاباً للأسر من مختلف الطبقات. يخدم هذا النوع من التمويل القطاع العائلي بشكل رئيسي.

كما يعتبر هذا التمويل وسيلة فعالة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الشمول المالي، إذ يمنح الفرصة للطبقات المتوسطة والمحدودة الدخل للاستفادة من الخدمات المالية التي كانت محصورة في السابق على الفئات الأعلى دخلاً.

وأصبح التمويل الاستهلاكي أحد أهم الأنشطة المالية غير المصرفية في السوق المصرية، بعد أن خضع لرقابة الهيئة العامة للرقابة المالية التي تنظم هذا النشاط بموجب قانون تنظيم نشاط التمويل الاستهلاكي رقم 18 لسنة 2020، مما يضمن تقديم هذه الخدمات وفق ضوابط ومعايير تحمي المستهلكين، وتعزز من ثقتهم في هذه السوق المزدهرة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC