مع حلول عام 2025، أصبحت طفرة التضخم في أسعار المواد الغذائية التي ميزت عامي 2022-2023 جزءاً من الماضي، الأمر الذي يفسح المجال أمام تحولات جديدة في أولويات المستهلكين. لكن، على الرغم من أن الأسعار لا تزال تلعب الدور الأكبر في تحديد خيارات الشراء، فإن الاهتمام بالصحة وتجنب الأطعمة فائقة المعالجة بات يتصدر المشهد تدريجياً؛ وهو ما يخلق فرصاً وتحديات أمام المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وفقاً لتقرير صادر عن شركة «يورومونيتور إنترناشيونال» (Euromonitor International) للأبحاث وتحليل البيانات ودراسة وتحليل الأسواق والصناعات والاتجاهات الاستهلاكية.
على الرغم من التراجع الملحوظ في تضخم أسعار الغذاء، لا تزال أسعار العديد من السلع الأساسية تشهد ارتفاعاً، وإن كان بوتيرة أبطأ. هذا الأمر يدفع بالمستهلكين إلى البحث عن البدائل الأرخص، مثل العلامات التجارية الخاصة أو التسوق في المتاجر ذات الأسعار المخفضة.
على سبيل المثال، شهدت مبيعات الأرز، باعتباره من المواد الغذائية الأساسية، زيادة بـ8.6% خلال عام 2024، في وقت تباطأت فيه مبيعات المنتجات التي تعتمد على قيم إضافية مثل بدائل اللحوم؛ بسبب ارتفاع تكلفتها مقارنة بخيارات أخرى.
تلاشت تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على سوق الحبوب إلى حد بعيد بحلول عام 2024، غير أن فئة المخبوزات التي تمثل 44% من مبيعات الأغذية الأساسية واجهت ضغوطاً بسبب ارتفاع أسعار الكاكاو إلى مستويات قياسية.
قلة الأمطار في غانا وكوت ديفوار أثرت في حجم الإمدادات؛ ما أدى إلى تقلب الأسعار بين 6500 و12500 دولار للطن. هذه التحديات لا تزال مستمرة، وتنعكس بشكل مباشر على الخبز، والمعجنات، وصولاً إلى حبوب الإفطار.
أصبح من الواضح أن التغير المناخي يضيف طبقة جديدة من عدم اليقين إلى سوق الغذاء العالمي. فالجفاف، والفيضانات، والصقيع غير الموسمي، كلها عوامل تسببت في نقص المحاصيل الأساسية، خصوصاً في مناطق الإنتاج الرئيسة مثل جنوب شرق آسيا التي تعتمد عليها إمدادات الأرز. وهذا التحدي يهدد الأمن الغذائي، ويبرز الحاجة إلى حلول مستدامة.
على الرغم من الضغوط الاقتصادية، بدأ المستهلكون في إعطاء أولوية للصحة والتغذية. وقد أظهرت استطلاعات حديثة أن 30% من المستهلكين على استعداد لدفع المزيد مقابل المنتجات الصحية، بينما أشار 23% إلى أهمية المنتجات الطبيعية و17% للمنتجات العضوية. ومع ذلك، يظل الاعتبار الأكبر هو القيمة مقابل المال، حيث ذكر 44% من المستهلكين أن التكلفة هي العامل الأساسي في اختياراتهم الغذائية.
يتزايد القلق حول الأغذية فائقة المعالجة، مع تصاعد النقاش حول تأثيرها على الصحة. وبغض النظر عن صحة هذه المخاوف، فإنها تؤثر في تفضيلات المستهلكين؛ ما يشكل تحدياً كبيراً لمنتجي الأغذية الأساسية الذين يعتمدون على هذه الفئة من المنتجات.
بينما تستمر التكاليف وتغير المناخ في تشكيل سوق الغذاء، يبدو أن هناك فرصاً واعدة؛ فالتكنولوجيا الغذائية تقدم حلولاً مبتكرة لخلق إمدادات مستدامة والتخفيف من تقلبات الأسعار، كما يمكن للأطعمة الأساسية مثل الأرز والخضراوات المجمدة أن تستفيد من زيادة الطلب على البدائل الصحية والمستدامة؛ ما يجعلها الخيار الأمثل للمستهلكين الحريصين على تحقيق التوازن بين التكلفة والجودة.