logo
اقتصاد

هل تُحول الإصلاحات الاقتصادية الأردن إلى منطقة حرة؟

هل تُحول الإصلاحات الاقتصادية الأردن إلى منطقة حرة؟
مدينة العقبة في أقصى جنوب الأردن على ساحل البحر الأحمر، تُعَد المدينة مركزاً حيوياً لتنمية الاقتصاد الأردني، وتلعب دوراً رئيسياً من خلال نشاطها في قطاعي التجارة والسياحة.المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:3 أكتوبر 2024, 03:42 م

عانت المالية العامة الأردنية من عجز في الموازنة العامة لسنوات طوال تحت وطأة اختلالات بنيوية في منظومة تحصيل الإيرادات العامة من حيث تحصيل الضرائب والرسوم والجمارك، ورغم التحديات التي تواجهها المالية العامة، كان التركيز على إصلاح النظام الجمركي غير ناضج مقارنة بإصلاحات اقتصادية هيكلية في مجالات أخرى نفذها الأردن عبر العقود الماضية.

التحصيل الجمركي في الأردن والجدوى المالية له محط اهتمام أي مشروع إصلاحي اقتصادي في البلاد بما فيها رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها العاهل الأردني العام الماضي، في ظل وجود العديد من اتفاقيات التجارة الحرة التي تمنح العديد من الإعفاءات والاستثناءات للسلع المستوردة والمصدرة من تلك الدول أو المناطق، على غرار اتفاقية التجارة الحرة العربية واتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، أو اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية.

وهناك العديد من الاتفاقيات المشابهة مع دول أخرى مثل سنغافورة، الأمر الذي نجم عنه تشابك وتداخل الاتفاقيات بما يعقد عملية التطبيق الفعلي بشفافية ويسر.

«إرم بزنس» اطّلعت على بعض الإحصائيات المتعلقة بملف الاتفاقيات ومبرراته في الحالة الأردنية، والتي خلصت إلى أن الأردن استورد نحو 26.2 مليار دولار عام 2023، في حين بلغت صادراته نحو 11 مليار دولار لذات العام. ووفقاً لبيانات البنك المركزي الأردني، فإن الاستثمار الأجنبي المتدفق للداخل الأردني بلغ نهاية العام الماضي نحو 981 مليون دولار، وذلك بوصفه المبرر الأكبر لإبرام كثير من اتفاقيات التجارة للأردن.

تشير الأرقام إلى أن قيمة الرسوم الجمركية المحصلة على واردات المملكة خلال العام الماضي بلغت قرابة 1.8 مليار دولار، الأمر الذي يعني أن متوسط النسبة الفعلية للرسوم الجمركية المحصلة شكلت 7% فقط من إجمالي قيمة المستوردات البالغة كما ذُكِر سابقاً 26.2 مليار دولار بنهاية العام الماضي.

خبراء اقتصاديون دعوا إلى ضرورة إعادة النظر بشكل دوري باتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها الأردن مع الدول والجهات الدولية، وأكدوا، لـ «إرم بزنس»، أن هناك اتفاقيات تجارة لم تحقق الهدف المنشود من توقيعها، ويميل الميزان التجاري للطرف الآخر، في حين أن صادرات المملكة تواجه عقبات إدارية وتسويقية لدخول هذه الأسواق.

يذكر أن الأردن عضو في عدد من اتفاقيات التجارة الحرة الدولية والإقليمية، إضافة لعدد آخر من الاتفاقيات الثنائية، بما في ذلك العضوية في منظمة التجارة العالمية، واتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، واتفاقية إقامة منطقة التبادل التجاري الحر بين الدول العربية المتوسطية (أغادير)، واتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية، واتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية، واتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة. كما وقّع الأردن اتفاقية مع رابطة الدول الأوروبية (أفتا)، واتفاقية التجارة الحرة.

رئيس غرفة صناعة الأردن المهندس فتحي الجغبير، أوضح أن بعض الاتفاقيات يجب إعادة النظر بتفاصيلها، لعدم تحقيق الغاية المنشودة منها منذ توقيعها.

لاحظ الجغبير أن هناك اتفاقيات ضمن منطقة التجارة العربية تشوبها كثير من الملاحظات، مع وجود متطلبات تحول كفة الميزان التجاري إلى الطرف الآخر، ما يشير إلى أن بعض هذه الاتفاقيات غير عادلة، ويجب الوقوف على المعوقات التي تحول دون الوصول للمستوى المطلوب من الصادرات الأردنية لهذه الدول.

وأضاف الجغبير أن المنتجات الأردنية لا تدخل جميعها للسوق الأوروبي؛ بسبب وجود معيقات حول بعض المنتجات ما يتسبب بعجز الميزان التجاري لصالح الاتحاد الأوروبي. وبين أن اتفاقيات التجارة الحرة كان لها دور إيجابي في رفع مواصفات المنتج الأردني وكفاءته من خلال إدخال المنافسة الأجنبية للسوق المحلي، بالإضافة إلى فتح أسواق جديدة أمام المنتج المحلي.

وزير المالية الأردني الأسبق محمد أبو حمور، أكد أن الانخراط بشكل أوسع في التجارة العالمية يتيح الاستفادة من سلاسل القيمة العالمية والروابط المنتجة معها، والآثار الإيجابية المستقبلية، اعتماداً على توفير الظروف الملائمة لنمو اقتصادي يتسم بالتنوع، ويسهم في إيجاد فرص العمل والتأثير إيجاباً على حياة المواطنين.

وأضاف أن الأصل في أية اتفاقية تجارية هو دراستها وتحديد دورها في خدمة الاقتصاد الوطني، والنتائج التي قد تترتب عليها قبل اعتمادها.

وزير الصناعة والتجارة الأردني يعرب القضاة، أكد في حديث سابق له، أن النقلة النوعية في الصناعة الأردنية خلال العقدين الماضيين، جاءت نتيجة ارتباط المملكة باتفاقيات التجارة التي وقعتها، والتي أتاحت المجال لدخول منافسة أجنبية للسوق المحلي، مبينا أن على المنتج المحلي الاستفادة من الخبرات الأجنبية في السوق؛ ما ينعكس على جودة المنتج والتكلفة النهائية.

وبين القضاة أن هذه الاتفاقيات أتاحت الفرصة للمنتج المحلي دخول أسواق عالمية كانت مغلقة أمامه، ومكنته من زيادة رقعته التسويقية، الأمر الذي أضاف دخلاً جديداً للخزينة من خلال تعليمات قانون الضريبة الحالي، موضحا أن هذه الاتفاقيات استقطبت استثمارات أجنبية جديدة للسوق الأردني.

وأكد أن زيادة الصادرات الأردنية وارتفاع القيمة التنافسية للمنتج المحلي عالمياً، ساهم في إدخال العملات الصعبة من خلال التصدير والمحافظة على ميزان المدفوعات والحد من عجز الميزان التجاري، والذي يدخل في حساب الناتج المحلي الإجمالي، مشددا على ضرورة إعادة النظر والتقييم باستمرار باتفاقيات التجارة الحرة، ودراسة أثرها في الاقتصاد الأردني، ومستوى إيرادات الدولة.

وكشفت إحصاءات لغرفة تجارة عمان، أن قيمة التبادل التجاري بين الأردن والدول التي يرتبط معها باتفاقيات تجارة حرة شكلت خلال العام الماضي ما نسبته 58% من إجمالي تجارة المملكة الكلية مع مختلف دول العالم.

وفقاً للمعطيات التي حصلت عليها «إرم بزنس»، فقد بلغت مبادلات الأردن خلال العام الماضي مع الدول التي ترتبط معها باتفاقيات وشراكات للتجارة الحرة 23 مليار دولار، أكثر من نصفها مع الدول العربية.

وقال رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، إن هذه الاتفاقيات أسهمت بدمج الاقتصاد الوطني بالعالمية، وجعلت الأردن الدولة العربية الوحيدة التي ترتبط بعدد كبير من اتفاقيات التجارة الحرة مع مختلف التكتلات الاقتصادية التجارية.

وأضاف، أن الاتفاقيات التجارية تعتبر عاملاً مهماً لاستقطاب الاستثمارات وتوسيع مجالات الأعمال في البلاد، إذ يمكن للشركات وأصحاب الأعمال الاستفادة منها لتصدير منتجاتهم بشكل أسهل وأسرع، ومن غير قيود.

وأشار إلى أن الاتفاقيات التجارية تسهم بتوفير فرص للشركات الأجنبية، إذ يتم بموجبها تقليل أو إلغاء الرسوم الجمركية على المنتجات المستوردة، وزيادة فرص التصدير؛ ما يمكّن الشركات الأردنية من تصدير منتجاتها برسوم جمركية مخفضة، وبالتالي يمكنها من توسيع حصتها بالأسواق التصديرية.
وبين الحاج توفيق، أن الاتفاقيات التجارية تسهم أيضاً في تحسين المناخ التجاري بالمملكة وجعله أكثر جاذبية واستقطاباً للاستثمارات الأجنبية، ما يدعم الاقتصاد الوطني، ويوفر فرص عمل جديدة للأردنيين.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC