logo
طاقة

خط جيهان النفطي.. 18 شهراً من العقبات تحرم العراق من إيرادات مليارية

خط جيهان النفطي.. 18 شهراً من العقبات تحرم العراق من إيرادات مليارية
عامل يقوم بإجراء فحوصات في ميناء جيهان التركي على البحر الأبيض المتوسط، 19 فبراير 2014.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:25 سبتمبر 2024, 03:09 م

في خطوة إستراتيجية تهدف إلى استعادة إيرادات نفطية ضخمة بمليارات الدولارات، تتواصل الجهود العراقية لإعادة تشغيل خط تصدير النفط إلى ميناء جيهان التركي، بعد 18 شهراً من التحديات التي أبرزها الخلافات المالية مع شركات إقليم كردستان والقيود الإنتاجية التي فرضتها منظمة أوبك+.

وتواجه الحكومة العراقية، المشغّلة لهذا الخط المتوقف منذ مارس 2023، ضغوطاً متزايدة لتحديد موعد لاستئناف العمل به، وقدّر مختصون خسائر البلاد بـ19 مليار دولار نتيجة هذا التوقف، مؤكدين أن استئناف التصدير يمكن أن يعيد للعراق نحو 24 مليون دولار شهرياً.

وفي تصريحات خاصة لـ«إرم بزنس»، أكد خبراء بينهم مسؤول سابق بالحكومة العراقية واقتصادي تركي أن تحديد موعد إعادة التشغيل يعدّ خطوة حيوية لاستعادة العوائد المالية الكبيرة المترتبة على هذا المشروع، إذ إن نجاح هذه الجهود قد يمهد الطريق أمام العراق لاستعادة مكانته بوصفه أحد اللاعبين الرئيسين في سوق النفط العالمي.

تتزايد التوقعات بعودة خط تصدير النفط إلى ميناء جيهان التركي قريباً، إذا ما حُلَّت الخلافات حول التقييمات المالية، أو رفع القيود الإنتاجية من منظمة أوبك+، وفي حال عدم تحقيق ذلك، قد تلجأ الحكومة العراقية إلى تشغيل خط نفطي آخر قيد التأهيل لاستئناف تصدير النفط إلى تركيا.

العراق الذي يُعدُّ ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، يملك سقف إنتاج يبلغ 4 ملايين برميل يومياً، ولكن في أغسطس الماضي، وصل إنتاجه إلى 4.32 مليون برميل يومياً، وأدت أزمة توقف خط النفط إلى فقدان نحو نصف مليون برميل يومياً، منها 370 ألف برميل من إنتاج إقليم كردستان و75 ألف برميل من إنتاج الحكومة العراقية.

3 عقبات

تتجلى أولى العقبات الرئيسة أمام استئناف تصدير النفط العراقي في الخلافات التقييمية بين الحكومة الاتحادية وشركات إقليم كردستان، الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي، إذ تسمح الميزانية العراقية بدفع 8 دولارات فقط عن كل برميل نفط مُنتج، على حين تنص العقود مع حكومة أربيل على دفع 26 دولاراً لكل برميل، وفي مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ في 17 سبتمبر، أشار رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى ضرورة «مراجعة الأسعار، وإيجاد توازن في ظل الالتزام بقرارات أوبك+».

أما ثاني العقبات، فتتمثل في التزام العراق بتخفيض إنتاج النفط الخام، فعلى حين تهدف بغداد إلى تحقيق توازن في الأسواق العالمية ودعم الأسعار، شهدت الأشهر الأخيرة ضخ ما يزيد على 300 ألف برميل يومياً فوق حصتها، وفقاً لتقديرات أغسطس الماضي.

وفي حال استئناف تشغيل خط تصدير النفط، قد يزداد الإنتاج، ما يُعقد التزام بغداد بالخفض، وفي يوليو، أكدت وزارة النفط العراقية التزامها بتخفيضات الإنتاج، وتعهدت باتخاذ إجراءات تعويضية للمدة المحددة حتى سبتمبر 2025، هذه المعادلة تُبرز التحديات التي تواجه العراق في سعيه لاستعادة مكانته في السوق النفطية العالمية.

في مارس الماضي، علّقت تركيا استقبال النفط العراقي عبر خط الأنابيب، بعد أن قضت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس بتغريم أنقرة 1.5 مليار دولار تعويضاً لبغداد، بسبب نقل النفط بالتعاون مع شركات إقليم كردستان من دون موافقة الحكومة العراقية، في انتهاك لاتفاقات تعود إلى عام 1973.

ورغم أن أنقرة أرجعت قرار التعليق إلى الحاجة إلى إصلاحات في الخط بعد الزلزالين المدمرين في فبراير 2023، أعلنت في أكتوبر أنها مستعدة لاستئناف التشغيل، مشيرة إلى أن الأمر يعتمد على العراق.

في مارس الماضي، أفادت وزارة النفط العراقية بأن الشركات النفطية تطالب بثلاثة أضعاف الرسوم الحالية البالغة 6.9 دولار للبرميل، بالإضافة إلى تصفية مستحقاتها السابقة، بما في ذلك مليار دولار عن النفط المنتج بين سبتمبر 2022 ومارس 2023، ورغم الاجتماعات بين بغداد وأربيل والشركات العالمية في يونيو، لم تسفر المفاوضات عن حلول ملموسة.

وفي ظل استمرار هذه التعقيدات، تتجه الأنظار نحو جهود الحكومة العراقية لتصدير النفط مباشرة إلى تركيا عبر إعادة تشغيل خط أنابيب آخر، تعرض لأضرار خلال سيطرة تنظيم داعش قبل 10 سنوات، وأكد وكيل وزير النفط العراقي، باسم محمد، في أبريل الماضي أن بلاده تعمل على إصلاح الخط.

بعد زيارة وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، لأنقرة، أكد وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، في 11 سبتمبر، أن «الأمر مفيد للعراق، ولا توجد عوائق فنية أو تجارية أمام ذلك»، مشدداً على أهمية وجود إرادة سياسية جدية.

في 31 أغسطس، أشار المتحدث باسم مجموعة الصناعة النفطية في كردستان (أبيكور)، مايلز كاغينز، إلى عدم وجود اتفاق حتى الآن على إعادة تشغيل الخط، مقدراً الخسائر بـ19 مليار دولار نتيجة التعليق، وفي 22 سبتمبر، دعت أبيكور، التي تضم 8 شركات منتجة للنفط، إلى الإسراع في استئناف تشغيل الخط وعقد اجتماعات جديدة بين أربيل وبغداد، مشددة على أن استئناف صادرات النفط سيستعيد للعراق نحو 24 مليون دولار شهرياً.

تفاهمات

يرجع الخبير الاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو، في حديث لـ«إرم بزنس»، تأخّر تشغيل الخط الذي يحمل أهمية قصوى لتركيا والعراق وللمنطقة عموماً إلى «الخلافات الداخلية العراقية»، نافياً أن يكون الأمر مرتبطاً بإغلاق تركيا جراء قرار التعويضات.

وأضاف أن «عدم إيجاد تفاهمات عراقية في كيفية التصدير والتنسيق والمحاصصة بين الحكومتين»، سيشكل سبباً آخر في استمرار عدم التشغيل، واستمرار تجميد عوائد مالية عالية للبلدين والمنطقة، مرجحاً أن «يساعد الانفتاح العراقي التركي الحالي على تقريب وجهات النظر بين الجانبين العراقيين لحل العقبات».

ويربط الخبير الاقتصادي التركي، سرعة تشغيل الخط بالوصول لتفاهمات في أقرب وقت، مؤكداً أن تركيا تدعم كل الجهود الإيجابية لتشغيل الخط، ولكن الخلافات العراقية شؤون داخلية وأنقرة لا تتدخل فيها.

وتعود تلك الخلافات العراقية بشأن هذا الخط المهم لـ«خلافات على كلفة إنتاج النفط بين بغداد والشركات في إقليم كردستان التي تطالب بنحو 25 دولاراً للبرميل، على حين أن تكلفة الحكومة العراقية لا تتجاوز 9 دولارات في مناطق أخرى»، وفق حديث الخبير العراقي النفطي، والمستشار السابق لرئيس الوزراء، حمزة الجواهري، لـ«إرم بزنس»، لافتاً إلى أن أربيل تعاقدت مع هذه الشركات بنظام يخالف الدستور والقوانين كما ترى الحكومة المركزية، وهذه أزمة ثانية.

ويعتقد أن التفاهمات وقبول الشركات للمسار الدستوري والقانوني سيجعل المشكلة تحل في يوم واحد، أو ستبقى معلقة، لافتاً إلى أن الحكومة العراقية لديها خط بديل تعمل على تأهيله، وقد يعمل قريباً، ويكون مساراً لإعادة التصدير العراقي مجدداً للأسواق العالمية عبر تركيا، وقد تنضم إليه أربيل، وتزيد حجم التصدير في حال حُلَّت خلافات الشركات مع الحكومة.

وبتقدير الخبير الاقتصادي والأكاديمي بجامعة البصرة، نبيل المرسومي، فإن أطراف الخلافات غير متحمسة لإعادة تشغيل الخط النفطي الممتد لتركيا قريباً، خاصة والشركات مستفيدة من بقاء الوضع عليه، مستبعداً إتمام الحكومتين اتفاقاً ليس في مصلحتهما حالياً.

ويوضح المرسومي لـ«إرم بزنس» أن الحكومة العراقية لو اتفقت مع إقليم كردستان، وشُغِّل الخط يجب عليها تقليل إنتاج النفط التزاماً بحصة أوبك، وبالتالي ستخسر كثيراً، وحكومة أربيل مستفيدة من الوضع بتصدير نحو 200 ألف برميل يومياً عن طريق الصهاريج، من دون أن تمنح عائداتها للحكومة العراقية، متوقعاً ألا يتحمس الجانبان لإعادة ضخ الإنتاج عبر هذا الخط.

ويلفت إلى أن العراق يعمل على تأهيل خط جديد يمتد لتركيا، وقد يستخدمه قريباً للتصدير، مستدركاً أنه: «في حال استعادة العراق طاقتها الإنتاجية، ولم تُوضَع قيود من أوبك، قد تكون جهود عودة العراق وأربيل لاستئناف عمل الخط مجدية».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC