مع اقتراب الانتخابات الأميركية، الثلاثاء الـ5 من نوفمبر الجاري، أصبحت مسألة ارتفاع أسعار المواد الغذائية قضية رئيسة تؤثر في تفضيلات الناخبين، خصوصاً مع تزايد الشكاوى من المستهلكين حول التضخم في أسعار البقالة.
ارتفع سعر كيس من «غرانولا جوز الهند والكاجو» في متاجر «هول فودز» (Whole Foods)، على سبيل المثال، من 5.99 إلى 6.69 دولار، ما سلط الضوء على الدور الذي يلعبه الموزعون كحلقات غير مرئية في سلسلة التوريد، وأثار تساؤلات واسعة حول أسباب ارتفاع الأسعار، وفقاً لِما ذكرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.
أوضحت شركة «وايلدواي فودز» (Wildway Foods) المصنعة للغرانولا أن ارتفاع الأسعار لم يكن نتيجة ارتفاع مباشر في تكاليف الإنتاج أو زيادة الأرباح، بل نتيجة للرسوم المتزايدة التي يفرضها موزعو البقالة، والتي شملت تكاليف معالجة العروض الترويجية، والتلف المحتمل، إضافة إلى تكاليف تتعلق بأخطاء الشحن.
وتعد هذه الرسوم جزءاً من الضغوط التي تواجهها الشركات الصغيرة، حيث تزيد من تكلفة الوصول إلى المتاجر وتحملها أعباء إضافية في عملية التوزيع.
باتت زيادات الأسعار، خصوصاً في المتاجر الكبرى، تؤثر بشكل ملحوظ في ميزانية الأسر الأميركية؛ ما دفع المستهلكين للتساؤل عن الأسباب الفعلية وراء هذه الزيادات، وسط اتهامات متبادلة بين السياسيين وشركات الأغذية، حيث ألقى الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب باللوم على إدارة بايدن، متهماً إياها بالتسبب في ارتفاع الأسعار بسبب سياساتها الاقتصادية.
في المقابل، ردت نائبة الرئيس كامالا هاريس بالإشارة إلى سلاسل البقالة وشركات الأغذية، معتبرة أن سياسات الأسعار غير العادلة تأتي من قوى السوق والتوزيع.
فيما قال مؤسس شركة لصناعة الصلصات الحارة في تكساس، جورج ميلتون، إن هناك حالة من الإحباط بين المستهلكين لأنهم لا يعرفون بوضوح أسباب ارتفاع الأسعار، مضيفاً: «هل السبب هو الاستغلال أو ارتفاع تكاليف الموزعين أو تجار التجزئة أو حتى المزارعون؟ لا أحد يعرف بالضبط».
هذه الضبابية في الأسباب دفعت بالكثير من الناخبين إلى متابعة آراء المرشحين حول الاقتصاد بجدية، خصوصاً مع تأثر حياتهم اليومية بالزيادات المتواصلة في أسعار المواد الغذائية الأساسية.
من جهتها، رفعت شركات الأغذية الكبرى أسعارها في السنوات الأخيرة على مجموعة واسعة من المنتجات، متذرعة بارتفاع تكاليف المواد الخام والعمالة.
أما الشركات الصغيرة فترى أنها تتعرض لضغوط متزايدة من قبل الموزعين، الذين يلعبون دوراً حاسماً في تمكينها من الوصول إلى رفوف المتاجر، حيث يقوم الموزعون بشراء المنتجات من المصنعين وتوزيعها على المتاجر، إلا أن الرسوم المرتفعة التي يفرضونها تضطر الشركات الصغيرة إلى زيادة الأسعار للمستهلكين للحفاظ على هامش ربح مقبول.
وتلعب شركات توزيع المواد الغذائية، مثل «كيهي» (KeHE) و«سي آند إس» (C&S) و«يونايتد ناتشورال فودز» (UNFI)، دوراً بارزاً في سوق الأغذية الأميركية، التي تتولى التوزيع على نطاق وطني، ويعتمد عليها الآلاف من المصنعين الصغار للوصول إلى رفوف المتاجر. وتسيطر هذه الشركات على جزء كبير من التوزيع؛ ما يمنحها قوة تفاوضية مع الشركات الصغيرة التي تسعى لتوسيع نطاق وصول منتجاتها.
يقول الخبراء إن هذه الشركات تعتمد على رسوم إضافية من المصنعين لتغطية تكاليف التشغيل المتزايدة.
مع اهتمام الناخبين بقضايا التضخم والأسعار، يسعى المرشحون السياسيون إلى جذب الدعم من خلال تقديم حلول لهذه الأزمة الاقتصادية، التي أصبحت تؤثر في حياة المستهلكين اليومية.
ولطالما كانت الرسوم المختلفة المفروضة على شركات تصنيع المواد الغذائية، مثل: رسوم الشحن المتأخر أو الجزئي، جزءاً من تجارة البقالة، إذ يفرض تجار البقالة العديد من الرسوم الخاصة بهم على عناصر، مثل: العروض الترويجية، ومساحات الرفوف، التي ينقلها الموزعون بدورهم إلى شركات الأغذية. ويقوم الموزعون بإضافة رسوم إضافية لمعالجة هذه الرسوم، إلى جانب فرض رسوم أخرى مباشرةً من جانبهم.