logo
اقتصاد

جحيم الحرب يُنهك السودان.. الاقتصاد على حافة الهاوية

جحيم الحرب يُنهك السودان.. الاقتصاد على حافة الهاوية
موظفون يقومون بفرز الأوراق النقدية في مقر البنك المركزي السوداني بمدينة بورتسودان، السودان، في 23 يوليو 2023.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:14 فبراير 2025, 12:04 م

بينما تقترب الحرب في السودان من دخول عامها الثالث، يدفع اقتصاد البلاد ثمناً باهظاً من الانهيار في القطاعات الإنتاجية والبنية التحتية نجم عنها خسائر مليارية.

ومع تفاقم الأوضاع، تتراجع مؤشرات الاقتصاد إلى مستويات غير مسبوقة، وسط انهيار الجنيه السوداني، وتزايد معدلات التضخم، في وقت يواجه فيه ملايين السودانيين خطر المجاعة والنزوح.

وفي ظل تصاعد الاشتباكات بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، يتفاقم الانكماش الاقتصادي في السودان وتتدهور مؤشراته، إذ يتوقع وزير المالية جبريل إبراهيم أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 28% بنهاية العام الماضي، مقارنة بـ 12.3% في العام 2023، فيما شهدت إيرادات الدولة تراجعًا حادًا تجاوز 90%.

ورغم صعوبة تحديد حجم دقيق للخسائر الاقتصادية جرّاء الحرب، لكن وزير المالية سبق وأشار قبل نحو عام إلى وجود تكهّنات بأنّها قد تصل إلى 200 مليار دولار دون حساب خسائر الفرص الاقتصادية الضائعة للبلاد.

أخبار ذات صلة

1.4 مليار دولار قيمة التبادل التجاري بين مصر والسودان في 2023

1.4 مليار دولار قيمة التبادل التجاري بين مصر والسودان في 2023

ارتفاع التضخم وتراجع الجنيه

تسببت الحرب في ارتفاع كبير بمعدلات التضخم وانهيار قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية؛ ما أدى إلى قفزة غير مسبوقة في سعر الدولار، وفق أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم آمال الخضر.

وتضيف الخضر، في حديثها مع «إرم بزنس»، أن هذا الوضع انعكس بشكل مباشر على ارتفاع الأسعار بشكل لافت، خاصة مع انعدام الرقابة على الأسواق وغياب الاستقرار، بات التجار وأصحاب الخدمات يحددون الأسعار وفق أهوائهم.

ونتيجة لذلك الوضع، ارتفعت معدلات التضخم من 83.6% في يناير 2023 إلى 187.83% في ديسمبر 2024، وفق بيانات البنك المركزي السوداني الصادرة منتصف الشهر الماضي؛ ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطن بشكل حاد.

كما توضح أستاذ الاقتصاد بعداً آخر لانعكاسات الحرب على المؤشرات الاقتصادية، ومنها انهيار الجنيه السوداني بأكثر من 150% من قيمته قبل اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.

وتشير إلى أن الدولار الواحد كان يتم تداوله في السوق الرسمية مقابل 600 جنيه سوداني قبل الحرب، ولكنه قفز بشكل كبير بعدها لأكثر من 1000 جنيه سوداني وفي السوق الموازية يتم شراؤه مقابل 2600 جنيه سوداني، فيما بلغ سعر البيع نحو 2850 جنيهاً.

تدهور القطاعات الإنتاجية

يشير أستاذ المحاسبة في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا والخبير الاقتصادي محمد الناير، إلى تدهور القطاعات الاقتصادية المنتجة وأبرزها الزراعة التي تشكل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر وظائف لنحو 65% من القوى العاملة.

ويقول الناير متحدثا مع «إرم بزنس»، إن الحرب تسببت في تدمير أكثر من 65% من قطاع الزراعة والأنشطة المتقاطعة معه من صناعات زراعية وتجارة مواشي وانهيار في البنية التحتية وشبكة الطرق.

ويلفت الخبير الاقتصادي الانتباه أيضاً إلى تضرر القطاع الصناعي الذي يساهم بنحو 17% من الناتج المحلي الإجمالي بشدة؛ نظراً لتركز المصانع في العاصمة الخرطوم التي عانت أشد المعاناة من القتال المسلح بين الجانبين.

وتظهر بيانات وزارة الصناعة السودانية نهاية العام الماضي، تدمير نحو 90% من قدرات القطاع الصناعي، إذ دمرت نحو 550 مصنعاً في مدينتي الخرطوم وأم درمان، وتقدر خسائرهما بنحو 50 مليار دولار.

ويؤكد الناير أن الحرب تسببت في انهيار أجزاء كبيرة للبنية التحتية، إذ فقد قطاع الخدمات نحو 70% من وحداته.

كما انخفض إنتاج النفط بأكثر من النصف، حيث تراجع الإنتاج إلى 30 ألف برميل يومياً مقابل 67 ألف برميل كان يتم إنتاجهم يومياً قبل اندلاع الحرب، وفق بيانات وزارة الطاقة الأميركية في نوفمبر الماضي.

أخبار ذات صلة

البنك الدولي يخفض توقعات نمو اقتصاد إفريقيا بسبب الحرب في السودان

البنك الدولي يخفض توقعات نمو اقتصاد إفريقيا بسبب الحرب في السودان

أزمة إنسانية واجتماعية

ويعتقد الخبير الاقتصادي حامد التيجاني، أن خسائر السودان من الحرب ليست اقتصادية فقط، بل توجد خسائر اجتماعية وإنسانية، إذ ارتفع مؤشر الفقر في البلاد ليتجاوز 90% والبطالة اقتربت من 260%.

بالإضافة إلى نزوح 15 مليون شخص إلى الدول المجاورة، ووجود أكثر من 8 ملايين شخص يواجهون خطر المجاعة، ونحو 24 مليوناً يعانون من انعدام الأمن الغذائي من إجمالي 48,11 مليون نسمة عدد سكان السودان.

خسائر مليارية

وخلال حديثه مع «إرم بزنس» يقدر التيجاني خسائر الاقتصاد السوداني بنحو 250 مليار دولار بعد عامين من الحرب، فيما تحتاج جهود إعادة الإعمار في حالة انتهاء الصراع لضعف هذا الرقم.

ويقترح التيجاني التركيز على إصلاح المنظومة المالية من خلال ضبط سعر الصرف، ومكافحة التضخم، وإعادة الثقة إلى القطاع المصرفي لضمان استقرار الأسواق ومنع المضاربات على العملات الأجنبية.

كما يؤكد أهمية توفير الدعم للقطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة، لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات؛ ما يسهم في تحسين الميزان التجاري.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC