أعلن رئيس سريلانكا، الثلاثاء، أن الصين وافقت على إعادة هيكلة قروضها للدولة المفلسة، في خطوة من شأنها إزالة العقبة الأخيرة أمام الإفراج عن خطة إنقاذ لصندوق النقد الدولي بقيمة 2,9 مليار دولار.
وتسببت أزمة اقتصادية غير مسبوقة في سريلانكا التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، في نقص حاد في المواد الغذائية والوقود والأدوية، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي والتضخم الجامح، وفق فرانس برس.
وكانت حكومة الرئيس السريلانكي، رانيل ويكرمسينغه، تعمل على تأمين حزمة إنقاذ بقيمة 2,9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لتصحيح مسار المالية العامة السريلانكية المنهارة.
لكنّ مساعيها توقّفت بسبب مفاوضات الديون مع الصين، أكبر دائن ثنائي لها.
وأخطر ويكرمسينغه البرلمان بأن "بنك إكسيم" الذي تملكه الدولة في الصين "وجه رسالة إلى صندوق النقد الدولي" مساء الاثنين يعرب فيها عن استعداد بكين "لإعادة هيكلة" الاعتمادات الممنوحة لسريلانكا.
وقال في خطاب أمام النواب: "قمنا بما يتوجّب علينا، وآمل بأن يقوم صندوق النقد الدولي بما يتوجّب عليه".
وأوضح ويكرمسينغه "بمجرد أن أرسلت رسالة بنك إكسيم إلى صندوق النقد الدولي، وقّعت خطاب نوايا سريلانكا للمضي قدما في برنامج صندوق النقد الدولي".
وقال مدير صندوق النقد الدولي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ كريشنا سرينيفاسان الثلاثاء: "سريلانكا حصلت الآن على الضمانات اللازمة من مانحيها الثنائيين الرئيسيين. وهذا يمهد الطريق لدراسة الخطة من قبل مجلس الإدارة في 20 مارس بهدف منح موافقة".
وأضاف: "يمكن أن يفتح اتفاق مجلس الإدارة الباب أمام تمويل من دائنين آخرين من بينهم البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي".
تخلّفت سريلانكا عن سداد ديونها الخارجية البالغة 46 مليار دولار في أبريل الماضي خلال أزمتها الاقتصادية.
ويمثل ما يزيد قليلا على 14 مليار دولار من ذلك المبلغ ديونا ثنائية مستحقة لحكومات أجنبية، 52 في المئة منها للصين.
ورغم توصل الحكومة السريلانكية إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على حزمة الإنقاذ في سبتمبر، علّق الإفراج عنها في انتظار "ضمانات مالية" من الدائنين.
وأعطت اليابان والهند، أكبر دائني سريلانكا، إلى جانب مجموعة من الدول الأخرى الدائنة المعروفة باسم "نادي باريس" ضمانات في وقت سابق من هذا العام، تاركة الصين فقط لإعطاء موافقتها.
وقال المحلل المالي مرتضى جافرجي، رئيس معهد "أدفوكاتا إنستيتيوت" للبحوث ومقره كولومبو، لوكالة فرانس برس إن "تحولا كبيرا في موقف الصين السابق" كان ضروريا للمضي قدما في خطة الإنقاذ.
وكانت بكين اقترحت في وقت سابق تأجيل سداد الديون لمدة تصل إلى عامين بدلا من تقليص قروضها، وهو عرض اعتُبر غير كافٍ لتلبية متطلبات صندوق النقد الدولي.
وقال جافرجي لوكالة فرانس برس: "القرار يعود إلى مجلس صندوق النقد الدولي في ما إذا كانت رسالة بنك إكسيم توفّر ضمانات مالية كافية".
وصلت الأزمة الاقتصادية في سريلانكا إلى ذروتها في يوليو 2022 مع اقتحام عشرات الآلاف من المتظاهرين المقر الرسمي للرئيس آنذاك غوتابايا راجاباكسا، ما أجبره على الفرار من البلاد والاستقالة.
وضاعف ويكرمسينغه الضرائب ورفع أسعار الوقود وتعريفات المرافق العامة ثلاث مرات بما يتوافق مع مطالب صندوق النقد الدولي من أجل زيادة عائدات الحكومة قبل الحصول على أي حزمة إنقاذ.
وحذّر ويكرمسينغه الشهر الماضي من أن البلاد ستبقى مفلسة حتى العام 2026 على الأقل، مقرا بأن إجراءات التقشف التي اتخذها تسببت في استياء.
وقال وقتها "تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا انني لست هنا لأحظى بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها".
وأبلغ البرلمان الثلاثاء بأن التضخم تراجع إلى حوالى 50 % بعدما وصل إلى مستوى مرتفع بلغ 70% في سبتمبر.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق احتجاجات عدة ضد الإصلاحات الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة في الأسابيع الأخيرة.