في ختام فعاليات منتدى دافوس 2025، برزت قضية التضخم العالمي كأحد أهم المواضيع التي شغلت المشاركين، خصوصاً في ظل تزايد التوترات التجارية وتغيرات سلوك المستهلكين. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها البنوك المركزية للسيطرة على ارتفاع الأسعار، أكدت المناقشات على ضرورة البقاء في حالة يقظة وعدم التهاون مع هذه التحديات.
خبراء المنتدى، بما فيهم شخصيات بارزة من صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الكبرى، أشاروا إلى أن التضخم لا يزال يمثل تهديداً، حيث تم تشبيه الوضع بأن «الجني لم يكمل دخوله القمقم فأرجله ما زالت خارجة»، وأكدوا أن هناك حاجة إلى جهود إضافية للتعامل مع هذا التحدي بشكل جذري.
تزامن المنتدى مع بداية ولاية جديدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث أثارت سياساته الاقتصادية الجديدة، مثل التخفيضات الضريبية المحتملة والتهديد بفرض تعريفات جمركية، قلق الاقتصاديين وصناع السياسات. في الوقت نفسه، أظهرت مؤشرات السوق ارتفاعاً في توقعات التضخم. فعلى سبيل المثال، ارتفع معدل التضخم المتوقع لمدة عشر سنوات في الولايات المتحدة إلى 2.5%، وهو أعلى مستوى منذ شهور.
أشار الخبراء إلى أن أخطاء السياسات النقدية والمالية خلال العقدين الماضيين قد أسهمت في وضع قاعدة أعلى للتضخم على المدى المتوسط. وقد أكد ذلك رؤساء البنوك المركزية في نقاشاتهم حول الأخطاء السابقة وكيفية تصحيح المسار لتحقيق استقرار اقتصادي أكثر استدامة.
تباينت مواقف البنوك المركزية العالمية حول اتجاه السياسات النقدية. ففي حين أشار البنك المركزي الأوروبي إلى استمرارية تخفيض أسعار الفائدة، قرر بنك اليابان رفع الفائدة إلى أعلى مستوى خلال 17 عاماً. هذا التباين يعكس اختلافاً في أولويات الاقتصادات الكبرى وتوقعاتها المستقبلية بشأن التضخم والنمو.
على الرغم من المخاوف المتعلقة بالتضخم، قدم صندوق النقد الدولي صورة أكثر تفاؤلاً بشأن النمو الاقتصادي العالمي، حيث توقع نمواً أقوى من المتوقع مدفوعاً بالطلب القوي في الولايات المتحدة، وتراجع التضخم العالمي في بعض المناطق. ومع ذلك، حذرت النقاشات من أن هذا التفاؤل لا يعني انتهاء التحديات الاقتصادية.
خلصت مناقشات منتدى دافوس 2025 إلى أن التضخم العالمي لا يزال يشكل تهديداً حقيقياً، خاصة في ظل التوترات التجارية والسياسات غير المستقرة في بعض الاقتصادات الكبرى. وبينما تسعى البنوك المركزية إلى التوازن بين تحفيز النمو وكبح التضخم، يبقى التحدي الأكبر هو الحفاظ على استقرار الأسواق العالمية وسط هذه التغيرات المتسارعة.