تشكل آثار الإعصارين هيلين وميلتون تحدياً كبيراً للاقتصاد الأميركي في توقيت حساس، حيث يتزامن هذا التأثير مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
ومن المتوقع أن يصدر تقرير الوظائف لشهر أكتوبر يوم الجمعة المقبل، قبل أربعة أيام من الانتخابات، حاملاً في طياته آثار العواصف، ما قد يمهد لاستغلال سياسي في المراحل الأخيرة من الحملات الانتخابية.
كما تأتي هذه التطورات في وقت يتعين فيه على مجلس الاحتياطي الفيدرالي ( البنك المركزي الأميركي) اتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة بعد يومين فقط من الانتخابات، وهو قرار معقد بسبب البيانات الاقتصادية المتأثرة بالعواصف.
وفقاً لما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن اضطراب البيانات بفعل الأعاصير يجعل من الصعب على الفيدرالي تقييم ما إذا كان خفض أسعار الفائدة مطلوباً، ومدى عمق هذا الخفض، للحفاظ على استقرار الاقتصاد وخفض التضخم.
إعصار «هيلين»، الذي يُعد الأشد تدميراً منذ «كاترينا»، ألحق أضراراً كبيرة بولاية فلوريدا، ما أدى إلى إغلاق المتاجر والمصانع وتعليق الأنشطة في مواقع البناء. ليضرب بعده إعصار «ميلتون» المنطقة؛ ما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي.
في تقرير سبتمبر، أظهرت سوق العمل استقراراً في معدل البطالة ونمواً قوياً للوظائف بإضافة 254 ألف وظيفة؛ ما حسّن الصورة العامة لسوق العمل. فيما يُتوقع أن يتباطأ هذا النمو في أكتوبر، نتيجة للأعاصير وإضراب شركة «بوينغ»، مع تقديرات تتوقع إضافة 100 ألف وظيفة فقط.
ووفقاً لتقديرات مؤسسات مالية مثل «غولدمان ساكس» و«جي بي مورغان» و«باركليز»، من المتوقع أن تتسبب الأعاصير في خفض نمو الوظائف بنحو 50 ألف وظيفة. في حين شهدت الولايات الجنوبية، بما فيها فلوريدا، ارتفاعاً ملحوظاً في طلبات إعانة البطالة خلال أكتوبر بسبب تأثير العواصف.
وعلى الرغم من تباطؤ نمو الوظائف، قد تشهد الأجور ارتفاعاً غير دقيق؛ إذ تأثر العمال الذين يتقاضون أجوراً بالساعة بشكل أكبر من أولئك الذين يحصلون على رواتب ثابتة؛ ما قد يؤدي إلى تضخم متوسط الأجور بشكل مصطنع.
في المقابل، يُتوقع أن يبقى معدل البطالة ثابتاً عند 4.1%، وهو مستوى سبتمبر نفسه، نظراً لأن العمال الذين تغيبوا مؤقتاً بسبب سوء الأحوال الجوية لا يتم استبعادهم من قوائم العاملين.
يلعب التقرير المرتقب دوراً محورياً في تحديد مسار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، خصوصاً مع دخوله في فترة التعتيم الإعلامي التي تمنع المسؤولين من التعليق على الاقتصاد حتى موعد الاجتماع المقبل.
كما كان الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر بمقدار نصف نقطة مئوية، ويتوقع الاقتصاديون أن يجري خفض إضافي بمقدار ربع نقطة في نوفمبر، إلا أن تقرير وظائف ضعيف قد يدفع إلى خفض أعمق.
ولم يقتصر تأثير الأعاصير على سوق العمل فقط، بل يُتوقع أيضاً أن ترفع من مستويات التضخم بسبب نقص السلع، خصوصاً السيارات. وقدّرت وكالة «موديز» خسائر المركبات المؤمن عليها بين 3 و5 مليارات دولار، فيما قد يؤدي الطلب المتزايد على السيارات الجديدة والمستعملة إلى وقف تراجع أسعارها.
رغم هذه التحديات، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الأميركي نمواً قدره 3.1% في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، وفقاً لتقرير يصدر غداً الأربعاء. ومع انتهاء تأثيرات العواصف، يتوقع الخبراء أن يعود الاقتصاد إلى التعافي مدعوماً بجهود إعادة البناء، ما قد يسهم في تعويض النشاط الاقتصادي المفقود بل وربما تحقيق نمو إضافي.